| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الجمعة 2/4/ 2010



لا توجد معالجة لظاهرة البطالة والأمية بشكل صحيح في العراق

مصطفى محمد غريب

تعاني المجتمعات الرأسمالية من البطالة بشكل دائم ومجرد متابعة نشرة منظمة العمل الدولية والمنظمات المهتمة بهذا الجانب سيجد المرء الأعداد والنسب الكبيرة تجتاح هذه المجتمعات والبلدان الرأسمالية وتصل في البعض منها إلى الملايين على الرغم من وجود نظام المساعدات الاجتماعية لشبه العاطلين عن العمل الذي هو في واقع الحال عبارة عن فتات لا تلبي حاجات الفرد العاطل أو الشبه عاطل عن العمل ولقد حاول منظرو الرأسمالية على امتداد عمرها وبخاصة بعد انتقالها من المزاحمة الحرة إلى إيجاد علاج لهذا الداء الذي يعطل قوى بشرية كبيرة عن أداء دورها الإنتاجي في المجتمع وجعلها رهينة للاستغلال والمزايدة باعتبارها احتياطاً أضافياً تهدد به العاملين وتمردهم أو رفضهم بواسطة التمردات الاجتماعية والاضرابات والاحتجاجات والمظاهرات حول الاستغلال وظروف العمل غير الجيدة وتدني الأجور وفرص العمل وتقليص المساعدات الاجتماعية في مجالات التربية والصحة والخدمات وفرض ضرائب تنهك الشغيلة بينما كبار الرأسماليين يتهربون منها بطريق احتيالي ووفق قوانين تسن لخدمة مصالح دهاقنة الرأسماليين وشركاتهم المتعددة الجنسيات وبواسطة العولمة الجديدة ولم تقتصر البطالة على الدول الرأسمالية فحسب بل هي موجودة أيضاً في الدول النامية والفقيرة وتكاد أن تكون اشد وأوسع منها في البلدان الرأسمالية لأسباب عديدة في مقدمتها اعتماد هذه الدول على الاستيراد وعدم تطور الصناعة الوطنية والزراعة المتطورة والافتقار لبرامج المساعدات الاجتماعية وبرامج معالجة البطالة فضلاً عن وجود الفساد الواسع النطاق والفاسدين المتربصين بالمال العام وقضايا سياسية أخرى وارتباطها بالحريات العامة والشخصية والديمقراطية والصراع على السلطة وتوريثها في الجمهوريات غير الملكية ولما لهذه الآفة " البطالة " من نتائج وخيمة فإن الظروف غير الطبيعية التي مر بها العراق يجعلها من أوليات الباحثين عن إيجاد حلول واقعية لكن ذلك كان يصطدم دائماً بالقوى التي تهيمن على مقاليد السلطة فإذا تابعنا العهد الملكي فإننا سنجد في الإحصائيات السكانية وجود ما بين ( 5 إلى 7 ) ملايين عراقي حيث تشير تقارير وأرشيف مكاتب العمل إلى وجود مئات الآلاف من العاطلين عن العمل وبخاصة العمال وفقراء الفلاحين وشرائح اجتماعية كادحة في الريف والمدينة وتصل الأمية عندهم حوالي 75% من مجموع القادرين على العمل والتعليم وعلى الرغم من التحسن النسبي بعد ثورة تموز 1958 لكن سرعان ما عاد التدهور وبخاصة عندما استولى الانقلابيون من البعث العراقي والجبهة القومية على السلطة في عام 1963 فعمت الفوضى في الكثير من مرافق الحياة وبدأت تتوسع دائرة الهيمنة الحزبية والصراعات على الكراسي ولم يكن عهد الأخوين عارف بأفضل منهما ما عدا توسيع مكاتب العمل وانشغالها بالإحصاء وإيجاد أماكن عمل للعاطلين بشكل جزئي وحتى بعد انقلاب 17 تموز 1968 وعلى الرغم من التحسن النسبي في الأعوام القليلة الأولى فان الحرب العراقية الإيرانية التي بدءها حزب البعثصدامي وسعت دائرة البطالة بسبب الأعداد الغفيرة من القوى المنتجة التي زجت في الحرب مما توسعت دائرة استغلال أيادي العمالة الوافدة من الدول العربية والدول الأخرى وقد عانى الشعب العراقي بعد حرب الخليج الثانية الكثير من ويلات الحصار الاقتصادي وعدم وجود فرص عمل واتساع البطالة والبطالة المقنعة وتدني الأجور والرواتب إلى أدنى مستوياتها وبعد أن أُحتل العراق واسقط النظام البعثصدامي الذي يتحمل نتائج هذا الوضع المأساوي بكل أشكاله فقد اتسعت البطالة وأصبحت تشمل قطاعات واسعة من الفئات الاجتماعية وتضاربت الأرقام على عدد العاطلين عن العمل وفي 18 / آذار /2010 أصدرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إحصائيات حول أعداد العاطلين المسجلين فقط في مراكز التشغيل في محافظة بغداد والمحافظات الأخرى وحددت الفترة ما بين 16/9/2003 حتى 31/12/2009 أشارت فيها إن " إعداد العاطلين المسجلين في مراكز التشغيل فقط بلغت مليون و ( 554)ألف و (39) عاطلاً " شكل الرجال منها مليون و(359) ألفاً و (453) عاطلاً ومن النساء ( 194) ألف و (586) عاطلة عن العمل وأشارت إحصائيات وزارة العمل عن تسجيل (153) ألفاً و(652) عاطلاً خلال عام 2009 وتدل الإحصائيات على الرغم مما ذكرته حول تشغيل العاطلين للفترة نفسها عن طريق مراكز التشغيل حيث قدروا بـ ( 229) ألفاً و(119) كانت حصة النساء المسجلات ( 16) ألفاً و(38) امرأة ومنذ الإعلان عن تشكيل الحكومة العراقية برئاسة علاوي ثم الانتخابات التشريعية والحكومة الثانية برئاسة الجعفري وبالتالي حكومة نوري المالكي لم تجر معالجات جدية للتخفيف من أعداد العاطلين التي شكلت ظاهرة توسعية إذا ما جرى متابعة ليس المسجلين في مراكز التشغيل فحسب بل العاطلين غير المسجلين فسوف نرى تضاعف الرقم وتذكر الإحصائيات أن البطالة تشمل 50% من مجموع القادرين على العمل وهي قضية خطرة تزيد من معاناة عشرات الآلاف من العوائل العراقية المحتاجة والفقيرة التي ارتفعت نسبة الفقر بينها بنسب كبيرة ولعب الفساد المالي والإداري دوراً تخريبياً واعتبر من الأسباب الرئيسية في ارتفاع معدلات الفقر حيث تم تحويل أموال المساعدات الاجتماعية الضخمة من أيادي العوائل الفقيرة إلى أيادي المفسدين الذين استغلوا الأوضاع وفوضى الاضطراب الأمني، أما الجانب الأخطر استغلال قوى الإرهاب والقوى الظلامية انتشار البطالة بين فئات الشباب فإذا تلازمت معها ظاهرة أخرى لا تقل خطورتها عنها وهي انتشار ألامية الواسع حيث أصبح يثير قلق المنظمات العراقية والدولية المهتمة بهذا المجال وفي مقدمتها اليونسكو التي قدرت وجود (6) ملايين أمي في العراق وتعد محافظة بغداد الأولى بين المحافظات فقد قدرت لجنة التربية والتعليم في مجلس المحافظة عدد العراقيين غير المتعلمين والأميين أكثر من مليوني شخص والأمية تعد مشكلة يعاني منها المجتمع وتداعياتها الكارثية على الوعي الاجتماعي وتتلازم ظاهرتي الفقر والأمية ويؤثر بعضهما على البعض فالبطالة والفقر تدفع عشرات الآلاف من الطلاب التسرب من المدارس والانخراط في البحث عن العمل وقد تكون هناك أعمالاً منافية للقوانين حيث تنتشر الجريمة والمخدرات وأشار القيسي رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة بغداد " إن عدد المتسربين من مدارس بغداد بلغ (36) ألف طالب وما يقارب (250) ألف خلال السنوات الأربع الماضية" وإذا ما دققنا في المحافظات الباقية سنجد الأعداد الهائلة من المتسربين وتتضح يوما بعد يوم الصورة البشعة التي يتم استغلال العاطلين والفقراء والأميين من قبل المنظمات الإرهابية والتكفيرية والمليشيات المسلحة التي تدفع لهم الأموال لممارسة الجريمة تحت تأثيرات دينية وطائفية وتحت يافطة محاربة الاحتلال وقد أكدت على هذا الجانب اعترافات العشرات ممن القي القبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية بان السبب الرئيسي لأكثرهم هي البطالة والفقر فضلاً عن الأمية المنتشرة بين الطبقات الكادحة والفقيرة وهم الأكثرية في المجتمع ومما يؤسف له لم نلاحظ إيجاد علاجات علمية ووفق برامج مرحلية للتخفيف من الظاهرتين إلا ما ندر وبأحادية غير مدروسة على مستوى البلاد ما عدا إقليم كردستان الذي تمتع بظروف جيدة بعد انتفاضة عام 1991ونجد أن عدم وجود التخطيط الصحيح والبرامج الوطنية التنسيقية بين الوزارات والدوائر الحكومية وتعطيل أكثرية المصانع والمعامل في قطاع الدولة والقطاع الخاص فضلاً عن الركود الاقتصادي والاعتماد فقط على صادرات البترول بجانبها سوء الإدارة وعدم التعاون مع منظمات المجتمع المدني والاتحاد العام لنقابات العمال في العراق والاتحادات النقابية المهنية سوف تستمر هاتين الظاهرتين ولن تعالجا من تبعياتهما ونتائجهما غير الطبيعية على المجتمع ولهذا يقع على عاتق الدولة وبخاصة الوزارات والدوائر العاملة في هذه المجالات مسؤولية وطنية خلق آليات جديدة للتخفيف من البطالة والتخلص من الفقر والأمية، وضع برامج علمية في مجال العمل والشؤون الاجتماعية والتربية والتعليم ومكافحة الامية بطرق حديثة وتشجيعية وبالضرورة مشاركة منظمات المجتمع المدني التي يهمها بناء دولة مدنية وعصرية تخلو من الامية والجهل والفقر والبطالة.






 

free web counter