| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأربعاء 29/4/ 2009



أول أيار رمزاً لقدرة الطبقة العالمة على تجاوز الصعوبات

مصطفى محمد غريب

يمر أول أيار عيد العمال العالمي والعالم ما زال يعيش ألازمة المالية التي تعاني منها الرأسمالية والدول الرأسمالية وهي تضاهي ألازمة العامة في 1929 و 1932 التي حدثت في الثلث الأول من القرن العشرين إذا لم تكن أكثر منها في خطورتها وتأثيراتها على حياة ملايين من الكادحين والموظفين والعمال والمثقفين والفلاحين في أكثرية بلدان العالم وها هي النتائج تظهر وبدلاً من وعود الرفاه الاجتماعي وانتقال الرأسمالية إلى الشعبية ومشاركة العمال انتقلت إلى محاصرة حقوق الطبقة العاملة من شغيلة اليد والفكر بالضغط على المساعدات التافهة التي تقدمها للعاطلين عن العمل وكذلك الضمان الاجتماعي والصحة والتربية وسن التقاعد وغيرها من الخدمات مع ارتفاع مضطرد في أسعار المواد المعيشية والعامة والسكن ثم ألحقتها بتسريح عشرات الآلاف من العمال والفنيين والمهندسين وغيرهم مع ازدياد مستمر للفقر والعوز والإملاق بينما ضُخَتْ المليارات من الدولارات لتلافي الأزمة وتقديم الدعم إلى القطاعات الرأسمالية والبنوك التي أصابتها ألازمة لحد الإفلاس، هذه المليارات من الدولارات التي جمعتها من الضرائب على أساس إعادتها للمساعدات وبناء المساكن ودعم الضمان الاجتماعي والصحي والثقافي والتربوي لكنها قدمتها هدية للأخوة الطبقيين الذين خسروا أو أفلسوا بفعل الأزمة، وهكذا يظهر الوجه الحقيقي الاستغلالي البشع للرأسمالية وعولمتها الممتدة في الشركات فوق القومية التي تهدف إلى جعل العالم قرية صغيرة بدون حدود وطنية لكي تسرق وتنهب وتربح كما تشاء وترغب، يمر أول أيار على العراق بعد أكثر من ستة سنين عجاف من الإرهاب والقتل المبرمج ومحاولات تأجيج الحرب الطائفية والطبقة العاملة تعاني الكثير من إهدار حقوقها ومحاولات الالتفاف على تنظيماتها النقابية والتدخل في شؤونها وتعيش الأكثرية من العمال بدون أي سند قانوني ملموس تجعلهم في وضع اقتصادي ومعاشي أحسن وأفضل مما هم عليه بينما تتفشى البطالة ويستمر تصاعد الغلاء وارتفاع أجور السكن وعدم الاهتمام الكافي بخصوص الضمان الاجتماعي والصحي والتعليمي مع استفحال أزمة السكن والماء والكهرباء والنقل والهوة الكبيرة ما بين رواتب المسؤولين والموظفين الكبار في قمة الدولة وبين بقية الموظفين، وبينما تضخ مليارات الدولارات على مشاريع مازالت معلقة في الهواء ويستشرس الفساد المالي والإداري والتجاوز على المال العام ليكون قائماً في العديد من الوزارات والدوائر والمؤسسات بدون حسيب أو رقيب إلا اللهم ما ندر وفي المقابل تزداد جيوش العاطلين عن العمل ولا توجد ثغرة أمل بشمولهم بشبكة الرعاية الاجتماعية أو إيجاد فرص عمل لهم من خلال إعادة الدورة الاقتصادية الاعتيادية في تخليص المؤسسات الإنتاجية والخدمية من حالة القنوط والتراجع ومع كل ما أنجز في مجال ملاحقة الإرهاب والمليشيات المسلحة الخاصة والمافيات المنظمة فان الطبقة العاملة ما زالت تنتظر المزيد في مجال تحسين الوضع الاقتصادي والمعاشي وتحسين ظروف العمل ورفع اليد عن الأرصدة والأموال العائدة لاتحاد العمال التي جمدتها حكومة الجعفري المعادية للحركة النقابية كما أنها تتطلع إلى ضرورة إصدار قانون عمل وضمان اجتماعي يخدم مصالحها بالدرجة الرئيسية وإلغاء القوانين المجحفة التي أصدرها النظام السابق بحقها وفي مقدمتها قانون ( 150 ) المخالفة للاتفاقية العربية الخاصة بالحقوق والحريات النقابية رقم ( 8 ) الصادرة سنة 1977 والاتفاقية الدولية رقم ( 87 ) لسنة 1948 وكذلك الاتفاقية رقم ( 98 ) لسنة 1949 الخاصتين بحق التنظيم وحق التجمعات النقابية، ذلك القرار السيئ الذي حاول بواسطته إلغاء العمال والتنظيم النقابي في قطاع الدولة وهو الذي استند عليه وزير النفط الحالي الشهرستاني بالضد من نقابة وعمال النفط وطالبهم بحل التنظيم النقابي حسب القانون المذكور ولا نجد مبرراً لسكوت حكومة السيد المالكي حول تلك القوانين التي سُنت في زمن النظام السابق والقوانين الصادرة بعد السقوط التي تعرقل العمل النقابي وعدم الالتفات لها أو رفع اليد عن أموال الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق والتجاوز على استقلاليته عندما أحتل المقر في 2004 أو التدخل في شؤونهم وشؤون الحركة النقابية مثلما نص عليه الأمر الديواني رقم ( 8750 ) الصادر في 2005 حيث شكلت لجنة وزارية وجمدت أرصدة المنظمات المهنية والإشراف على الاتحاد أو ما حدث للانتخابات الأخيرة وفق قرار رقم ( 45 ) لسنة 2003 الصادر من الحاكم الأمريكي بريمر الذي جمد بموجبه أية نشاطات انتخابية للنقابات هذه الانتخابات التي حَضّر لها منذ فترة غير قصيرة الاتحاد العام لنقابات العمال وتم توقيفها إلى إشعار آخر وإبلاغ الاتحاد قبل ثلاثة أيام من موعدها المحدد سلفاً من قبل وزارة العمل واللجنة الوزارية السداسية التي تشكلت وفق قرار بريمر المشار إليه وهو يعد تدخلاً سافراً يتعارض مع الاتفاقيات العربية والدولية ويعتبر تجاوزاً على استقلالية الحركة النقابية ومعرقلاً لعمل الاتحاد العام وتوجهاته الوطنية والديمقراطية ومساعيه لخدمة الطبقة العاملة العراقية وتحقيق أهدافها وتثبيت حقوقها المشروعة وترسيخ مبادئ الديمقراطية النقابية.

سيبقى أول أيار رمزاً نضالياً يؤكد قدرة الطبقة العالمة العراقية من شغيلة اليد والفكر على تجاوز المعوقات والصعوبات لبناء البلاد والاعتراف بها كطبقة لذاتها وتحقيق طموحاتها في التقدم الاجتماعي وإقامة الديمقراطية والخروج وإلى الأبد من المحاصصة الطائفية والقومية الضيقة وسحب القوات الأجنبية من العراق، فمثلما انتصر العمال في شيكاغو بعد إضرابهم الشهير في سنة 1886 وفي جميع نضالاتهم الوطنية والطبقية بتحقيق الكثير من المكاسب والمنجزات في مجال سن القوانين وتشكيل أحزابهم وتنظيماتهم النقابية الحرة فهم قادرون على تحقيق المزيد من الانتصارات بقدراتهم وتحالفاتهم وبإمكانيات قياداتهم السياسية والنقابية المخلصة، وسوف ينتصر عمال العراق لحقوقهم المشروعة وبالضد من كل مَنْ يسعى للتدخل في شؤونهم وتحريف أهدافهم وتحجيم دورهم وطمس دورهم الوطني والطبقي الرائد، سوف ينتصر العمال لبناء عراق ديمقراطي تعددي تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة وتحقيق حقوق جميع المكونات القومية والعرقية والدينية.






 

free web counter