| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأحد 30/5/ 2010



سرقة الأصوات كسرقة قوة عمل الآخرين!

مصطفى محمد غريب

السرقة، هي السرقة على الرغم من جميع التحويرات والتشبيهات والتخريجات ومهما قيل عن الماضي عندما كانت السرقة " للحلال أي الماشية " والغزوات الجاهلية كانت تعتبر مشروعة، وثم بعد ذلك سرقة البنوك والمحلات التجارية والبيوت السكنية ، أما في الريف قبل عشرات السنين فتعتبر " مرْجلة " والرجل الذي يسطو على قرى غير قريته وسرق مواشيهم وحلالهم يعتبر شجاعا في عشيرته ، لكن الأمر بالحقيقة لا يتعدى كلمة حرامي يسرق مال الآخرين ويتجاوز على حقوقهم ويعتبر ملاحقاً قضائياً ودينياً، فالسرقة محرمة في جميع الأديان والقوانين الوضعية ولا تختلف السرقة من مكان إلى آخر في جوهرها على الرغم من اختلاف المظهر فالذي يسرق مال الآخرين بالسطو فهو لص يأخذ مال غيره الذي جمعه بتعبه وعرقه وعمله وهنا لا يختلف عما يسرقه الرأسمالي من قوة العمل وهي القيمة الزائدة والمشددة إلا أن القضاء والقوانين وحتى الأديان عندما تحاسب الحرامي العادي وتعاقبه حسب القوانين فإنها لا تحاسب الرأسمالي عندما يسرق قوة عمل الشغيل لا بل تعتبرها حلال وتنسبها إلى قوانين مؤطرة لصالح الرأسمالي باعتباره صاحب الثروة وصاحب السلطة وهو يستخدمها من اجل الربح الحلال!! أما العامل أو الكادح فهو راضي عما يأخذه بسبب الاتفاق بين الاثنين و قضية القيمة الزائدة التي تسرق من قوة عمل الشغيلة وجهدها ويأخذها الرأسمالي وكأنها أرباح درتها ثروته في مجال اقتصادي وصناعي معين، والقيمة الزائدة أو " فائض القيمة " قضية معقدة على فهم ملايين العمال والكادحين لكنها في الاقتصاد الرأسمالي بديهية باعتبارها السبب الحقيقي لتراكم وتضخم راس المال عند الرأسمالي ومضاعفته، وأصبح تدريجياً معروفاً بسبب نضال الشغيلة والقوى التقدمية وصراعهم ضد الاستغلال وجنى الإرباح الفاحش على حساب البشرية ومستقبلها، لقد أصبحت هذه القضية بديهية أي " السرقة " وباتت في العرف الحضاري تسمى الفساد وقد تعلل من قبل الكبار وتفبرك وتغطى بفساد آخر لكن الذي نحن بصدده رغم هذه المقدمة المملة قضية سرقة للأصوات، ففي السابق قد يصعب على فهم السامع عندما تقول له سرقوا أصوات محلتنا أو مدينتنا أو سرقوا صوتي وأصوات الناس، واقل ما يقوله السامع أو يفعله هزّ رأسه لكنه يضحك في سره إذا لم يستهزئ

- معقول تسرق الأصوات ؟ ثم بيش كيلو الصوت ؟ وهذا صحيح بكم كيلو الصوت في الأسواق الكبيرة والشعبية؟ .

لكن هذه الحالة التي عرفها الناس على مراحل جعلتهم يدركون ما معنى سرقة صوتهم وفهمها بعمق المفكرين والباحثين بأنها لا تقل أهمية عن سرقة قوة عمل الشغيل الذي يستعمل يديه والذي يستعمل فكره فالأولى لجني الأرباح والثانية لجني الكراسي التي تؤدي إلى أرباح ولكن من نوع خاص ، مثلاً جني كرسي في المجلس النيابي يوصلك لاستلام منصب حكومي كبير أو وزاري أو مساندة أصحاب الأموال في دعم شركاتهم ومقاولاتهم ومشاريعهم وأخذ المقسوم الذي يأتي بدوره وبطرق عديدة من قوة عمل الشغيل ومن القيمة الزائدة بالتأكيد، وهذا المقسوم أي القومسيون عبارة عن سرقة.

إذن هكذا السرقة هي السرقة ولا تختلف عن بعضها في الجوهر بأنها استيلاء على ما ليس لك به حق وبأشكال تحت مظلة القانون أو خارج نطاقها، فهي تؤدي إلى الهدف المراد تحقيقه وهو الفائدة غير المشروعة في العرف الحضاري وان عللت بالقانون الوضعي، ولهذا عندما ستصادق المحكمة الاتحادية العراقية على نتائج الانتخابات يعني بالقلم العريض على صحة الأصوات واعتبارها غير مسروقة فهي تتحمل أزر قضية العدالة المنكوبة ويجب أن تُلاحق بالقانون الذي تعتمده في محاسبة الفساد المالي والإداري المنتشر في العراق والذي جعل منه ثالث دولة في العالم يستشري فيها الفساد بعد دولتين أفريقيتين وهذا التصنيف جاء ليس من عندنا أو من القوى الوطنية والديمقراطية أو حتى المعادين للعملية السياسية إنما هو تصنيف عالمي " اللهم زد وبارك الفساد والفاسدين والمفسدين!! " سارقي قوت الشعب والكثير من أصوات الناخبين لأنهم ما زالوا يتمتعون بالوجاهة والجاه، وعلى ما يبدو أن الأكثرية من أبناء شعبنا المظلوم باستمرار في تشويه وعيه لم يستفيد من تجربة ( 35 ) عام من الظلم والسرقة والفساد والجاه و( 4 ) سنوات بعد الانتخابات التشريعية الأولى وأعطوا أصواتهم مرة أخرى بدون تدقيق وبدون حساب وما نراه من صراع على الكراسي بعد التزوير والتلاعب بالأصوات ينصب في خانة الفساد المالي والادراي وهو في المجرى العام الذي يُعرف بسرقة قوة عمل الآخرين وكلاهما فاسدين هدفهما واحد " جني الأرباح " وان اختلفت الأشكال.



 




 





 

free web counter