| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

السبت 3/1/ 2009



انتخابات المجالس محك حقيقي لمعرفة قدرة الجماهير والقوى
الوطنية والديمقراطية

مصطفى محمد غريب

إن انتخابات مجالس المحافظات تعتبر بمثابة اختبار للقوى المشاركة فيها ولجماهير شعبنا العراقي التي قدرت بـ (13) مليون عراقي سوف يصوتون لـ ( 14300 ) مرشحاً في عموم العراق يتنافسون على ( 440 ) مقعداً في المحفظات العراقية المختلفة كما خصص ( 6300 ) مركز انتخابي حيث يشارك في هذه الانتخابات ( 36 ) ائتلاف و ( 401 ) كيان سياسي و ( 11 ) كيان خاص بالأقليات في العراق هذه الأعداد الغفيرة من المواطنين المدركين إضافة إلى المراقبين التي سوف تشترك في هذه الانتخابات دلالة على مدى أهمية الانتخابات التي تعد بأهمية الانتخابات البرلمانية عدداً وعدة وتأثيراً على سير العملية السياسة وتخليصها من المحاصصات أي نوعها وتكون قاعدة متينة لإعادة بناء الدولة العراقية ومن هنا نستطيع القول إذا ما نجحت العملية ووفق معايير النزاهة وعدم التدخل في سيرها فان عهداً جديداً من الثقة يتجدد بقدرات شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية التي دعت باستمرار إلى الممارسة الديمقراطية والشفافية بدون تأثيرات خارجية سياسية أو دينية أو طائفية واستطاعت أن تبلور موقفاً وطنياً بعدم استعمال الرموز والمرجعيات الدينية في سير الدعاية الانتخابية وهو بحد ذاته يعد انتصاراً رائعاً لتوجهاتها العلمانية وقفزة نوعية لتخليص شعبنا من التأثيرات وجعله يتوجه لصناديق الاقتراع في هذه الانتخابات أو أية انتخابات قادمة بحرية تامة وبوعي انتخابي جديد سوف يتعمق من خلال الممارسة العملية وتدقيق الوعود التي أطلقتها الكتل والكيانات السياسية والدينية وكيف جرى تطبيقها على الواقع الحي الذي تعيشه الجماهير وبخاصة الكادحة منها وبعد هذا الإنجاز بمنع استخدام الرموز والمراجع الدينية في الدعاية الانتخابية التي طالبت جماهيرنا تجعلنا نثق بقدرات شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية التي تهدف إلى بناء الدولة العراقية على أسس ديمقراطية تتساوى فيها حقوق المواطنين كافة دون تميز ما بين مكونات الشعب العراقي.

في الجانب المعاكس نجد البعض من القوى لها وجهات نظر مختلفة ، ففي نظر البعض يرى أن هذه الانتخابات ليست لها أهمية سيان نجحت أو فشلت ولن تقدم لا خيراً ولا شراً ولن يكون لها تأثيراً مهماً على عملية بناء الدولة ومؤسساتها وتخليص البلاد من التأثيرات الخارجية، وفي نظر البعض أن هذه المجالس ستنتج حتماً الأشخاص أنفسهم وان بدلت أشكالهم وأسمائهم وسوف تقوم الكيانات ولاسيما السياسية الدينية الطائفية بفرض ممثليها بطرق عديدة من بينها استغلال الرموز والمرجعيات الدينية والطائفية حتى على شكل توجيهات سرية، وفي نظر البعض أن انتخابات في ظل القوات الأجنبية باطلة وغير شرعية وهم يريدون الانتظار لحين خروج هذه القوات!! وفي نظر البعض أن هذه قضية ثانوية لا تستحق الاهتمام الزائد وهناك قضايا ساخنة يجب الالتفات لها بدلاً من هذه الضجة التي تخدم سياسياً البعض من الذين يشاركون في العملية السياسية، لكن البعض يرفض العملية السياسية بأكملها ولهذا لا يهتم بها بما فيها ويستخدم مختلف الأساليب بدءً من التهديد والقتل والتفجير تحت طائلة الاحتلال والحكومة العميلة، حسناً سوف نأخذ كل ذلك في الحسبان ولن نحاول مناقشة الآراء والأفكار بقدر قولنا أن هناك وجهة نظر تختلف جذرياً عن ذلك ونراها أكثر واقعية ومنطقية ونعتقد أن مشاركة القوى الوطنية والديمقراطية والجماهير في انتخابات مجالس المحافظات ومهما قيل فهي مهمة نضالية وصراع سياسي وفكري وعملية تدريبية وتعليمية لتعميق مفهوم الديمقراطية واحترام الرأي الآخر وهي تجربة تنقل الوعي الاجتماعي الانتخابي خطوات إلى الأمام لم تمارسها الجماهير لسنوات عديدة ومن يقل أنها مارستها في السابق وبخاصة خلال ( 35 ) سنة من سلطة البعث العرقي فهو لا يستطيع خداع الجماهير بل يحاول أن يخدع نفسه، ولهذا فإن هذا الشكل من الحرية والانفتاح والمشاركة الواسعة يجعل الرهان قوياً على قدرات شعبنا بالتصدي لإفشال أية محاولة تسعى العودة إلى الوراء والسير بالعملية الديمقراطية بدون تراجع وهو أمر بالغ الأهمية، ومن ناحية ثانية ووفق انتخابات حرة ونزيهة والوقوف ضد أية خروقات لتوصيات وقرارات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على القوى الوطنية والديمقراطية معرفة قدراتها وإمكانياتها ومدى نجاح سياستها وصدق شعاراتها والقبول ببرامجها في وسط الجماهير وهي قياساً من الممكن الاعتماد عليه لمعرفة قوة وفاعلية هذه القوى على عموم الساحة السياسية في البلاد التي تراهن على جماهير شعبنا وقدراتها بعد خمس سنين عجاف من التجارب في مجالات عديدة اقتصادية وسياسية وثقافية ومعيشية وخدمية وصحية .. الخ وهذه المشاركة أيضاً تدل على مدى تفهم الواقع العراقي وظروفه الراهنة وما هو المطلوب مستقبلاً ممن القوى الوطنية والديمقراطية ورفض الانعزال وترك الساحة والجماهير تحت تأثيرات غير صحية تضر مصالحها مثلما كان الحال سابقاً فكلما كانت القوى الوطنية والديمقراطية مندمجة وممتزجة ومؤثرة وتعمل بشكل نشيط لتعبئة الجماهير وقيادتها كلما كان تأثيرها عليها أفضل من خلال تحسسها بضرورة حماية مصالحها الحقيقة ورفع الغشاوة عن أعينها وجعلها تخوض عمليات الصراع وهي مدركة وواثقة بالقوى التي تتوجه لانتخابها، والقوى الوطنية والديمقراطية المشاركة في الانتخابات تعتبر مشاركتها معركة سياسية وفكرية وبخاصة انفراد برامجها وتوجهاتها ودعوتها الصريحة إلى ترسيخ الهوية الوطنية بالاعتماد على المواطنة العراقية والكفاح من اجل السيادة الوطنية والاستقلال الكامل وقيام الدولة المدنية الديمقراطية، أما الانعزال والابتعاد عن المشاركة فهو يعد بحق موقفاً متطرفاً لا يخدم أية قوة وطنية أو ديمقراطية وبالتالي يضر بمصالح الجماهير ويجعلها تحت رحمة القوى التي لا تؤمن بالطريق الديمقراطي أو القوى السياسية الدينية التي تهدف إلى قيام الدولة الدينية .

إن انتخابات مجالس المحافظات تجربة جديدة وهي الثانية في وقت قصير وظروف بالغة التعقيد تمر بها البلاد كما أن الممارسات اللاقانونية واللاشرعية التي يقوم بها البعض مدفوعاً أو بدون وعي لتمزيق الملصقات الانتخابية أو ضع ملصقات أخرى فوقها أو إتباع طرق مخالفة لتوصيات وقرارات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إنما تدل على تدني الوعي الانتخابي المنافس الذي يرى في المنافسة جريمة يجب أن يعاقب وفق قوانين قرقوشية أو عشائرية ولهذا يجب أن تبذل مساعي غير قليلة للحيلولة دون ذلك ليس بواسطة الشرطة والجيش والمؤسسات الأمنية فحسب إنما تبذل جهود متواصلة وحقيقية لجعل القوى المنافسة قبل المواطنين العراقيين إدراك بأن المنافسة الحرة والنزيهة هو المقبولة التي سترفع من همة شعبنا نحو استكمال الاستقلال الناجز وتؤكد للذين تعميهم الشعارات الفضفاضة والغوغائية والمتطرفة بأن وقت الهيمنة والتفرد يجب أن ينتهي وعليها القبول بمبدأ التداول السلمي في اصغر وحدة انتخابية إلى أعلاها وهي انتخابات البرلمان وبذلك نستطيع تدارك الكثير من الأخطاء والتجاوزات وهي مسألة تحتاج إلى وقت ليس بالقصير مثلما نفهم.






 


 

free web counter