موقع الناس     http://al-nnas.com/

خطة أمن بغداد ومبادرة المصالحة الوطنية

 

مصطفى محمد غريب

الأربعاء 28/6/ 2006

عندما أعلن وزير الداخلية السيد المالكي عن خطة أمنية أشار إلى بعض مفاصلها حيث أكد على نقاط عدة في مقدمتها " مراعاة كرامة الإنسان، عودة المهاجرين قسراً إلى ديارهم، الخطة لا تستهدف منطقة دون سواها " فضلاً عن بعض القضايا الأخرى وبما أن الخطة تهدف إلى تأمين بغداد فهي حتماً سوف تراعي امن وسلامة وكرامة جميع المواطنين العراقيين الذي ينتظرون ساعة الفجر للخلاص من الفوضى الأمنية وتردي الأوضاع بما فيها الأعمال اللاقانونية والمدرجة تحت المخطط الإرهابي التي تنسب إلى قوى ومليشيات تردي زي الشرطة أو وزارة الداخلية.
وعلى الرغم من مرور الأيام ووطأة الأحداث والضغوط النفسية والرعب وحالة الخوف من المصير المجهول فقد تواصلت الأعمال الإرهابية في مدن متفرقة، كما أصبحت مليشيات جيش المهدي هذه المرة تتحرك بشكل أكثر علنية حاملة السلاح بحجة حماية المساجد والمصلين ولكنها في القوت نفسه تفرض نفسها كقوة مسلحة بحجة القوانين فوق القوانين أسوة بالبقية الباقية من القوى الإرهابية والمليشيات المختلفة، وبقت الاغتيالات على حالها وفي كل يوم مزيداً من عمليات الخطف الفردي والجماعي وقطع الرؤوس والتعذيب والجثث التي تحملها الأنهار طافية بدون أي رقيب أو حسيب ودائماً الضحايا من عامة الناس، ولم ينقطع مسلسل التفجيرات والمفخخات والعبوات الناسفة والسيطرة على مناطق وأماكن في وسط العاصمة وتبادل إطلاق النار في وضح النهار وكأن الخطة الأمنية حبر على ورق وعلى ما يبدو أنها معدة لبعض المناطق دون غيرها وكنا قد أشرنا أنها من الضروري أن لا تنحصر بمنطقة أو حي من الأحياء السكنية لإبعاد النفس الطائفي وتعريفها باعتبارها حملة وطنية ضد الإرهاب وفول النظام الملطخة أيديهم بدماء أبناء شعبنا من الأبرياء والمسالمين، والمليشيات المسلحة غير القانونية والعصابات المافيوية ولقد أكدت الأحداث والأعمال غير القانونية على اعتقال مسؤول في تيار الصدر متهمين إياه بعمليات الخطف والقتل على الرغم من الضجة الإعلامية المفتعلة ببراءته وهكذا كلما القي القبض على رأس من هذه الرؤوس نرى البعض من المسؤولين في المحافظات يرفعون عقيرتهم ويتحدثون عن خرق لوائح حقوق الإنسان لكنهم يصمتون صمت القبور عن حقوق مئات الضحايا من الأبرياء الذين يلقون حتفهم بمختلف الأدوات الإجرامية.
أما اندلاع القتال في مناطق الرحمانية وشارع حيفا قبل أيام الذي استمر لساعات طويلة ثم تدخل الجيش والمشاركة في القتال فقد ظهر أن القوى التي استعملت السلاح هي القوى نفسها التي تتحدث عن وحدة العراقيين وترفع شعارات ضد الطائفية، وقد أتضح بشكل لا يقبل الدحض أن جيش المهدي التابعة لتيار الصدر هو الذي توزع في الشوارع ليأخذ على عاتقه مهمات الشرطة والجيش مما أدى إلى مصادمات بين مسلحين موزعين ومتربصين وهذه مسألة معروفة كان من الضروري تداركها ولجم هذه العناصر لكي يعم الاستقرار والأمن.
ملخص القول ان الخطة الأمنية يجب أن تركز كل أدواتها وإمكانياتها من اجل الخروج من دوامة العنف وان تراعي ــ أنها ليست ضد طرف دون طرف آخر يتحمل المسؤولية نفسها في تردي الأمن أيضاً كما هو الآخر، بل يجب ان تكون لصالح المواطنين جميعهم وبالضد ممن يحملون الكراهية والحقد ويمارسون الجرائم ضد الأبرياء وممتلكاتهم ومؤسسات الدولة ومنتسبيها وان ان تتماشى مع مبادرة المصالحة الوطنية التي أعلن عنها لأن المبادرة والمصالحة بروح المسؤولية ستحقق الكثير من النجاحات مع القوى التي تؤكد التزامها بمشروعية محاربة الاحتلال وأيديها غير ملطخة بدماء العراقيين لا في الوقت الراهن ولا في زمن النظام الشمولي وهؤلاء الآخرين هم بالذات مَن رفضوا منذ البداية المبادرة والمصالحة لأنهم يعرفون تاريخهم وأعمالهم الشريرة، يعرفون بان الناس تعرفهم وتعرف تاريخهم ولن تغرهم بياناتهم وشعاراتهم لا في السابق ولا في الوقت الراهن التي كانت وما زالت في وادٍ وأعمالهم وسياستهم في واد آخر، سياستهم البشعة وحكمهم المملوء بالظلم والقهر والإرهاب.
ان الخطة الأمنية ومبادرة المصالحة الوطنية ستنجحان بالتأكيد إذا ما اعتمد فيها معايير الحوار الوطني المباشر والصريح ووضع خطة واضحة تحتوي على جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية تتزامن مع بناء الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية وتدابير سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية تخدم مصلحة الجماهير الواسعة وكل ذلك يخضع لشرط غاية في الأهمية وهو النوايا الحسنة والطيبة والخيرة والمخلصة في وطنيتها ولا يهدف من ورائها إلا الخير للوطن وتحقيق الأمان والاستقرار لشعبنا والعمل على إعادة البناء وفق الشروط الوطنية الصحيحة.