| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأثنين 2/10/ 2006

 

 

هل سيكون جلال الطلباني آخر رئيس لجمهورية العراق الموحد؟ إذا لم!

 

مصطفى محمد غريب

حملت لنا وسائل الإعلام المختلفة قرار مفاجئ أعلنته الحكومة العراقية لحظر التجول لمدة 30 ساعة من يوم السبت المصادف 30 / 9 / 2006 وحتى صباح يوم الأحد 1 / 10 / 2006 كما لوحظ في الوقت ذاته وجود أجواء توتر وطوق امني محكم حول المنطقة الخضراء  وتصاعد مضطرد للاضطراب الأمني في العاصمة وفي العديد من المحافظات الأخرى ما عدا إقليم كردستان  وقدر لهذا الانفلات الأمني وبهذا الشكل الغريب دلالة على  أن هناك ضعفاً في  الشرطة والجيش الذي يقدر عددهما حسب تصريحات بعض المسؤولين بـ ( 500 ألف ) وقوات متعددة الجنسيات من تحقيق أي تقدم نوعي على ارض الواقع يكفل امن المواطنين ويحافظ على حياتهم وعموم القضايا التي تهم البلاد وبخاصة الاقتصادية والمعيشية،  وحرت إشارات حول إمكانية حدوث انقلاب عسكري سريع أو بطيء باعتباره الحل الأكثر  واقعية لعدم تقسيم العراق الذي هو مقسم على ارض الواقع فكل جهة تمتلك الميلشيات الخاصة بها تحتكر مناطقها وتطبق قوانينها حسبما تريد..   تضاربت التصريحات حول النقطة الأخيرة فقد أكد الائتلاف العراقي على لسان النائب عن الكتلة الصدرية بهاء الاعرجي بأن المعلومات المتداولة حول الانقلاب فرض أثرها حظر للتجول لها أساس من الصحة وهي رسالة واضحة بان البعثيين والتكفيريين مازالوا في أجهزة الدولة والمؤسسات الأمنية وبهذا الاتهام محاولة لإعادة الصورة القديمة للانقلابات التي حدثت سابقاً إلا أن العميد قاسم الموسوي الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة نفى اكتشاف خطة للانقلاب على حكومة المالكي تستهدف المنطقة الخضراء كما نفى موفق الربيعي وجود محاولة الانقلابية واعتبره مجرد " ضجيج إعلامي يهدف إلى زرع عدم الاستقرار"  وقد تكون العملية برمتها إشاعة يراد منها استغلال الفرص وزيادة البلبلة وحدة الصراع بين بعض الكتل في البرلمان وتبدو أيضا أن العملية السياسية  متعثرة يرافقها انهيار الثقة في الشارع العراقي  فيما يقال عن الخطط  وإنجازاتها وبخاصة الوضع الأمني، إلا أن الأخبار التي تسربت بعد ذلك أشارت إلى تسلل ارهابين بسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة وإمكانيات تؤمن لهم قيام عمليات التفجير في المنطقة الخضراء هي اقرب  للتصديق من الانقلاب المزعوم.. من خلف كل ذلك وما يحدث على ارض الواقع من تداعيات أمنية خطيرة جعل المواطنين يعيشون حالة من الخوف والرعب والتربص وهم يلزمون منازلهم وحتى هذه الأخيرة لم تعد توقيهم من زركات ممن يدعون أنهم شرطة أو من وزارة الداخلية أو جماعات مسلحة بمسميات مختلفة ومن قنابل الهاون آو بعض الصواريخ لتسقط على رؤوسهم وعائلاتهم مما جعل الكثير منهم وبخاصة  الذين لديهم إمكانيات مادية الانتقال إلى إقليم كردستان أو إلى خارج البلاد، فضلاً عن  تعقيد الظروف الاقتصادية والمعيشية جعلت من الحياة جحيماً وبخاصة عند الأكثرية من أبناء شعبنا، ثم نرى السعي الحثيث في طرح مشاريع تهدف ليس للاستقرار بل لزيادة الاختلافات والتطاحن والصراع بين كتل سياسية طائفية لكنها ظاهرياً تدعي بأنها ضد الطائفية إضافة إلى القتل على الهوية وفرق الموت وبقايا النظام السابق والتكفيريين وجيش المهدي والمليشيات المسلحة والعصابات المنظمة. أمام هذه الحالة والفوضى التي تغرق فيها البلاد وانتشار الفساد في أكثرية مرافقها فان قضية تقسيم العراق إلى فيدراليات طائفية ورقة رابحة بيد الساعين لهذه الفكرة ولا يخفون نواياهم بحجة حماية الشيعة أو عدم  تكرار عودة الدكتاتورية وراحت بعض الأصوات تعلنها صراحة بضرورة انفصال الجنوب والوسط وهم يحرضون على ذلك ضاربين المثال في إقليم كردستان وأمانه وتطوره مغيبين الحقيقة باختلاف الوضع والمكان والزمان بين هذه القضيتين المهمتين فالكرد  لهم تاريخ طويل في صراعهم مع كافة الحكومات التي تعاقبت على العراق وتطورت مطالبهم القومية المشروعة من الحكم الذاتي ثم مطلب الفيدرالية لخصوصية هذا الشعب  وباعتباره القومية الثانية في العراق..

قد يكون الوضع الأمني المضطرب والسيارات المفخخة والصراع بين المليشيات المسلحة والتكفيريين والبعثصدامي وقضايا أخرى دعت الحكومة إلى فرض حضر للتجول وقد تكون الأخبار حول الانقلاب لها علاقة بمخططات السيطرة على بعض المناطق في بغداد والمنطقة الخضراء لكن الانقلاب قد يكون صعباً بوجود هذا الكم الهائل من الجيش والشرطة العراقية وقوات متعددة الجنسيات لكن مجمل الوضع يبدو خطيراً للغاية  وقد يطرح سؤال مباشر وواضح : هل  سيكون مام جلال الطلباني آخر رئيس لجمهورية العراق الموحد؟ مثلما حدث لآخر رئيس جمهورية الاتحاد السوفيتي قرباجوف وهي مأساة دفع ثمنها شعوب الاتحاد السوفيتي كما نشاهده ونسمعه في الوقت الراهن .

 السؤال محيّر ومؤلم كما أن الجواب أكثر  صعوبة وأكثر تقيداً ويتطلب  تدقيقه  ملايين المرات،  لكن مثلما حدث في أماكن أخرى قد يحدث ذلك بغمضة عين.

 إذا لم  يجر تدارك الأمور وتصحيح الأوضاع وتحقيق الأمن للمواطنين ومحاسبة المسؤولين الذين تثبت إدانتهم في أعمال الفساد المالي والإداري أو أعمال العنف المختلفة ومن كافة الأطراف والضرب بيد من حديد على أيدي اللصوص والحرامية، إذا لم تجر تغيرات جذرية على بنية المؤسسات الأمنية لتكن عراقية خالصة لا تميل لأية جهة حزبية دينية أو طائفية أو سياسية وان تكون الوزارات ودوائر الدولة لكل المواطنين العراقيين بدون تمييز أو احتكار ومهما كان انتماء الوزير أو المدراء والموظفين فيها. إذا لم تجر معالجات سريعة لحل مشاكل الجماهير الكادحة في العمل وتحسين الخدمات ومنها الماء والكهرباء والمشتقات النفطية ... الخ. إذا لم يجر حل المليشيات المسلحة التي تعيث فساداً ودماراً وتتصرف وكأنها فوق القوانين. إذا لم تتفق القوى التي تقود العملية السياسية على الإسراع في استكمال بناء الجيش والشرطة والأدوات الأخرى ووضع جدول زمني لخروج القوات الأجنبية من البلاد. إذا لم تردم الهوة وعدم الثقة والتخلص من الاستئثار والتفرد ويضع الجميع مصلحة العراق فوق أية مصلحة أخرى سوف تحدث الكارثة كما حدثت لدول أخرى يعرفها الجميع وقد يخسر الجميع متساوين بنتائج الخسران المقيت.. والبقية أكثر إذا لم.....!