| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

السبت 28/10/ 2006

 

 

الشرقية والزمان والاصطياد في المياه العكرة

 

مصطفى محمد غريب

دعونا نتفق منذ البداية على حرية الرأي والتعبير والانتماء والقبول بالرأي الآخر الذي نختلف معه بشرط أن لا يكون الاختلاف شكلاَ أو مضموناً يهدف إلى تدمير أو تشويه أو إتلاف الآخر لغرض أناني أو عدواني والقبول بالرأي الآخر عملية حضارية لم نألفها سابقاً بشكل واسع بل كنا نقولها لساناً ونكتبها كتابة بدون التطبيق العملي والممارسة الصحيحة، القبول بالرأي الآخر هو جوهر الديمقراطية التي كنا نحلم بها ومازلنا نتمناها في ظل الأمان والسلام والتفاهم بعيداً عن المجازر التي ترتكب باسم الحق والله والدين والإحتلال والحقد الطائفي المريض المنافي لأبسط قواعد الأخلاق راح ضحيتها حسب وسائل الأعلام الغربية 655 ألف عراقي.
إن الديمقراطية الحقيقية وهي نسبية لا تعني كبت الآراء التي نختلف معها فهي الجوهر الناصع لحرية الصحافة والتعبير وهما بالدرجة الأولى لا يعنيان التشهير بالأشخاص والإساءة لسمعتهم وتشويه الحقائق والوقائع والتحريض على القتل والتدمير كما حدث في الفترة الأخيرة من قبل قناة الشرقية الفضائية وصحيفة الزمان وهما مملوكان للسيد سعد البزاز وهو يذكر بالذات عندما هرب من النظام الشمولي بعدما كان احد عناصره الإعلامية القيادية المتقدمة وكيف لم يتم استغلال الماضي واستعمال أدوات التشهير وهي ممكنة وبسيطة جداً وبخاصة إذا كان الهدف الاصطياد بالمياه العكرة، بينما في وقتها كان الشيوعيون يحملون السلاح مقدمين التضحيات الجسام بما فيها استعمال السلاح الكيمياوي المعروف ضدهم من اجل شعبهم ووطنهم . فقضية التحريض بهذا الشكل وبهذه الصورة لا يمكن أن تكون ضمن حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير لأن القضية التي روجت لها قناة الشرقية ثم جريدة الزمان واستغلت تنبيه رئاسة البرلمان وحورته عن حقيقته واعتبرته تهديداً لحرية الصحافة والتعبير إذا دقق فيها نصل إلى قضية ابعد من قضية التصويت على قانون الأقاليم وهو يندرج تحت خانة التحريض المتعمد مع سبق الإصرار والترصد والعداء ليس لشخصية السيد حميد موسى بحد ذاتها أو غيره بل العداء للحزب الشيوعي وللشيوعية وكأنها تهدف إلى إحياء الشعار السيئ الصيت" يا أعداء الشيوعية اتحدوا " وهذا ما جعلنا نستنكر موقفهما ونعتبره عدائياً و محاولة لتشويه المواقف المعروفة، وقد كانت فرصة للمتربصين الذين يكنون الحقد الشوفيني والطبقي والكراهية للحزب والشيوعية والبعض من هؤلاء المتربصين الذين كانوا ومازالوا من اشد أعداء الديمقراطية وقسماً منهم يدعي مع شديد الأسف باليسار أو الشيوعية نفسها بينما لم يتطرق هؤلاء لأصحاب المشاريع الطائفية الأساسيين الذين يلتقون مع الإرهاب في تدمير البلاد، ولن نتجنى على قناة السيد سعد البزاز حينما نتساءل ونحن نتابع بث الأخبار من قبل قناة الشرقية التي لن تجد فيها كلمة ايجابية صغيرة يطمئن لها ضمير الشعب، بل القتل ثم القتل والتفجير والتدمير والخطف والتهديد.. ماذا هل أصبحت هذه القناة لساناً للقتلة والإرهاب والتدمير والمفخخات والتحريض وتشويه المواقف؟
أما قضية الأقاليم أو الفيدرالية بالنسبة للجنوب والوسط فمن الممكن تناولها من زوايا انتقادية ووضع الحلول العملية أو المقترحات المفيدة للوصول إلى قاسم مشترك يخدم وحدة البلاد ويبعدها عن الطائفية البغيضة ونحن نعتقد إنها ليست نهاية العالم وبخاصة إذا اعتمدنا مبدأ الديمقراطية الصحيح وعلى الرغم من أن موقفي معروف وبخاصة من المشاريع الطائفية جميعها فقد أبديت وجهة نظري وأكدت أن الوقت لم يكن مناسباً في طرح هذا الموضوع وليس بالضد من الفيدرالية إذا كانت غير طائفية تخدم وحدة البلاد ويصوت عليها الشعب بحرية وبدون أية ضغوط قسرية وينص عليها الدستور الدائم بعد التعديلات المتفق عليها، وقلت سابقاً بصريح العبارة ــ لماذا لا تطرح فيدرالية من الموصل وحتى البصرة؟ والسبب الرئيسي في ذلك عدم الاستقرار والانفلات الأمني أي بالمعنى الواضح كان يجب أن تكون مصالحة وطنية صادقة لحل قضية الوضع الأمني الذي يتردى يوماً بعد آخر وأصبح القتل والتدمير سمة خاصة بالذين يردون للبلاد الخراب وليس الاعمار أو خروج متعددة الجنسيات بينما نجد أكثرية الشعب العراقي تعاني من البطالة والفقر والأمراض وارتفاع الأسعار المتصاعد في بلد يعتبر من بلدان العالم الغنية بكل شيء كان المفروض به قبل عشرات السنين وليس الآن أن يكون في مقدمة البلدان من حيث الرفاه والبناء والتقدم والازدهار، بلد كان المفروض أن يكون من أحسن بلدان المنطقة مادياً ومعنوياً للخيرات الكثيرة التي يملكها لكن الحكام الذين حكموه وفي مقدمتهم الحكم البعثصدامي جعله في أسفل قائمة الشعوب الفقيرة والمتخلفة.
أن مبدأ حرية الرأي والصحافة والتعبير يجب أن لا تتجاوز على حقوق الإنسان فمثلما لهذه الجهات الإعلامية الحق في الدفاع عن حقوقها وحرياتها عليها أن تحترم حقوق وحرية الآخرين، وحرية الصحافة ووسائل الإعلام لا تعني تصيد المثالب الشخصية أو التحريض أو التشويه لأهداف بعيدة كل البعد عن أخلاقيات الصحافة الحرة الديمقراطية، يجب أن تكون وفق معايير أخلاقية هدفها نشر الحقيقة وليس تشويهها.
لقد كان موقف قناة الشرقية وجريدة الزمان وتحريضها بالصورة والصوت والكتابة لا يندرج ضمن حرية الصحافة والتعبير بل التحريض على القتل المتعمد وكأن لسان حالهما يقول نحن مع فرق الموت والارهابين والمجرمين والقتلة وللحقيقة والتاريخ والمقارنة ومهما اختلفنا مع فضائية الفيحاء التي أغلقت من قبل دولة الإمارات والتي أعلنت عن عودتها أخيراً فقد كانت أكثر اعتدالاً وحيادية من الشرقية في طرح المواضيع..
نحن نسأل السيد سعد البزاز لو كان الحزب الشيوعي أو أحد الشيوعيين قد حرض بعض الجهات التي خصها على قتله عمداً وبهذه الصورة العلنية لمجرد الاختلاف في الرأي فماذا كان موقفه هل يسكت ويعتبرها حرية الرأي والتعبير أم يلجأ للقانون لحماية نفسه؟ إنه مجرد سؤال أخلاقي.