| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الثلاثاء 4/5/ 2010



محاولات التوحيد المعمد بالدم

مصطفى محمد غريب

عندما سقط حكم البعثصدامي بالاحتلال الذي كان هو السبب المباشر لحدوثه استفاق العراقيون أو أكثر من 90% منهم من صدمة القائد الملهم صاحب عشرات أسماء التعظيم والحكم الدكتاتوري الفردي العشائري والمخابرات والأمن العامة والخاصة وفدائي صدام ومنظمات الحزب المنتشرة في كل مكان، أي أنهم عادوا يستعيدون ثقتهم بان هذا النظام وهذا الحزب أصبح من مخلفات الماضي ولن يعود للساحة السياسية إلا إذا جرت مراجعة شاملة من البعثين لمسيرتهم ومسيرة قادتهم وصححوا وضعهم وأدانوا القيادات إلى زجت العراق في حروب خاسرة آخرها الحرب الأخيرة ودفعت أكثرية الشعب جزيتها من القتلى والمعوقين والأسرى والمشردين وأدانوا أيضا الجرائم التي اقترفت بحق الشعب بما فيها الأنفال واستعمال الأسلحة المحرمة دولياً والمقابر الجماعية وغيرها من المآسي التي لحقت بشعبنا وقواه الوطنية . إلا أن ذلك لم يحصل بل حصل العكس تماماً وبهذا أصبح تقييمهم كحزب سياسي خارج المألوف أي انتقل حزبهم بعد انشقاقه إلى منظمتين متصارعتين على التركة المالية والقيادية لكنهما في الوقت نفسه انزلقتا إلى الأعمال الإرهابية والتعاون مع القوى التكفيرية والمليشيات المسلحة، هذه التوجهات وبحجة محاربة الاحتلال والحكومة العملية دفعت القوى الطائفية إلى مواقع الانعزال والاستئثار بحجة أن التكتل المعادي للعملية السياسية له توجه طائفي أيضاً وفي خضم هذا الصراع وبعد انسحاب القوات البريطانية ثم الأمريكية من المدن أخذت الجرائم الإرهابية تطال المواطنين الأبرياء ولم تخسر القوات الأمريكية بالمقارنة مع السابق إلا النزر والنزر القليل جداً وثبت أن القضية برمتها ليست قضية الاحتلال أو الحكومة العميلة بل معاقبة الشعب العراقي لأنه رفضهم وإلا ماذا يفسر بلد يحتل من قوى أجنبية أمام أنظاره ولم يحرك ساكناً للدفاع عنه ! وقد يذكرنا هذا الموقف بموقف أكثرية الشعب الإيراني على الرغم من رفضها لحكم الملالي بعدما سرقت الثورة لكنها توجهت للدفاع عن إيران بعدما شن النظام العراقي السابق الحرب عليها واحتل البعض من أراضيها، ومن هنا يعكس مدى كراهية أكثرية الشعب العراقي لنظام البعثصدامي الذي عكس سلبية الدفاع عن الوطن انتقاماً من نظام حكم 35 عاماً بالدم والحديد والحروب.

السنين التي تلت السقوط كشفت المزيد من دموية البعثصدامي وأظهرت أن هذا الحزب لا يهمه مصلحة الشعب أو الوطن بقدر اهتمامه في الهيمنة على السلطة، وفي كلا الحالتين بقى هاجسه الانتقام بحجج عديدة وشعارات فضفاضة ونهج مغاير للادعاءات عن القومية والأمة والوطنية والاشتراكية والوحدة والقضية المركزية بل العكس فقد كانت مسيرته في الحكم ضد كل ذلك، واليوم وبعد الانشقاق توصل قيادي المنظمتين أنهم بعيدين عن السلطة بُعد السماء عن الأرض وصدقوا أن الانشقاق هو السبب وعليه ومن اجل السلطة نفسها بدأت عمليات المهادنة والمراوغة من قبلهم بضرورة وحدة الحزب وأعلن جناح يونس الأحمد على لسان غزوان الكبيسي نائب الأمين " أنهم لمسوا تجاوباً من جناحيَ الحزب للقاء بهدف إعادة توحيده وإذا تم هذا اللقاء وحصل اتفاق يمكن أن يعقد مؤتمر قطري للحزب " وخلال تصريحاته يجد المرء على الرغم من البهلوانيات والحديث عن عدم وجود خلافات حول القيادة أو خلافات عقائدية أو مبدئية والكثير من الكلام المنمق وهذا هو معدنهم لم يتغير عن السابق حينما كان الكذب والدجل وتشويه الوقائع يسودان علاقاتهم الداخلية والخارجية وإذا ما رجعنا إلى بداية الانشقاق ودققنا ما قاله ممثلون عن الجناحين ضد بعضهما البعض لوجدنا الاتهامات المتبادلة " تشيب رأس الوليد وفيها من الاتهامات بالعمالة والتجسس والخساسة الشيء الكثير " ولو قارنا ما بين الخطاب السابق الذي كان معتمداً من قبل رأس النظام أو القيادة الحزبية وبين الخطابين للجناحين الحاليين لما وجدنا أية اختلافات جوهرية إلا في بعض المفاصل فيما يخص السقوط ودعوى الاحتلال والتركة المالية المسروقة من قوة الشعب، وقد يتذلل ذلك بالعودة للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية مثلما سبق من اجل العودة للتسلط مرة أخرى وتذوب جميع الاتهامات وتنتهي كل الخلافات في سبيل السلطة.

إن السنين السابقة المعمدة بالدم وما لحقها من اتساع خلال السبعة سنين الأخيرة ستتجدد بالدعوة للتوحيد بعد فشلهما في تحقيق انتصارات على الساحة السياسية العراقية، والتوحيد بمعناه وهدفه ليس كما يتصور البعض بأنه إنهاء الصراع حول القيادة والزعامة أو من اجل توحيد الجهود للتخلص من الاحتلال (وظهر أنهم يعاقبون الأبرياء بهذه الحجة ) وحسب ادعاءاتهم بأن الحكومة عميلة والمشاركين في العملية السياسية عملاء!! بل التوافق لتقاسم الأدوار واتساع العمليات الإرهابية وتنظيمها والتخلص من الثنائية وتوحيد الجهود من اجل الدعم الخارجي المالي والسياسي الذي بدأ بالتراجع في الفترة الأخيرة بسبب الخلافات بين الجناحين والاندحارات التي طالت القوى التكفيرية وفي مقدمتها القاعدة.

إن التوجه للتوحيد لن ينقذ العداء والصراع الكامن بين الطرفين وقد يؤجل إلى حين، فضلاً عن إقامة جبهات ما يسمى بالمقاومة العراقية وتضخيمها، لكن يبقى الوضع الداخلي والعلاقة بين الأطراف والكتل هو الأكثر حسماً في النجاح أو الفشل.

1 ــ ضغوط خارجية من اجل التوحيد حتى لو كان شكلياً بسبب إشكاليات وتعقيدات نتائج الانتخابات والاتهام بالتزوير وتشكيل الحكومة الجديدة بعدها والخلافات بين الكتل وبخاصة دولة القانون بقيادة المالكي والعراقية بقيادة علاوي

2 ــ عجز الجناحين من إحراز أي تقدم سياسي أو عسكري أو جماهيري إلا اللهم زيادة قتل العراقيين عن طريق الانتحاريين وتفخيخ الأماكن والبيوت والعمارات والتفجيرات والعبوات الناسفة والاغتيالات وغيرها مما جعلهم مكشوفين أمام أكثرية الشعب العراقي بحيث استرجعت الذاكرة العراقية حمامات الدم في زمن سلطتهم وبين حمامات الدم الحالية .

3 ــ في رأي كل الذين يناصبون العداء العملية السياسية وبالضد من نجاحها على أساس ديمقراطي ووطني ومن بينهم بالطبع القوى الطائفية في كلا الطرفين وقوى مشاركة في العملية السياسية التي تحاول تضخيم قوة البعث وإمكانيته في حدوث انقلاب سياسي أو عسكري، أن حزب البعث هو حصان طروادة الجديد الذي يستخدم ولكل طرف مخططاته وأهدافه وأساليبه، لكن الذي يغيب عن بال هؤلاء أن هذا الحصان مكشوف واستخدامه مكشوف أيضاً

4 ــ نهج وسياسة الأحزاب والكتل المهيمنة على السلطة البعيد كل البعد عن ممارسة الديمقراطية والوقوف بالضد من سن قوانين عادلة والتراجع عن جوهر المصالحة الوطنية والمسك بالسلطة وكأنها ملك موروث لهم والصراع اللامبدئي على الكراسي من خلال تزوير الانتخابات وسن قانون انتخابي أعرج استغل لتمرير التجاوزات والتزوير لصالح الكتل المهيمنة فضلاً عن الأموال الطائلة التي وزعت لشراء الذمم وخداع الناخبين

5 ــ تبعية البعض من الأحزاب والكتل الدينية السياسية لقوى خارجية تحاول أن تتدخل في الشؤون العراقية وهو ما حدث ويحدث وبالوقائع المادية الملموسة، واستمرار التدخل الأمريكي المباشر وغير المباشر.

6 ــ فضائح الفساد المالي والإداري التي أزكمت الانوف وعدم تفعيل القوانين الرادعة لا بل الالتفاف عليها وتبرئة الفاسدين.. بالإضافة إلى قضايا أخرى لا مجال لذكرها.

إن الإخطار التي تحيط بالعراق وبالشعب العراقي مصدرها الأساسي الإرهاب والمليشيات المسلحة الطائفية، والصراع اللامبدئي بين الكتل والأحزاب المهيمنة من اجل الاستحواذ على المناصب والكراسي وتبني سياسة لا تتسم بالعقلانية والإيغال في الطائفية السياسية لإلغاء الآخرين وتحجيم القوى الوطنية والديمقراطية والموقف العدائي منها وان لم يظهر للعلن كما في السابق لكنه يتحين الفرصة تلو الفرصة للمضايقة بواسطة القرارات والقوانين والتوجهات من قبل البعض من المسؤولين الكبار في الحكومة أو البعض من مجالس المحافظات للضغط على المواطنين وحرياتهم ، وإلا كيف يمكن تفسير تصريحات البعض من المسؤولين في الحكومة والأحزاب والكتل المهيمنة على السلطة حول عدم اجتثاث الشيوعيين العراقيين وهم لا يقلون خطورة عن البعثصدامين والمحاولات الخسيسة للمساواة بين الضحية الذي قدم التضحيات الجسام ومئات الشهداء الابراء وبين القتلة والمجرمين أصحاب الحروب والمقابر الجماعية والأنفال والأسلحة المحرمة دولياً، ألا يدعو هذا التوجه المريض بالعداء لكل الوطنين والديمقراطيين إلى التساؤل :

- لماذا هذه التصريحات وإثناء قرارات هيئة النزاهة وقبل الانتخابات بفترة قصيرة؟

-
أليس ذلك دليل آخر يضاف إلى عشرات الأدلة بان المرض الخبيث ما زال ينخر عقول البعض الذين يدعون بالديمقراطية والحرية والشفافية لا بل قبلهما بالوطنية والمواطنة واحترام حرية الرأي والرأي الآخر؟

- ثم من يعتقد أن التوجه للتوحيد لصالح العراق والعراقيين لكي يباركوه؟وباعتقادنا أنهم وأنصارهم يعرفون جيداً معادلة الرفض من الأكثرية التي تدرك أن التغيير بعيد كل البعد والنهج المعمد بالدم هو النهج نفسه وبدون أي تغيير!









 

free web counter