| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأحد 30/8/ 2009



القوى الوطنية الديمقراطية والمشاركة في الانتخابات القادمة

مصطفى محمد غريب

الدعوة لمقاطعة أو عدم المشاركة في الانتخابات غريبة بعض الشيء في ظروف التسابق على تحسين وضع العراق والتخلص من مشاكله وفي مقدمتها الاضطراب الأمني والفساد بكل أنواعه وبخاصة إذا جردت من ذكر الأسباب والدوافع وقد يخطر ببال البعض أننا ننطلق من الخواء أو الهواء أو لدينا تحفظات فقط وفعلاً لدينا تحفظات كثيرة على ما جرى من تزوير وتجاوز واستغلال المال العام والإعلام الرسمي وقانون الانتخابات غير المنصف وغيرها من المصائب التي أضرت البعض من القوى السياسية اشد الأضرار وكانت بلسماً مفيداً وشافياً للقوى التي تهيمن على القرار السياسي في الانتخابات التشريعية السابقة ومنها انتخابات مجالس المحافظات، كان يجب عدم المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات في ظل القانون الانتخابي المجحف ساري المفعول وبسببه وبسبب الإقصاء وبسبب الهيمنة وبسبب عدم تنفيذ الوعود والعهود وبسبب الرشاوى العينية والمادية وبسبب الوعود الدينية وبسبب القسم بالقران والعباس وأسباب أخرى مخالفة للأصول والقوانين الانتخابية بقت الأوضاع بشكل عام كما هي وخسرت القوى الوطنية والديمقراطية جهراً وعلناً أصوات ناخبيها تحت طائلة القانون المذكور ولم تستفد هذه القوى من تجربة الاحتواء، لكن حس المواطنين الأصيل وتفاعلهم مع المرحلة السابقة التي لم تكن خيراً ممن سبقتها فقد قاطعوها حسب البيانات الرسمية ووسائل الإعلام حوالي ( 49% ) من الذين يحق لهم التصويت وقد يكون الرقم مشكوكاً فيه فلنقل انه كان ( 45% ) وهو رقم مذهل لو فكرنا به وبكميته وأضفنا كمية الأصوات التي سرقت (عيني عينك وبقانون انتخابي) لتوصلنا إلى رقم يفوق ممن شاركوا فيها وقد يضحك الفائزون ومن ساعدهم مما نقول ونتكهن ونتوقع ولكن الأشد والأوسع ضحكاً أولئك الذين يعرفون أصول اللعبة وهم يخططون لتطويرها وفق قوائم انتخابية تتغير شكلاً ومضموناً تحمل في طياتها الوصول إلى الكرسي مهما كان الحال وهذه المرة كما سبقتها الدعوة للوطنية بدلاً من الطائفية بتغيير الأسماء والائتلافات، وعلى ما يبدو أن المطالبة بتغيير قوانين الانتخابات التشريعية ومجالس المحافظات أصبح في سلة المهملات بعدما أثيرت حوله الكثير من الاعتراضات والإشكالات هذا القانون هو علّة التزوير وضياع الأصوات وخسارة الذين يمثلون مئات الآلاف من أصوات المواطنين فإن لم تستطع القوى الوطنية والديمقراطية تدبير نفسها في إطار تحالف انتخابي له تأثير على الساحة السياسية ووفق برنامج واضح و تشريع قانون الانتخابات النيابية القادمة من أن لا يكون العراق عدة دوائر انتخابية تساعد الاستيلاء على أصوات المواطنين، بل أن يصبح التمثيل النسبي ودائرة انتخابية واحدة كحالة قانونية مما يحقق العدالة التي لا يغبن فيها أحداً، ونحن في مسعانا هذا لسنا متطرفين ولسنا نريد المزايدة أو الوقوف أمام طموحات المواطنين بل العكس من ذلك تماماً ودعوتنا هذه تدلل على إننا نهدف إلى تخليص العراق من الكثير من الشوائب التي لحقته بعد الاحتلال وسقوط البعثصدامي والحكومات العراقية التي تشكلت ومن بين هذه الشوائب ما لحق بقانون الانتخابات، بقاء الحال على ذلك الموال سوف يؤدي إلى تكرار النتائج غير الايجابية التي لحقت بالقوى الوطنية والديمقراطية في انتخابات المجالس ولكن هذه المرة ستكون أوسع واشد أمام المنافسة والصراع المستميت بين الأطراف التي تستأثر بإصدار القوانين والقرارات ولها الباع في أن تتغير نحو الأفضل أو تعرقل كي تستفيد وما دام الأمر فيه فائدة وربح للاستيلاء على أتعاب الآخرين بدون أي صراع أو جهد فإنها ستتبع الطريقة التي تراها مناسبة لها ومادامت النتيجة ستبقى ولن يجر أي تغيير عليها أي بالمعنى الواضح ( البقاء على القانون الانتخابي نفسه ورفض التمثيل النسبي ) فعلى القوى الوطنية والديمقراطية إذا لم تلملم نفسها في إطار تحالفي انتخابي قوي وموحد وله تأثير جماهيري والتي ترى نفسها قد تتضرر وتخسر مقدماً والأسباب التي جعلتها تخسر باقية على حالها دون تغيير بهدف الاستحواذ على أصوات ناخبيها، التأني ودارسة المشاركة في الانتخابات القادمة والإعلان عن ذلك مبكراً مع كشف الخلل وأسبابه أمام الجماهير وعدم التلكؤ لأن الخارطة السياسية ما زالت تعاني من خلل واضح في الرؤيا وتعيش ذبذبات وتغيرات قادمة كما أن القوى الوطنية والديمقراطية بشكل عام لا تمتلك طريقاً واضحاً لقيام تحالفات انتخابية لأسباب ذاتية وموضوعية فضلاً عن ضعفها في النشاط الجماهيري والابتعاد عن الجماهير ما عدا بعض النشاطات التي تتزامن مع أوقات الانتخابات والمناسبات بينما يحتاج ذلك إلى ديمومة مستمرة ونشاط متواصل من قيادة هذه القوى وقواعدها، والتأني في المشاركة هو الطريق الواضح والعَبّارة السليمة التي سوف تساعد هذه القوى على العبور والنهوض وإن تخسر وقتياً، والخسارة الوقتية محسوبة بعدم الاشتراك في الصيغة الخاطئة، والإعلان عن الموقف الواضح يعني أيضاً الاحتجاج على ما يدور في الانتخابات نفسها وهو مشروع ويؤدي إلى اصطفاف جماهيري واسع خلفها، وهما أمران يختلفان شكلاً وان أديا للنتيجة نفسها ـــ الأول: يبدو أنها خسارة مؤكدة بسبب القانون المذكور الذي ينص على تعدد الدوائر الانتخابية ورفض التمثيل النسبي ، وهذه الخسارة ستجعل مستقبلاً الابتعاد عن القوى التي خسرت ونكوص الجماهير والشعور باليأس والقنوط منها ـــ الثاني: إعلان المعارضة للقانون يحتاج إلى تحرك واسع بين الجماهير إعلامياً وميدانياً لتعزيز مواقع القوى الرافضة والمعارضة سياسياً في أواسط الجماهير وهو يفيدها حتماً في المستقبل وتستطيع أن تكون قوى وطنية معارضة ولكن بنهج سياسي إيجابي هدفها تخليص العملية السياسية من شوائبها وليس إرباكها أو إسقاطها، والهدف الاستراتيجي بناء الدولة على أسس وطنية وديمقراطية ، وقد يكون شفيعها عدم مشاركة واسعة من قبل الجماهير في الانتخابات النيابية القادمة كحال مجالس المحافظات وهو أمر مؤكد إذا بقيت الحالة كما كانت ولم يجر تغيير جذري عليها، فتجربة انتخابات مجالس المحافظات وتدني المنتخبين فيها إلى حوالي النصف هو احتجاج على ما جرى ويجري من تهميش وتجاوز على حقوق الناخبين ثم عدم تنفيذ تلك الوعود البراقة في قضايا الأمن والفساد وتحسين واقع الجماهير المزري واستمرار البطالة وارتفاع الأسعار ( مقارنة الأسعار بين 2006 وبين 2009 يثير الاستغراب والاستنكار ) لقد جربت القوى الوطنية والديمقراطية مرحلتين من الانتخابات على ضوء القانون المذكور أعلاه وهي تعرف بالتأكيد من تجربتها وتحالفاتها كم غُبِنت وظٌلمت جماهيرها ولا تحتاج إلى تجربة قاسية مرة أخرى بل تحتاج إلى تصعيد الحملة الإعلامية والجماهيرية وحشد منظمات المجتمع المدني من اجل تعديل قانون الانتخابات وإذا لم تتكلل جهودها بالنجاح لتعديل القانون وبقت القوى وبخاصة الدينية السياسية على موقفها الرافض الذي يخدم مصالحها الضيقة فيجب إعلان الموقف الواضح من القانون المذكور والانتخابات القادمة ونقد الشوائب والسلبيات بشكل ايجابي الهدف منه البناء وليس الهدم والتخريب، المواقف والقرارات الصائبة كفيلة بتخطي الصعاب وتحويلها إلى ممكنات النجاح ووفق الظروف المستجدة وتفهم الواقع والخارطة السياسية وربطه بآليات جديدة تستطيع مجاراة عملية التطور والتجديد ووضع الحلول والشعارات التي تستوعبها الجماهير وتشارك فعلياً في الإنجازات وهو الطريق الصائب وليس البقاء في حالة من الانتظار وانتظار الوقت والاستكانة والخضوع لرغبات ذاتية قد تكون قاصرة مما يضر القوى السياسية وجماهيرها التي تهدف لتحقيق التقدم والازدهار للبلاد وللعملية السياسية التي تعاني من المحاصصة وسوف تعاني منها لمجرد التدقيق في الائتلافات الجديدة لخوض الانتخابات .



 


 

free web counter