| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الأحد 27/2/ 2011

 

مواقف غير سليمة مواقف متناقضة مضرة

مصطفى محمد غريب

الكل يعرف مدى السخط والغضب الذي يجتاح نفوس المواطنين العراقيين جراء تلكأ الحكومات العراقية المتعاقبة عن تنفيذ وعودها ووعود أحزابها والكتل الدينية السياسية قبل الانتخابات وأثنائها بتحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية للمواطنين وبمرور الوقت وكأنه وقت ضائع طفح الكيل وأصبح الصمت غير ممكناً، فلا حلول ولا تنفيذ بل مجرد كلام ووعود، وفي البداية نظمت الاحتجاجات والمظاهرات بعد كتمها سنين ثم قررت الجماهير الخروج في مظاهرات يوم 25/2/2011 لتوضح موقفها الصريح من المماطلات وإهمال مطالبها، إلا أن البعض من الأصوات التي تخاف تبيان قوة الجماهير على الواقع الملموس أخذت ترتفع قبل يوم الجمعة محذرة تارة ومهددة تارة أخرى وتوالت الفتاوى والاعتراضات من بعض المرجعيات، هذه الأصوات التي كانت تتبجح بالدفاع عن الحريات وحقوق الشعب المظلوم وتطالب بالإصلاح والتغيير، وتَصَدّر هذه الأصوات صوت رئيس الوزراء الذي كان قد صرح قبلها أن من حق الجماهير أن تتظاهر بشكل حر وديمقراطي، لكن الرجل والحق يقال طالب الشعب العراقي إلى إجهاض التظاهرة وشوه هدفها الحقيقي بوصفها " مظاهرة تخريبية " تريد إعادة العراق إلى الوراء وكأن الذين يطالبون بحقوقهم ويطالبون بالإصلاح والتغيير وتحسين الخدمات وملاحقة الفساد هم أعداء ومخربين يهدفون إلى تغيير النظام أو إسقاطه بالعودة إلى الوراء ولقد أثبتت المظاهرة خطأ التصريحات التي شوهت الجوهر الحقيقي لها، ثم ومن باب الحرص حسب قوله " أن للعرقيين الحق بالتظاهر في أي مكان وزمان غير يوم الغد" وهذه قضية عجيبة جداً لم تحدث في دول العالم إلا نادراً بان يدعو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو أي مسؤول حكومي إلى تغير يوم المظاهرة وحسب مزاجه وتصوراته ولهذا عندما لم يجد الطاعة العمياء!! أمر بتقطيع بغداد إلى أوصال وأغلق الجسور والطرق وسمح لقيادة عمليات بغداد بحظر تجول العربات والمبتغى منع عشرات الآلاف من المواطنين الحضور إلى ساحة التحرير والمشاركة في المظاهرة وهو ما يخالف الدستور ـــ أليس الدستور الذي كُتب يكفل الحق للمواطنين بالتظاهر والتعبير وضرورة حمايتهم من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية وان لا تستعمل هذه الأجهزة العنف بكل ألوانه ؟ ولا نفهم هذا الخوف المفاجئ على المظاهرة من التفجيرات والإرهاب واندساس البعثيين الذين عادوا بعبعاً يحذرون المواطنين منه، بينما لا يخافون على الملايين الذين يتوجهون إلى كربلاء في العاشر من عاشوراء وقبله وفي المناسبات الدينية بل يهيئون لها جميع فرص النجاح بالدعم المادي والمعنوي حتى في السير على الأقدام عشرات الكيلومترات حيث تقدم الحماية اللازمة على الرغم من تعريض حياتهم للخطر بسبب التفجيرات والمفخخات التي تحصد أرواح الأبرياء منهم، ولماذا ؟ لأن ذلك يخدم أغراضهم السياسية والحزبية، أما رئاسات الأوقاف الشيعي والسني والمسيحي فان بيانهم يدل عن مدى الاستخفاف بعقول المواطنين وبدلاً من إصدار نداء واضح يطالب بالتغيير والإصلاح ويدين الفساد وإنصاف المواطنين في حقوقهم فان البيان يحمل نداء لإعطاء الحكومة مهلة " كافية " حتى المصادقة على الميزانية العامة، أية مهلة وأية ميزانية يجري الحديث عنها! وكأنها حبوب مخدرةّ، وكيف يمكن الحديث عن ذلك وها هو مقتدى الصدر الثوري الذي يدعي محاربة قوات الاحتلال والدفاع عن مصالح المستَضعفين ويزبد ويرعد من قم وغير قم يطالب بعدم التظاهر ومنح ( 6 ) اشهر كفرصة للحكومة، وقوله في مسجد الكوفة في اليوم نفسه " أن مظاهرات اليوم 25-2/2011 لا تمت لنا كون من دعا لها غير معروف لهذا فإننا لن نشارك بها" وكأنه الوحيد في العراق يدعو للمظاهرات أو الاحتجاجات ويريد قبل غيره أن يدعوا لكي يشارك أنصاره ويتناسى أن هناك قوى وطنية وديمقراطية ومستقلة مخلصة في البلاد، وها هم اليعقوبي والحائري والآصفي وغيرهم يحرمون التظاهر ويَنْظَمون إلى الجوقة التي تدعي الخوف على المتظاهرين ناسين بان عشرات الآلاف من الشرطة والجيش والأمن وغيرهم نزلوا إلى الشوارع وعزلوا الرصافة عن الكرخ وأقاموا حواجز واستعملوا الغاز والهراوات وإطلاق الرصاص ضد المواطنين العزل وصادروا أجهزة التصوير للفضائيات ووسائل الإعلام لا بل تجاوز ذلك إلى الضرب والاعتقال ليس للمتظاهرين فحسب بل العديد من الصحافيين، وحسبما أشارت وسائل الإعلام ومصادر أمنية " بأن حصيلة ضحايا التظاهرات يوم الجمعة بلغت ثمانية قتلى من المتظاهرين فيما أصيب ( 235 ) بينهم ( 80 ) عنصر أمن بجروح مختلفة " نتيجة للتظاهرات في عموم البلاد ، فهل من المعقول أن يتظاهر أهل بغداد وهم يوزعون الورود وبشكل مسالم ليجابهوا بالأساليب القسرية والقوة والعنف والاعتداء؟ ولو استعمل العقل والتعقل واعتبار المظاهرات السلمية طبيعية هدفها دفع الحكومة لتبني الإصلاح ومحاربة الفساد وتنفيذ الوعود التي قدمتها الأحزاب والكتل الدينية السياسية لما حدثت مثل هذه الخسائر بالأرواح، ويستحق أن يقال عنهم، أن هذه القوى التي ادعت الخوف على المتظاهرين كذباً اتحدت في " طراد رهيب "، هذه القوى ترى في الديمقراطية خطراً عليها وليس كما تدعي أنها تؤمن بالديمقراطية وحقوق المواطنين بالتظاهر السلمي وعملت بكل ما وسعها لتعطيل كلمة الشعب بحق الفساد والفاسدين وبحق المحاصصة وعدم توفير الخدمات الضرورية والأساسية لأكثرية المواطنين وبخاصة المناطق الشعبية، ومن ناحية أخرى أعطت الفرصة لفلول البعثصدامي وغيرهم من الذين يتربصون الفرص لأذية شعبنا في التمادي في تصوير الأوضاع بأنها أسوأ من عهدهم المظلم وكان المفروض أن تدع جماهير شعبنا معالجة من يريد العودة على ظهورهم بعدما لفظه التاريخ لان شعبنا يعرفهم جيداً ولن تغيب عن باله تلك السنين من القهر والإرهاب والحروب ومصادرة الحريات وتأليه القائد الملهم.

لقد أثبتت أكثرية جماهير الشعب المتظاهرة يوم الجمعة قدرتها على أن تكون حضارية وسلمية بمطالبها وعلى الرغم من الأذى الذي ألحقته تصريحات وقرارات رئيس الوزراء وما قامت به الأجهزة الأمنية فقد فوتت الفرصة على المتربصين وهو ما شهد عليه السيد علي السيستاني ولو مؤخراً وبعد انتهاء المظاهرة " إن المرجعية الدينية العليا إذ تقدّر عالياً أداء المواطنين الأعزاء ممن شاركوا في مظاهرات، يوم أمس، بصورة سلمية حضارية " وهو يتناقض بشكل واضح مع وصف رئيس الوزراء والبعض من وزرائه حيث وصفوها بالمؤامرة التي تهدف إسقاط المكتسبات الديمقراطية في العراق ومع ذلك كان من المفروض منذ البداية أن يساند السيد علي السيستاني المظاهرة ويحذر الحكومة من مغبة استعمال القوة والعنف ويدعوها إلى اتخاذ الإجراءات الملموسة لتحسين " الخدمات العامة "

إن سياسة القمع والهيمنة وركوب موجة التحدي والاستعلاء وعدم سماع أصوات الشعب سيفاقم الغضب الجماهيري الشعبي ويزيد النار اشتعالاً وهو نذير غير محمود وله نتائج غير حميدة .



 

free web counter