| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأربعاء 29 /11/ 2006

 

 

وحدة الشعب العراقي هي الطريق الأسلم لوحدة العراق

 

مصطفى محمد غريب

بعيداً عن الدعاية الإعلامية نابذاً الروح الشوفينية وضيق الأفق القومي والطائفية وبساطة العراقيين الشرفاء وطيبتهم وتفانيهم وعلاقاتهم التاريخية أكد المواطن الكردي تيمور عبد الله احمد الشاهد في الجلسة الثالثة والعشرين بتاريخ 27/11/2006 في محاكمة صدام حسين ومعاونيه في قضية الأنفال السيئة الصيت وسجل اكبر إدانة لتلك الادعاءات بان العرب كل العرب شاركوا في قتال الكرد هذه النظرة القومية الضيقة التي لا تقل خطورة عن العقلية الشوفينية التي تناصب العداء ضد القوميات الأصغر وتضطهدهم ولا تعترف بحقوقهم المشروعة لا بل عملت ومازالت تعمل من أجل صهرهم أو اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية لا كمواطنين متساويين في الحقوق لهم الحق في المشاركة وتقرير المصير.. فمن سير الشهادة وتناول أحداثها ودموعه الحارة وهو الذي كان ابن الثانية عشر يتذكر والدته وأخواته وخالته وأولادها والبنت الصغيرة المصابة التي بقيت إلى جانب والدتها، ووالده الذي لا يعرف مصيره لحد هذه اللحظة ، أشار بعد خروجه من الحفرة التي تضم رفات عائلته والآخرين التجأ إلى خيمة كان فيها أعرابياً بدوياً آواه وساعده وهو أي تيمور لا يعرف العربية ثم احرق ملابسه الكردية حتى يحميه ويبعده من الوحوش التي كانت تتسلى في قتل الكرد وتعذيبهم حتى الموت وألبسه "الدشداشة" العربية بعد أن فهم منه مصير عائلته ثم نقلوه إلى المدينة وهناك قدموا له الحماية وبعدها أرسلوا على أعمامه فاصطحبوه معهم وعندما طلب الحاكم منه اسم ذلك العربي البدوي رفض رفضاً قاطعاً خوفاً عليه حتى انه رفض أن يذكر اسم المدينة ليحافظ عليها وساكنيها ولقد أجاب محامي الدفاع عندما سأله عن هوية سكان القرية فقال أنهم من العرب ولا يوجد كرد فيها.. أي درس علمنا هذا المواطن الكردي الشريف الذي فقد كل عائلته ورآهم أمام عينيه وهم يلفظون أنفاسهم وتواري أجسادهم الطاهرة التراب لإخفاء الحقيقة وقسماً منهم أحياء، هذا الذي كشف الحقيقة في جملة واحدة، انه عربي وقدم المساعدة في تلك الظروف التي من الممكن أن تؤدي بحياة ذلك العربي وعائلته ولربما لسابع ظهر حسب قوانين النظام الشمولي السابق، وكم هي عظيمة تلك العلاقة التاريخية بين العرب والكرد عندما ذكر الشاهد الثالث في يوم 28/ 11 / 2006 أن عائلة عربية من الشمر قامت بمساعدته وإطعامه وإعطائه الملابس والياشماغ ثم قدم شكره وامتنانه لتلك العائلة من خلال شاشة التلفاز وأمام أنظار وأسماع العالم كله وتمنى أن يتصلوا به.. من هنا نلاحظ العلاقة التاريخية للأخوة بين مكونات الشعب العراقي، بين العرب والكرد على الرغم من الظروف القاسية والدموية والسياسة الهمجية للدكتاتورية التي كانت تحرّض لخلق الانقسام والفتنة واعتبار القوميات الأصغر في الدرجة الثانية من حيث المواطنة كما كانت النازية بالضبط تنظر للقوميات والشعوب غير الجرمانية .
إن الدرس من هذه القضية التي قد تبدو بسيطة وربما لم يلتفت إليها الكثيرين لكنها في الجوهر عميقة وذات مدلولات إنسانية رائعة والتي يجب أن يعيها كل مسؤول ومواطن عراقي يريد الخير للبلاد وينشد الآمان والاستقرار والبناء والتقدم أن يؤمن بوحدة العراق ويقر ويعترف بحقوق الجميع بشكل متساوي أمام القانون ويحترم حقوق القوميات والأديان ومكونات العراقيين وينبذ الطائفية والشوفينية وضيق الأفق القومي والدكتاتورية ، وان وحدة العراقيين بمختلف أطيافهم ومشاربهم هي الطريق السليم للحفاظ على العراق موحداً ديمقراطياً تعددياً وفيدرالياً ، وان الدرس الآخر الذي يجب أن يدركه كل من يريد تدمير الوحدة الوطنية بمهاجمة الشعب الكردي واتهامه بتهم بعيدة عن الواقع أو بدق إسفين بين مكونات الشعب وفي مقدمتها دفع الاحتقان الطائفي إلى هدف الحرب الطائفية أن أكثرية العراقيين لديهم القناعة الكاملة بان كل ما يجري الآن من قتل وتدمير وتفجير ما هو إلا نهج معروف لدى التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة غير القانونية التي تسعي إلى خلق الاضطرابات وقتل العراقيين بحجة محاربة الاحتلال وهي بفعلها الموما إليه تساهم وتساعد على استمرار وجود القوات الأجنبية.
لقد اظهر الشاهدان اللذان ذكرا تلك العلاقة البسيطة الآنية والكبيرة للمستقبل التي كانت شبه مصادفة بان الإخوة العربية الكردية كانت وما زالت هي الأقوى والأمتن على امتداد التاريخ وقد أثبتت على الرغم من كل الفواجع التي مرت على منطقة كردستان العراق وما تعرض له الشعب الكردي من ابادة جماعية وفردية وآخرها الأنفال بأنها ستبقى قوية وثابتة ما دامت تعي الحقوق المتساوية والمواطنة بالدرجة الأولى وبالرغم من كل التشويهات والادعاءات ومحاولات تعتيم الحقائق وهي دلالة على القيمة العالية لوحدة العراقيين التي هي الطريق الأسلم لوحدة العراق الديمقراطي ألتعددي.