الجمعة 27 /1/ 2006

 


المصلحة العامة وحكومة الوحدة الوطنية

 

مصطفى محمد غريب

لقد انتهت الانتخابات الثانية وظهرت الحقائق والنتائج، ففي الحقائق ثبت وباعتراف اللجنة الدولية و المفوضية العليا للانتخابات وجود تلاعاب وخروقات وتجاوزات وتزوير ثم الغاء ما يقارب 300 صندوق اقتراع ويقال ان هناك المزيد.. الجميع متفق على التزوير، حتى الذين ساهمو بهاذ الشكل او ذاك في الكثير من الخروقات والتجاوزات رفعوا اصواتهم في الآونة الأخيرة متهمين المفوضية العليا بشتى التهم منها عدم حصولهم على النتيجة المطلوبة وحول توزيع المقاعد التعويضية، اما الذين مورس ضدهم التزوير والتجاوز والاغتيالات وغيرها فهم مازالوا على موقفهم وهدد البعض منهم اللجوء الى المحكمة والقوانين المرعية لنيل حقوقهم وتثبيت ادعاءاتهم. امام كل هذه الامور وغيرها وبمختلف الوجوه فقد صمتت تلك الاقلام والافواه الناهقة التي حاولت بالاراجيف والتلفيقات اعتبار الانتخابات نظيفة ونزيهة 100% ولعلها عبرة لهم ولضمائرهم في المستقبل..
ومع هذا فهذا الامر ومثلما اشرنا قد انتهى وامامنا مرحلة جديدة وكوننا لسنا من كوكب آخر نعرف بالتأكيد مكونات شعبنا وظروفه السابقة والحالية ولهذا نجد انفسنا جميعاً امام مستحقات جديدة حول تشكيل حكومة وطنية تجمع حولها اكثرية الشعب العراقي وكي لا نظلم احداً ستلعب الاستحقاقات الانتخابية دوراً مهماً فيها.
فما هي مستلزمات نجاح عمل الحكومة الجديدة التي يجب ان تبتعد عن المحاصصة الطائفية والقومية الضيقة حتى تستطيع انجاز المهمات الملقاة على عاتقها في هذه الظروف الصعبة وتتجاوز تقوقع حكومة السيد الجعفري التي فشلت في ان تكون حكومة للجميع، وفي هذه المعضلة ليس في اداء وضعف او جهل السياسيين المشاركين فيها بل لكونها نتيجة للمحاصصة الطائفية القومية الضيقة وبالتالي لم تستطيع ان تجمع القوى السياسية المؤمنة بالعملية السياسية، اضافة الى كل هذا فهي لم تستطع ان تجمع حولها قطاعات شعبية واسعة كانت تنظر اليها بتوجس وخيفة وعدم الثقة.
قد تكون في مقدمةالمستحقات لنجاح الحكومة الوطنية القادمة اعلان برنامجها للسنوات الاربعة القادمة على الشعب العراقي والالتزام بالتنفيذ واحترام استقلالية السلطات التشريعية والقضائية وعدم التدخل في شؤنهما القانونية المنصوص عليها في الدستور.
1 ـ الاعتراف بالنسبة للفائزين في الانتخابات على علاتها، ليس بمقدورهم وحدهم قيادة السفينة ومنعها من الغرق امام طوفان المخاطر المحيطة بها، هذه المخاطر التي في مقدمتها الارهاب البعثسلفي والاصولي والاضطراب الامني وعصابات قطاع الطرق تحت اسماء وهمية دينية والمليشيات المسلحة وغيرها
2 ــ ضرورة المشاركة على اساس المصلحة الوطنية والولاء للوطن قبل اية مصلحة أخرى ورفض التدخلات الاجنبية في الشؤون الداخلية تحت اية مبررات واجتهادات خاصة.
3 ــ الابتعاد عن السياسة الطائفية والقومية الضيقة وتقسيم العراق على اساس احزاب للعرب السنة واحزاب للعرب الشيعة واهمال الاديان والعرقيات الاخرى، اي رفض النهج الذي رسمه الحاكم بريمر والامريكان على اساس طائفي قومي لأنه يعد خطرأ ما بعده من خطر على الوحدة الوطنية، وباعتقادنا ان السياسة الامريكية انتجت هذا التقسيم الملعون بالضد من الوحدة الوطنية للشعب العراقي
4 ــ ملاحقة قضية الفساد الاداري والحكومي هي من اهم القضايا التي يجب ان تقوم بها الحكومة الجديدة فخطورة الفساد يؤدي التى المحسوبية والمنسوبية والحزبية والمنفعة الذاتية وتفشي الرشاوي والسرقات العلنية التي تحت الغطاء بحجة القوانين والشركات الوهمية وعبر سماسرة دوليين ومحليين وعرب لا هم لهم سوى سرقة العراق.
5 ــ اصدار قانون فوري للتخلص نهائياً من المليشيات المسلحة المنافية للدستور وللقوانين المرعية وفي مقدمتها مليشيات منظمة بدر وما يسمى بجيش المهدي وكتائب عزرائل واسماء اخرى تقف فوق القانون وتخرق دستور البلاد وتتدخل في قضايا تخص الدولة والدوائر الحكومية والمؤسسات الامنية وتفرض نفسها كحال واقع بدلاً من السلطات التنفيذية والامنية والجيش.
6 ــ تطهير الاجهزة الامنية من الولاءات الحزبية والطائفية والعشائرية وفلول النظام السابق الملطخة ايديهم بالجريمة والفساد والارهاب واعتماد المواطنة العراقية اساساً لهذه المؤسسات وافرادها.
7 ــ ضرورة الفصل ما بين القوى الارهابية البعثسلفية التي تدعي بمقاومة الاحتلال وبين المقاومة الحقيقية التي ترى في الصراع السياسي وحشد طاقات الشعب والاسراع في بناء الدولة طريقاً نضالياً لخروج القوات الاجنبية من البلاد.
9 ــ ضرورة مراجعة الاعتراضات التي تخص تغير وتطويرالبعض من بنود الدستور لكي يكون دستوراً ديمقراطياً فاعلاً للجميع وعدم اعتبار الدستور قرآنا كريماً مقدساً لا يمكن الاضافة او التعديل فيه لمصلحة الشعب العراقي .
8 ـ دعم مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية وتقديم كل ما يمكن لتطورها وجعلها ثوابت من اجل نجاح العملية السياسية وتثبت المفاهيم الديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر وحقوق الانسان والاهتمام بقضايا البيئة.
كما ان هناك العديد من القضايا التي تنتظر التوجه والعمل من اجل التنفيذ وبخاصة في قضايا البطالة وازمة السكن والاغلاء الفاحش والنقل ومشتقات النفط والصحة واصلاح النظام التعليمي وغيرها.
نحن نعرف جيدأ ثقل التركة التي تقع على كاهل الحكومة الجديدة باعتبارها السلطة التنفيذية وطبعاً نحن نعرف ايضاً الامكانيات المتوفرة والصعوبات والمعوقات وبالتأكيد لا توجد عصى سحرية تستطيع ان تؤشر فينقلب الحال من الاسوء للاحسن ولكن اذا ما اتجهت النيات الحقيقية السليمة والنزيهة لتشكيل حكومة وطنية تتحمل مسؤوليتها القوى السياسية الواسعة فسيكون الانجاز اسهل وستتذلل الصعوبات امامها وقد تكون السنين الاربعة الباقية عبارة عن الطريق الجديد الذي سيكفل بالاصلاح الكبير الذي سيشمل الكثير من المرافق العامة والخاصة.. اما اذا بقت عقليات التسلط وعدم الشعور بالمصلحة العامة فسيكون التراوح في المكان قضية لا يمكن النقاش فيه وهي التي ستأخر عملية البناء وخروج القوات الاجنبية من بلادنا..
حكومة وطنية واسعة ستكون لها جماهيرنا درعاً واقياً ضد جميع الذين يريدون الضر والاساءة بالعراق وبشعبه المجيد.


موقع الناس     http://al-nnas.com/