| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأحد 31/10/ 2010

 

لن تكون الطاولة المستديرة الحل الشافي

مصطفى محمد غريب

لا نعرف بالضبط إذا كانت الطاولة المستديرة ستعقد أم لا ... فهناك تجاذب بين الكتل والأحزاب الفائزة في الانتخابات الأخيرة، تجاذب وصراع علني ومستتر لتحقيق المصالح التي قامت عليها الانتخابات ثم نتائجها بفضل قانون الانتخابات المجحف، لكن الكثير من المراقبين للحالة العراقية الراهنة يترقبون ما تفضي إليه اجتماعات الكتل الأربعة الفائزة أو على الأقل ما سوف ينتج عن اجتماع الطاولة المستديرة التي دعا لها رئيس الإقليم مسعود البرزاني لإيجاد حل لتشكيل ليس الحكومة العراقية الجديدة فحسب بل التفاهم حول الرئاسات الثلاثة التي بات من المؤكد عدم تفاعل كل اللقاءات والاجتماعات السابقة التي خرجت على " فاشوش " مثلما توقعنا منذ أكثر من ( 6 ) اشهر واليوم اقطع يديَ من الكتف إذا نجحت الطاولة المستديرة بدون تقسيم يرضي الأطراف وليس له ارتباط بمصالح الشعب والوطن بل بمصالحهم التي وضعوها قبل كل شيء وإلا كيف يمكن تفسير مرور حوالي ( 8 ) اشهر والبلاد غارقة بالتكهنات وضرب الأكف ببعضها لا بل وصل الحد إلى الكفر من قبل الكثير من الناخبين في الانتخابات ونتائجها.

كل طرف من الأطراف رحب بمبادرة السيد البرزاني وهو يتحدث وبصوت عالي عن عقد الطاولة المستديرة باعتبارها قد تحقق الضمانة الحقيقية لشراكة وطنية وحسب ادعاء كل طرف بأنها الفرصة لتحقيق التوافق والتفاهم على تشكيل الحكومة والخروج من الأزمة " المفتعلة " ولم يسأل أي طرف منهم كيف ستنجح الطاولة المستديرة والاتهامات والتحريض الإعلامي قائم بين الأطراف وبدون انقطاع بين الكتل الكبيرة ! كيف ستنجح ومثلاً عضو دولة القانون النائب علي شلاه يبرر تقرير ويكيليكس بخصوص رئيس الوزراء المالكي وفرق القتل ( نعتقد أن هذا التقرير له أهداف عديدة وتوقيته يصب في الاتجاه نفسه وفائدته منتهية عند البنتاغون) وبردة فعل غير طبيعية غيرت ميزان البحث والتدقيق وبخاصة إقدام العراقية على جمع خمسين توقيع للتحقيق فيما نسبته الوثائق للمالكي فهو يصرح " بان السيد علاوي يدعم الإرهابيين " وكان من المفروض عليه وعلى كل من أخذته موجة الانفعال الطائفي والحزبي الضيق توضيح الحقيقة والمطالبة بتشكيل هيئة أو لجنة قضائية للتحقيق في الاتهامات وإظهار الحقيقة ومعاقبة أولئك الذين استغلوا مراكزهم ونفوذهم في الحكومة لان الدستور واضح فيما يخص تشكيل القوات الخاصة التي يجب أن تكون من موافقة البرلمان العراقي، كيف ستنجح وكل واحد منهم متمسك برأيه ولا يخلد للحوار الموضوعي الذي يقرب وجهات النظر ولا واضعين مصلحة البلاد فوق أية مصلحة أخرى.

أمام هذا الكم من الاستفسارات والأسئلة الكثيرة يبرز الاستنتاج التالي، أن الطاولة المستديرة لن تخرج بنتائج صحية تكون لجانب المصلحة العامة وإذا قدر لها أن تنجح فسوف يكون نجاحها التقاسم وفق الأغلبية السياسية وليس الشراكة الوطنية التي تعني التوافق ولا التربص بدلاً من التسامح والتعاون ليس بين الكتل فقط بل مع جميع الذين يريدون أن يكون العراق بلداً يحترم فيه القانون والدستور وتحفظ فيه كرامة وحقوق المواطنين، وإلا ماذا يفسر قول السيد المالكي وقبل هذه الطاولة وهو يعتمد قرار المحكمة الاتحادية حول عقد مجلس النواب جلسته " هذه الجلسة ستشهد انتخاب رئيس مجلس النواب الذي سيشرف فوراً على انتخاب رئيس الجمهورية والذي بدوره وفي نفس اليوم سيكلف رئيس وزراء الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة " كيف تسنى للسيد المالكي معرفة ما سوف يترتب على العملية السياسية إذا ما قاطعت كتل نيابية كبيرة كانت اكبر من دولة القانون حسب الانتخابات الأخيرة! ثم ما هي الضمانات التي يقدمها السيد المالكي عندما يصرح " عملية تشكيل الحكومة أصبحت الآن في الخطوة الأخيرة، ولا يمكن أن تمتد أكثر لأنها أصبحت قضية قانونية " كيف يمكن فهم خرق بنود الدستور بالطريقة التي خرقت أمام الجميع والادعاء بأن تشكيل الحكومة " أصبحت قضية قانونية "؟ لماذا أساساً لم تحترم بنود الدستور المعروفة في قضية عقد جلسات البرلمان وانتخاب الرئاسة ورئيس الجمهورية وبعد ذلك قضية التكليف ؟ أليس هذا هو الخرق القانوني ؟ أم لان القضية كانت تهدد وضع التكليف وإتمامه على أساس الفوز في الانتخابات وبعد تصديق المحكمة الاتحادية على نتائجها! أما مشكلة تشكيل الحكومة والتكليف فسوف تجابه قضية عويصة قد تخلق مشاكل مستقبلية وبخاصة إذا تم تشكيلها على أساس أغلبية سياسية وليس حكومة شراكة وطنية ولقد اشرنا وأشار الكثير من الحريصين على وحدة وأمن البلاد ضرورة الوصول إلى اتفاق وطني يخدم مصالح الشعب العراقي .

لا بد من إدراك حقيقة لا لبس فيها ، أن الصراع كان ومازال صراع من اجل السلطة والمصالح الحزبية الضيقة وبتحسس طائفي بدأ يظهر مع تلك المقولة التي قالها السيد المالكي بما معناها من " يكدر يأخذها حتى ننطيها" الجميع تحدث عن تجاوز محنة الاحتقان الطائفي والحرب الأهلية بين شعبنا العراقي وهذا صحيح جداً، ولكن هل انتهى التحسس الطائفي بين أحزاب الإسلام السياسي بشقيها داخل العملية السياسية ؟ لا اعتقد ذلك لان مفهوم السلطة السياسية اخذ يخضع لهذا التوجه بدون التأكيد العلني والاختفاء خلف شعارات وطنية ووحدة العراق ومصلحة الشعب بينما بقى التحسس الطائفي ينطلق على ألسنة ممثلي هذه الأحزاب والناطقين الرسميين الذين تحس بتوجهاتهم الطائفية وصراعهم مع بعضهم عندما تدقق الاتهامات والمطالبات والتخوف من الهيمنة بحجج الدستور المخترق والقوانين التي استخدمت للأغراض نفسها وليس كما يعلن عن التمسك بها وبالدستور.

الطاولة المستديرة مثلما أسلفنا إن عقدت فلن تكن الحل الشافي لردم النزاعات والخلافات بين البعض من الكتل وقد تكون مجرد خيمة للاتفاق الوقتي الذي سيؤمن لكل فريق مصالحه الحزبية والسياسية من خلالها وعند ذلك سيكون الخاسر الوحيد في هذه اللعبة شعبنا لان الجميع بما فيهم النواب الجدد قبضوا المليارات من الدنانير وهم جالسون في بيوتهم وأماكن راحتهم وسوف توزع المناصب بعد الاحتراب الطويل " ويا دار ما دخلك خير!! ".




 

free web counter