نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

 

 

 

 

الأثنين 27/3/ 2006

 

 

 

الموقف من الاقاليم ورفع جلسة البرلمان الجديد

 

مصطفى محمد غريب

بعد انتظاردام اكثر من ثلاث اشهر مريرة تخللتها الكثير من الصعوبات والتراجعات وتصاعد العمليات الارهابية وخرق القوانين من قبل مليشيات الاحزاب في الجنوب والوسط وسوء أداء حكومة الجعفري عقدت جلسة للبرلمان العراقي الجديد فاستبشرنا خيراً بالوصول الى حل سريع لتشكيل الحكومة الجديدة الا ان المفاجأة عقدت السننا عندما سمعنا قرار رفع الجلسة وربما تعليق جلسات البرلمان الى ان تتفق الكتل السياسية وكأن اصوات ( 11 ) مليون انسان عراقي شاركت في الانتخابات ومتحدية الارهاب والتفجيرات والاغتيالات لا قيمة لها امام الصراع على الكراسي والمناصب الحكومية وتمسك الجعفري بالمنصب وكأنه وراثة ملكية لهذا المنصب بدون الاعتبار للاوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد.. وعلى الرغم من نص دستوري واضح على استقلالية السلطة التشريعية وعدم التدخل في شؤونها فان بعض المسؤولين في الائتلاف العراقي يحاولون ان يفرضوا هيمنتهم عليها ويوجهونها حسب مشيئتهم وتوجهاتهم السياسية، وفي مقدمتهم عبد العزيز الحكيم او غيره وهم يصبون الزيت على النار في تصريحاتهم ومطالبهم حول تقسيم العراق الى اقاليم لكي تتم الهيمنة والسيطرة عليها والتهيئ في اية لحظة لقطعها عن الوطن اواستعمالها ورقة ضغوط ضد القوى الاخرى وكان بالاحرى الالتفات الى المعاناة التي تعيشها الجماهير وطرح ما يفيد الاستقرار واخراج البلاد من المأزق الكبير واجلاء الجيوش الاجنبية عنها بعد الاستقرار واستكمال بناء مؤسسات الدولة، وكما يبدو للعيان ان طرح هذه الموضوعة مسبقاً بديلة على ما يبدو لقضية الفيدرالية المطروحة في الدستور والتي خصت بها كردستان العراق لخصوصيتها، ولا تدل فكرة انشاء اقاليم ضرورية حسب الادعاء على انها تؤدي الى انهاء الازمة السياسية والاعمال الارهابية وخرق القوانين من قبل البعض من المسؤولين الحكوميين واحزابهم ففكرة قيام الاقاليم لم تكن موجودة مثلما الحال بالنسبة لفيدرالية كردستان العراق المطروحة منذ زمن بعيد ثم ان الكرد هم ثاني قومية موجودة وتختلف في تكويناتها وتاريخها ولغتها ولهذا كان مبدأ حق تقرير المصير معترف به من قبل القوى الديمقراطية وحسب الظروف الملموسة، ومن هذا المنطلق وعلى الرغم من النواقص والتجاوزات كانت اتفاقية آذار والحكم الذاتي المعروف، اما فيما يخص قضية الاقاليم وتكويناتها فهي فكرة جديدة على ما يبدو طرحت من قبل عبد العزيز الحكيم وبعض مسؤولي الائتلاف العراقي وكأنه طرح يهدف تكتيل الجنوب وبعض مناطق الوسط على اساس طائفي شيعي وليس على اساس خصوصية قومية او عرقية ثم دفع الاخرين في باقي المحافظات بالحجة نفسها لقيام اقاليم اخرى ولكن بنفس طائفي سني ايضاً اما بغداد فلا نعرف كيف سيكون حالها ووضعها فهل ستقسم الى نصفين وما هو مصير حوالي مليون كردي يسكنها وما مصير القوميات الاخرى ، التركمان والكلدواشوريين والارمن وغيرهم؟ من هنا تكمن خطورة هذه الدعوة وكأنها دعوة لتقسيم البلاد مع العلم ان فكرة الفيدرالية بالنسبة للاختلاف القومي فكرة مقبولة ولكن بالنسبة للقومية الواحدة كالعرب مثلاً نجدها غير ناضجة وسوف تضر الوضع الحالي، فما معنى تقسيم العرب على اساس طائفي ووفق مشروع تحقيق الاقاليم في العراق.
ان هذه الطروحات الفردية والحزبية الضيقة غير المسؤولة تبدو ظاهرياً حرصها على وحدة البلاد لكنها في الحقيقة طريق لبعثرة الوحدة العراقية وهي تشل عمل السلطة التشريعية وتتجاوز عليها وعلى ما يبدو ان هذا التجاوز اصبح عادياً بحجج غير مقنعة لا بل غير منطقية وهي لمجرد اثارة الشعور بالتفرقة والتمييز مثلما هو حال المليشيات المسلحة التي تتحكم في البصرة وباقي المناطق الاخرى وكأنها الآمر الناهي بدلاً من المؤسسات الحكومية والقوانين المرعية، ودلت الآراء والكتابات والمقابلات والتصريحات المؤيدة التي طرحت في وسائل الاعلام وكأنها تريد تقسيم العراق الى اربعة مناطق مثلما قسمها النظام الشمولي قبل الاحتلال ولكن على اساس مناطق شيعية وسنية وكردية، كما ظهرت فكرة التسعة محافظات وكأنها تهدف الى تعبئة شعبية ضد فكرة وحدة العراق وبالضد من فيدرالية كردستان وقد استغلت هذه الطروحات والتصريحات من قبل القوى الظلامية الارهابية السلفية والاصولية والبعثصدامية التي تهدف الى زرع الفتنة الطائفية وما تفجير المرقدين والجوامع الاخرى والاعتداءات والتفجيرات وغيرها وتصريحات عبد السادة كريم الزبيدي اعتبار جميع السنة كفرة وهابيين، ثم ما صدرته منظمة بدر من توجيهات بالاستيلاء على الجوامع وتكليف سرايا مالك الاشتر العائدة لفيلق بدر بالهجوم على الجوامع واعادتها الى اهلها الا اثبات مادي على ذلك.
ان البرلمان العراقي الجديد باعتقادنا هو المكان الصحيح لتشريع القوانين واصدارها وليس التصريحات من قبل بعض المسؤولين في الكتل الانتخابية او رؤساء الاحزاب والتجمعات ولهذا نعتقد ان التجاوز على هذه المؤسسة تجاوزاً على الدستور سوف يلحق الاذى كل الاذى في العملية السياسية فدعوا الجمعية تعقد جلساتها ودعوها تستعمل حقها القانوني في التشريع والتصويت وقضية الرئاسة والحكومة الجديدة والاقاليم لأنها تمثل اصوات اكثرية ابناء الشعب العراقي  .