| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الجمعة 29/8/ 2008



مسلسلات تلفزيونية لتغيب الواقع وتشويه الوعي

مصطفى محمد غريب

المسلسلات التلفزيونية ذات التوجه الاستهلاكي والتسويقي لأفكار هدفها تغيب الوعي تحمل معالم طبقة أو شرائح اجتماعية صغيرة تهدف إلى الربح عن طريق تشويه الواقع الاجتماعي الطبقي أصبحت ظاهرة منتشرة في أكثر بلدان العالم وهي مسالة طبيعية بعدما دخل جهاز التلفزيون إلى البيوت وبشكل واسع النطاق والمتابع لهذه الظاهرة يلاحظ أن الكثير من المسلسلات ذات الدراما الهابطة وبخاصة الأمريكية تتناول شريحة صغيرة في المجتمع الأمريكي لتصورها وكأنها حياة الشعب الأمريكي جميعه بينما الواقع الحقيقي لمسيرة هذه المسلسلات ومن هذا النوع الذي يشاغل الناس ويخدع وعيهم بنقل الخيال والفنتازيات وكأنه واقع ممكن تحقيقه بسهولة من قبل أي شخص وهو في متناول الجميع بينما الحقيقة هو شيء مغاير تماماً لحياة الملايين من الأمريكيين وبخاصة أكثر من ( 35 ) مليون يعيشون حياة صعبة على المعونة الاجتماعية الضئيلة والبطالة والتشرد والعيش في المجاري أما المسلسلات ومنذ مسلسل دلاس المشهور فهي تتحدث وتروي للمشاهدين رفاهية أبطال المسلسل المشهورين وسعادتهم ومعيشتهم الراقية اقتصادياً وفضائح أخلاقية كمثال زواج الأب من عشيقة ولده وبعد طلاقها زواجها من الابن نفسه ثم طلاقها وزواجها من أخيه الأصغر وتنقل النساء بين الأحضان وبطريقة مثيرة للتقزز وبعيدة عن مفاهيم الإنسان الحضارية والكثير من الموبقات الأخلاقية بهدف تفكيك المجتمع أخلاقياً وربطه بالعجلة الاستغلالية وروح المنفعة والراكض خلف الربح كوسيلة أخلاقية ملزمة وفق قوانين الرأسمالية وعدم التزامه بالقيم الإنسانية وبالعلاقات الطبيعية بين البشر كما تبين هذه المسلسلات شركاتهم التجارية والنفطية وسهولة الحصول على الملايين ونواديهم وباراتهم وسياراتهم ويخوتهم وخيولهم الباهضة الثمن وتعاملهم بالملايين من الدولارات وبيوتهم الواسعة المتخمة بالأثاث والتحف الغالية وسفراتهم إلى بقاع الدنيا وقد تطول هذه المسلسلات إلى مئات الحلقات ولسنوات طويلة كمثال المسلسل التلفزيوني " الجمال والقبح أو ما يسمى دارجاً كلامور " وغيره الذي يتناول شركات الأزياء وأصحابها والمصممين وعارضي الأزياء من النساء ودورهم وعلاقاتهم ومن هنا يجري ترسيخ القيم غير الجيدة والمنحطة وبتشجيع من الفكر الرأسمالي في المجتمع الأمريكي أو المجتمعات الأخرى وبهدف خلق وعي مؤطر بأطر الدعاية النفعية ومحصور بالقيم الاستهلاكية والزيف الموجه بان هذه المسلسلات وبشكل كاذب تدل على واقع المجتمع مصورة انه يعيش بالمستوى الراقي جداً وبدون فقر أو بطالة وإذا تناول المسلسل حالة فقير أو إنسان من خارج هذا الوسط الطبقي تفرضه متطلبات المسلسل فسرعان ما يضم إلى جوقة الأغنياء بمختلف الطرق والحيل ، ونستطيع تقديم شواهد عديدة وتعريفات كثيرة حول مستوى هذه المسلسلات والحوادث التي تتداخل فيها لكن الأهم كما يقال هو اجترار هذه الحوادث والتغيير في طريقة تقديمها وتناولها لقصص ومواقع الطبقات والشرائح الغنية صاحبة الشركات النفطية أو التجارية أو عروض الأزياء ،أما المسلسلات المصرية التي تتشابه مع هذه المسلسلات الأمريكية والمكسيكية وبعض دول أمريكا الجنوبية فهي على الرغم من قصر حلقاتها عددياً ربما لا تتجاوز ( 30 ) حلقة فقد اتجهت الاتجاه نفسه لمعالجة قضايا تخص شرائح غنية أو في طريقها للغنى ومن خلالها تظهر الرفاهية والبحبوحة والحفلات والسهرات والفلل الفارهة والسيارات الغالية كما تظهر المؤامرات والصراع أما على المال أو على النساء أو على قطاعات معينة من الاقتصاد وكأنها تسود الشعب المصري مع العلم أن هناك من الأفلام وبعض المسلسلات وضعت أصابعها بشكل مباشر عما يعانيه الشعب المصري في ظروفه المعيشية، من كل هذه المقدمة وباختصار نتناول المسلسلات التركية الجديدة التي أصبحت بشكل عجيب مدار المجتمعات العربية والإسلامية وشاغلهم الأول وأصبحت القضايا الحياتية المصيرية تشكل الموقع الثاني في حياتهم بينما نلاحظ أنها لم تحظ بكل هذا الاهتمام في تركيا نفسها ، هذا المسلسلات توجهت نفس التوجه مع تغير بسيط في المدن والديكورات فأصيبت بالداء نفسه وراحت تنتج المسلسلات على شاكلة الطريقة الأمريكية بهدف الضحك على ذقون المشاهد وجعله يصدق أن الأكثرية من الشعب التركي تعيش تلك العيشة الهنية والمترفة وبمفردات بسيطة تريد أن تقول أن لا وجود للمشاكل المعيشية والاقتصادية والاجتماعية ولا وجود للمشاكل السياسية بل صراع على الأموال والجاه والنساء ويظهر المسلسل التلفزيوني التركي سنوات الضياع ( 150 ) حلقة ومسلسل نور بالعدد نفسه ومازال مستمراً وبدراما هابطة متدنية ذات تكنيك رديء خالي من أية ملامح جمالية إلا الدعاية الرخيصة وكـأن الشعب التركي وباقي القوميات هم في بحبوحة وقد حصلوا على حقوقهم القومية وظروف اقتصادية وسكنية لا مثيل لها وهي كالمسلسلات الأمريكية والمسلسلات المشابهة لها تحاول أن تغش وعي المواطن التركي المفكك العازف عن متبعتها والذي يعيش هاجس عدم استقرار الأمن والتضخم والأوضاع المعيشية المتردية والأزمة الاقتصادية التي تستفحل يوماً بعد آخر وانتشار المخدرات بكل أنواعها والجريمة المنظمة والفقر والبطالة والهجرة إلى الخارج ولا مخرج لها إلا بتشديد الرقابة من قبل السلطات الحاكمة وكتم الأصوات وعدم منح الحقوق القومية المشروعة للقوميات غير التركية وفي مقدمتها الشعب الكردي ويتخلل هذه المسلسلات الطويلة أحداث ومفارقات وقصص بعضها لا يحدث إلا في الخيال كما تتغير الكثير من الوجوه والشخصيات وتضاف أمور وتشتبك حوادث تبدو في التدقيق حوادث غير طبيعية وتتناول العلاقات الإنسانية بين العائلة أو عدة عوائل وكأنها تتربص بعضها بالبعض الآخر أما قضايا العشق والغرام فأكثرها مؤامرات تخطط لإفشالها أما بسبب الغيرة أو السعي للمال والجاه وبهذا يراد القول أن لا وجود للطبقات الكادحة التي تركض وراء لقمة العيش ولا بوجود صراع طبقي اجتماعي من اجل حياة تخلو من التعسف والاضطهاد والفاقة والفقر وان المجتمع التركي يتمتع بخصوصية الرفاهية دون وجود تميز بين الطبقات وهذا التوجه بدأ يتصاعد في بعض المسلسلات العربية بهدف التسويق التجاري لبعض الدول التي ترغب في انتشار الوعي المتدني لشعوبها خوفا من الانفجار الاجتماعي المحتمل إذا ما استمرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية في التدهور مع لجم الحريات الشخصية والعامة






 


 

free web counter