| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  السبت 28/1/ 2012

 

مفهوم وحدة الدولة العرقية بين الحقيقة والادعاء

مصطفى محمد غريب

مفهوم الدولة الفلسفي العلمي معروف إذا ما خضع للشرح الكلاسيكي لجوهر الدولة التي قال عنها فريديريك انجلز" نتاج للمجتمع عند درجة معينة من تطوره "الذي يحدد طبيعتها الطبقية ، والشائك في هذه التسمية بالنسبة للدولة العراقية الحالية حالة من الهجين المتداخل ولهذا فإن أية منظومة متناسقة تقريباً لا تتناسب مع ما يعلن "بالدولة العراقية بسب هذا الهجين إلا أنها تبقى تمثل طبقة وشرائح اجتماعية في المجتمع العراقي " وهو ما لا ينطلق منه من قبل البعض من الأخوة المثقفين ودليل ضعف المفهوم العملي والنظري لهذا الإعلان، أي عدم التدقيق في الموضوعة الطبقية للدولة، ولأننا نريد استبيان قضية وحدة الدولة وليس أسباب نشئتها أو وضعها الطبقي وهذا الأمر كانت له تداعياته في عهد النظام السابق وبخاصة بعد عملية تحرير الكويت وطرد الاحتلال العراقي ثم قيام الانتفاضة في الجنوب وفي الإقليم مما أدى إلى تقسيم العراق وبالمعنى الأوضح ( الدولة ) إلى ثلاثة أجزاء القسم الأول الذي تحت هيمنة سلطة صدام حسين بما فيها العاصمة بغداد، والجزئين الرئيسيين الآخرين هما منطقة إقليم كردستان ثم الجنوب وبعض أجزاء من الوسط منع فيها استعمال الطيران الحربي الحكومي... الخ ومنذ ذلك الوقت أصبحت وحدة الدولة العراقية في خبر كان وان لم يجر الاعتراف بذلك في حينها، فبعد الاحتلال بقت منطقة الإقليم منفصلة بشكل ما عن الدولة على أساس الحقوق الدستورية الجديدة ثم بدأ الحديث حول الأقاليم والمادة ( 140 ) من الدستور التي هي محل خلافات ليس مع الجانب الكردستاني فحسب بل أيضا ما بين الكتل الأخرى فمنهم من يرى إنها قد تؤدي إلى تقسيم العراق ومنهم من يرى إنها سوف تجعل من الإقليم دولة داخل دولة ومنهم من هو بالضد من الفكرة أساسا أي الأقاليم ويرى في العودة إلى الحكم المركزي حلاً للمشاكل، ومنهم من يعتقد ان قيام الدولة الفيدرالية سوف يحصن الوحدة الوطنية ويبعد العراق عن مشاكل عديدة مثلما هو حال العديد من الدول في العالم ومع كل هذه الطروحات وغيرها من المشاريع الإسلامية والقومية والقطرية يبقى السؤال الملح في الأذهان :

ـــ ما هي حقيقة وحدة الدولة العراقية الحالية ؟

الجواب بكل بساطة إن وحدة الدولة ما هي إلا في الاسم لا اقل ولا أكثر وينطلق هذا الجواب من واقع الحال الموجود بينما الوحدة الحقيقية غائبة عن ارض الواقع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأمنياً...الخ حتى لو كانت موجودة شكلاً لكن هذه المجموعة وغيرها من مكونات الدولة تكاد أن تكون معزولة بهذا القدر أو ذاك، والدولة لا يمكن ان تتكون في إطار الاسم بدون مكملات أساسية لقيامها كوحدة تستطيع ان تنفذ ما عليها من واجبات تجاه المواطنين وباتجاه الحفاظ على وحدة البلاد، فليس من المعقول ونحن نرى أن الأداء الحكومي مثلاً غير جيد ويكاد أن ينحصر في المنطقة الخضراء وإذا تجاوزها فذلك لا يشمل كل مناطق العراق وينفذ حسب مشيئة ومصالح القوى التي تهيمن على المحافظة أو المنطقة وفي البعض منها لا تُنفذ وان هناك مكونات سياسية وطائفية تشكلت وكأنها دولة داخل الدولة كما أننا نجد أن لكل محافظة حكومة تدعي الاستقلالية وان كانت نسبية لكنها تمتنع ظاهرياً أو باطنياً عن كونها جزء من الدولة والحكومة ولها صراعات تكاد في بعض الأحيان أن تكون مستعصية ويعلن البعض منها في تهديد مباشر على إقامة إقليم لها للخروج من تبعيتها للحكومة أو المطالبة بالحقوق المشروعة في الدستور ولو عددنا الأسباب التي تعتبر ان الدولة العراقية بعد حرب الخليج الثانية أصبحت دولة عرجاء وانتهت بعد الاحتلال إلى التفكك ثم أصبحت ذات مكونات عديدة لا يمكن أن يطلق عليها اسم الدولة الحقيقية التي تشبه على الأقل باقي الدول الأخرى، فهناك مراكز عديدة للقرار السياسي أو حتى غير السياسي وهناك أمثلة عديدة في مجال التربية والتعليم ومجالس المحافظات أو القرارات ذات الطابع الراديكالي المخالف للدستور بخصوص المسرح والفنون والثقافة ووضع المرأة ودور السينما والنوادي الاجتماعية ومحلات الحلاقين وبيع المشروبات الروحية وغيرها من القضايا الأخرى التي تحتاج في الكثير من الأحيان أن تتدخل الدولة والحكومة لتطبيق الدستور والقوانين لكن الأمر العجيب أن الدولة منقسمة إلى عدة أقسام ففي الإقليم (ما عدا الحوادث الأخيرة التي شهدتها البعض من المناطق ) نجد أن هناك اختلافاً واسعاً في تطبيق القوانين وتشريعها والالتزام بالتنفيذ ومحاسبة الذين يتجاوزون على الحريات الشخصية، كما أننا نجد أن هناك قرارات من مجالس المحافظات تتضادد مع الدستور وتختلف معه في مفاصل كثيرة لكن هذه المجالس تطبق ما تريد تطبيقه غير مهتمة لا بالدولة ولا بالحكومة والأخيرتين كأنهما غائبتين عن الساحة السياسية والاجتماعية ومن هذا المنطلق نلاحظ تأكيد رئيس الوزراء نوري المالكي على حقيقة بدون أن يدقق الآخرون في ما قاله وأكده " أن العراق يتجه لمرحلة جديدة في بناء الدولة وتنمية الاقتصاد" وهذا يعني أن حوالي تسع سنوات كانت مرحلة عابرة في حياة العراقيين ولم تكن هناك دولة بالشكل الصحيح وما يستشف من ذلك أيضاً الخرق المستمر لحقوق الإنسان تمثله جماعات مسلحة حكومية تابعة للقائد العام وأخرى تابعة إلى كتل متعددة أو تابعة لمنظمات إرهابية سلفية أو أصولية مارست دور الشرطي في الدولة وبأشكال مختلفة ونضع أيدينا على هذه الحقيقة أكثر فأكثر على ما ورد في تقرير عن منظمة ( هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان ) بأن العراق " يتحول إلى دولة بوليسية مستبدة " وقد ذكرت " الاندبندنت" حسب تقرير المنظمة السنوي الآنفة الذكر بان القوات العراقية " تسيء بشكل روتيني معاملة المحتجين، وتضايق الصحفيين، وتعذيب المعتقلين، وتهدد الناشطين" وهذا ما يتناقض وادعاءات المسؤولين في الحكومة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بان ممارسة التعذيب وحجب الحريات ممنوعة وفق الدستور وهذا التناقض يدفعنا إلى أمرين الأول: أما إن القوات الحكومية التي لديها ولاءات متفرقة التي تمارس عمليات الإساءة والاعتقال والتعذيب والتهديد في وادي غير وادي الدولة والحكومة، بالكلام الفصيح دولة داخل دولة؟ والثاني: بان المسؤولين هم الذين يحرفون الحقيقية بادعاءاتهم بأنهم يحتكمون للدستور ويحترمون القوانين لكن لكل مسؤول مجرى للتعامل مع ملفات الآخرين، وفي كلا الحالتين دليل على أن الدولة منقسمة على نفسها أو أنها لا تستطيع بسط نفوذها كدولة لجميع أبناء الشعب العراقي فأي قرار أو توجيه يكون في مهب الريح لا ليلتزم به إلا نادراً وهو ما نلمسه من تصريحات السيدات والسادة النواب في البرلمان المتضاربة والمتناقضة وكل واحد منهم يغني " على ليلاه الله معاف "
ان وحدة الدولة العراقية دليل على نجاح العملية السياسية وليس العكس وخلق الأزمات ومحاولات تصفية الحسابات دليل على تعددية القرار وعدم خضوعه للأصول المتعارف عليها دستورياً وقانونياً، والذي يريد أن يعرف أهمية هذه الوحدة عليه أن يدقق في صلاحيات السلطات الثلاثة، التشريعية والقضائية والتنفيذية وعندما يجد عدم التدخل أو الهيمنة فسوف يصل بان بناء الدولة يجري بشكل مستقيم وان أصابته بعض التعاريج لكنها في المسار تتعدل وتأخذ طريقها الصحيح، ومن هنا نستطيع أن نضع أيدينا على الخلل الجاري في العملية السياسية وعلاقات الكتل والأحزاب المهيمنة وصاحبة القرار مع بعضها التي أضرت وسوف تضر في بناء الدولة ووحدتها الحقيقية ولا نريد الدخول ما طرح حول عقد لقاء لقادة الرئاسات الثلاثة وممثل عن تكتل العراقية باعتباره أفضل وأحسن من عقد المؤتمر الوطني الذي سوف يخلق مشاكل وعقبات جديدة، أو في السعي لعقد المؤتمر الوطني الذي على ما يبدو سيكون للكتل والأحزاب المتنفذة ولها موقع في البرلمان الحالي الذي أقيم وفق قانون انتخابي غير عادل، أما الأحزاب والكتل التي أصابها الغبن والإجحاف ونالها من التزوير والتزييف الكثير فسوف تكون خارج المؤتمر الوطني حسبما تناقلته وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين في الكتل.. ولهذا إذا ما صح ذلك فنحن نعدكم بأنه وغيره سيكون فاشلاً ولن ينفذ منه أي بند مثله مثل أي لقاء أو مؤتمر سابق لم يمثل جميع القوى الوطنية التي تسعى من اجل بناء الدولة العراقية المدنية الديمقراطية.


 








 




 

free web counter