| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأربعاء 3/11/ 2010

 

الاغتيالات المنسية للمثقفين الوطنيين والديمقراطيين

مصطفى محمد غريب

العودة لموضوع اغتيال الشهيد كامل شياع والدعوة للكشف عن القاتلين المجرمين الذين اغتالوا هذا المثقف التنويري والداعي إلى المشروع الثقافي الوطني التقدمي بكاتم الصوت الذي ظهرت ممارساته على العلن نجددها مرة أخرى بعد الكم الهائل من المطالبات من قبل جمهرة من المثقفين والآلاف من أبناء شعبنا الذين رفعوا أصواتهم بضرورة الكشف عن ملابسات الاغتيال والجهات التي تكمن خلفها وهي معروفة ليس لدى المؤسسات الأمنية الحكومية فحسب بل حتى الذين تابعوا مسلسل الاغتيالات بكاتم الصوت وطالبوا الحكومات العراقية وأجهزتها الأمنية بالكشف عن التحقيقات الجارية ونتائجها حسب ما وعد المسؤولين .

لسنا في ضبابية مطلقة لكي لا نعرف ماذا يجري ومن هم خلف هذه الاغتيالات واتهام القوى التكفيرية وارد ولكن لا تستبعد هذه الاغتيالات عن أهداف المليشيات المسلحة ذات الفكر الظلامي الرجعي الممولة من الخارج، كما أن هناك مافيا تتعامل مع هذه الاغتيالات وفق تنسيق مسبق بينها وبين أطراف تدفع أثماناً لهذه العمليات مثلما كان الحال لعمليات الاختطاف وتحويلهم إلى رهائن وتداولهم كبضائع لها أثمان مسبقة، نعود لموضوع كاتم الصوت الذي أصبح علمٌ فوقه نارُ فنجد ومنذ أن أعلن عن ضحاياه وكأننا أمام طلسم عجيب مغلف بالسرية المطلقة فلا التحقيقات أخبرتنا عن الفاعلين أو أسماء الجهات الداخلية والخارجية، ولا التحريات أشارت عن وجود أسماء مجرمين لديها اعترفت بوقائع الاغتيال والضحايا الذين تساقطوا واحد بعد الآخر وأكثرهم من المثقفين والوطنيين المخلصين، بينما تنشر البعض من التصريحات وتتناقلها وسائل الإعلام وهي تتحدث عن الاغتيالات لهذه الشخصية أو تلك بكاتم الصوت وإعلان العثور على أسلحة كاتمة للصوت معدة للاغتيال، وفي آخر خبر اطلعنا عليه في وسائل الأعلام يقول " التحقيقات تكشف تورط جهات أجنبية في عمليات الاغتيال بكواتم الصوت" وعلى عاتق قيادة عمليات الرصافة وقائدها الفريق الركن عبد الكريم العزي فإنها ألقت القبض على تسعة من منفذي " جرائم الاغتيال باستعمال الأسلحة كاتمة الصوت خلال الأشهر الماضية" وأكد أن هؤلاء اعترفوا بجرائمهم، كما تم العثور على (14) مسدساً كاتماً في منطقة الاعظمية وعشرات من الكواتم في مناطق متفرقة أخرى.

إننا لا ننكر جهود المخلصين الذين يجاهدون للقضاء على المجرمين والإرهابيين والمليشيات الخاصة التي ترتدي الملابس العسكرية للقيام بأعمالها الإرهابية ولكن لنا الحق في التساؤل ، من هي الجهات الأجنبية الداعمة لهذه الأعمال الإجرامية القذرة ؟ ولماذا لا يعلن عنها بشكل صريح ودن خوف أو وجل ؟ هل هناك علاقات من تحت الغطاء مع هذه الجهات الأجنبية لكي يستمر التستر عليها ؟ ومن هم هؤلاء الذين يقومون بتنفيذ هذه الاغتيالات التي ذكرتها وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين في كثير من المناسبات خلال السنين المنصرمة بأنهم القوا القبض على العديد منهم؟ وما هي الاعترافات التي قدموها بالنسبة لأسماء الدول الأجنبية أو الجماعات التي ينتمون لها أو أسماء من اغتالوهم؟ وهل من المعقول وعلى الرغم من المطالبات أن تبقى قضية اغتيال المثقفين بدون نتائج لكي يحال المجرمين الفعليين إلى العدالة لينالوا عقابهم القانوني؟ لماذا ولحد هذه اللحظة الراهنة وعلى الرغم من مرور أكثر من سنتين لم يجر الكشف عن الجهة أو المنفذين حول الحيثيات ونتائج التحقيق في قضية اغتيال المثقف الوطني الديمقراطي كامل شياع؟ .

إن عمليات الاغتيال التي طالت مثقفين ومفكرين لم تعد سراً وهي موجهة بشكل دقيق ضد الفكر التنويري وأصحابه الذين يرون في المؤسسات الحزبية السياسية الدينية وسياستها الموجهة ضد الأفكار العلمية وتصميمها على إنجاح مشروعها الديني الطائفي واستمرار الهيمنة على الدولة خطراً على العراق ووحدة شعبه الرافض لكل أشكال القسر والظلم والطائفية البغيضة وبات واضحاً أن التخلص من الرأي الآخر بطريقة الاغتيال المباشر وبوسائط مختلفة نهجاً دأبت عليه الجماعات الموالية ،أو التي موجهة من قبل جهات أجنبية لإزاحة المعارضين الذين يقفون بالضد من التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي وتبقى هذه الاغتيالات طي الكتمان ومجرد اتخاذها دعاية إعلامية لها جانبين " الكشف والتهديد " الكشف لطمطة الموضوع، والتهديد لتخويف الذين ينتهجوا النهج المعارض والمخالف بأنهم سيلاقون المصير نفسه.

أن اغتيال كامل شياع المثقف التنويري الذي أصبح رمزاً ثقافيا وطنياً يمثل قمة العطاء الإنساني الوطني إنما يدل على مدى الحقد الظلامي الأسود ضد الفكر التقدمي التنويري الذي يرى في الإنسان وحقوقه المشروعة أساس لتطور الحياة وتقدمها، وعلى الرغم من الاستنكار الشعبي الواسع والمطالبة من قبل منظمات المجتمع الوطني والجمعيات الاجتماعية والثقافية بضرورة الكشف عن الجهات والمسؤولين عن الاغتيال لكن المطالبة كأنها الضرب على طبلٍ أجوف حيث بقت ، وكأن آذان الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية المسؤولة عن حماية حياة المواطنين طرشاء، مثلما حال الحكومات التي قبلها والتي أصابها الطرش أمام اغتيال المثقفين والإعلاميين والأكاديميين والعلماء وغيرهم من الشخصيات الوطنية المخلصة وفي مقدمتهم الشهيد سعدون عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وغيره من العلماء والمثقفين الديمقراطيين، وها هي السنين تمر بدون أية علامة من قبل المؤسسات الأمنية الرئيسية عن جدية التحقيقات ومواصلتها لكشف المجرمين الجناة، وعندها نقول جميعاً إن اغتيال كامل شياع هو اغتيال مخطط وموجه من قبل قوى معروفة على الساحة السياسية ولها دور في العملية السياسية لكنها في الوقت نفسه تمارس دوراً تخريبياً ومناوئاً للقوى الوطنية الديمقراطية وهذه الجهة معروفة بتوجهاتها واغتيالاتها كما هو الحال للمنظمات التكفيرية الإرهابية، إن الدعوة لمعرفة القتلة المجرمين ما زالت قائمة والتاريخ الذي يصنعه الناس سوف يضع علامة الإدانة بالخزي والعار لكل من مارس الجريمة ومن يقف أو يعرقل معرفة الحقيقة ولا بد أن تكشف مهما طال أو قصر الزمن .





 

free web counter