| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأربعاء 26/3/ 2008



هل إسقاط النظام والاحتلال جاء نتيجة حرب تحرير شعبية؟

مصطفى محمد غريب

مرت الذكرى الخامسة لاحتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين وكثير من التساؤلات والاعتراضات والمناقشات دارت وما زالت تدور عن وضع العراق المتردي والذي يعيش ظروفاً استثنائية جعلته من أسوء بلدان العالم مما دفع البعض الترحم على النظام السابق كما ارتفعت أصوات تمنت لو بقى النظام بدلاً من هذه الفوضى والاضطراب الأمني ،وهذه الأفكار لم تجيء من فراغ بل من التردي في الأداء السياسي والظروف المأساوية التي ازدادت حدة وتوسعاً يوماً بعد آخر ولابد من الإشارة إلى سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية والبطالة والغلاء والفساد واضطراب الوضع الأمني أي بالمحصلة لم تكن الوعود التي أطلقت من قبل الولايات المتحدة أو الذين يقفون معها قد تحقق منها سوى النزر القليل جداً أما قضية أسلحة الدمار الشامل وعدم وجودها وانتقالها إلى تحرير البلاد فقد دلت على كذبة كبرى حينما سعت الولايات المتحدة الأمريكية منذ الأسابيع الأولى لحث مجلس الأمن ليتخذ قراره رقم ( 1483) الذي أعلن فيه عن احتلال العراق وفي هذه النقطة بالذات لم تنطل على احد كذبة التحرير لا بل تمادت الولايات المتحدة حينما وقفت بالضد من تشكيل حكومة إنقاذ وطنية ونصبت بريمر كحاكم مطلق على البلاد هذه القضايا وغيرها لم تكن خافية أو سرية عندما تشكل مجلس الحكم على أساس التوزيع الطائفي وأصبح هذا النهج سائداً في تشكيل الحكومات اللاحقة وبدلاً من تعزيز التوجه نحو قيام حكومة وطنية كرست الطائفية بهذا الشكل أو ذاك لتوجهات البعض من الأحزاب السياسية الدينية واستغلت مشاعر الملايين أبشع استغلال وجميعنا يعرف ما دار في الانتخابات التي جرت إلا إننا كنا مصممين على أعادة النهج الوطني وآملين من القوى الخيرة المساهمة الفعالة لتعميق التوجه الوطني الديمقراطي في جميع مفاصل البلاد بما فيها الدستور الذي استغل هو الأخر بسبب الثغرات الموجودة فيه.. في الجانب الثاني نحن لا نتفق مع الفكرة القائلة " أن نظام صدام حسين أحسن من الوضع الحالي ونترحم عليه ونتمنى بقائه " النظام السابق كان نظاماً دموياً ودكتاتورياً أوصل البلاد إلى حالة سيئة لا تطاق وهو الذي مهد بحروبه وأسلحته الكيماوية واستعمالها بشكل لا يقبل الجدل وتجاوزاته الكثيرة لاحتلال البلاد، فضلاً على أنه نظام سيء أذى أكثرية الشعب العراقي كما انه دفع المنطقة إلى متاهات أضرت بالحركة الوطنية والشعبية والقومية، لكن نحن في الوقت نفسه نعتبر ما جرى ويجري بعد الاحتلال والسقوط لم يكن تحريراً ولا إنقاذاً وطنياً لا بل ازدادت التعقيدات حتى أصبحت تنذر بإشعال حرب طائفية وهو رهان موجود لحد هذه اللحظة ولهذا لا نضع مقارنة ما بين السابق والحاضر ولكل مرحلة طبيعتها الخاصة وسياستها وتوجهاتها فإذا كانت الأوضاع الحالية سيئة كما نراها ووفق ظروفها وبعض القوى المهيمنة على القرار السياسي لإدارة العملية السياسية فان حالة النظام السابق هي الأخرى سيئة بظرفها المعين والقوى المهيمنة على القرار السياسي وقيادة العملية السياسية.
مرت خمس سنوات عجاف ومازالت الأوضاع تنحدر من سيء إلى أسوء بالنسبة لفئات الشعب الكادحة من عمال وفلاحين وكسبة وموظفين وغيرهم ولم يطرأ تغير ملموس على الأوضاع بشكل عام وبقى الحديث عن المصالحة الوطنية مجرد للدعاية والإعلام ، الوضع الأمني على الرغم من تحسنه نسبياً فهو لم يزل هشاً لا يعتمد على أسس ثابتة وقد ارتفعت منذ كانون الثاني التفجيرات وإطلاق الصواريخ ويعتبر قصف المنطقة الخضراء يوم 23 / آذار / 2008 بالصواريخ وقذائف المورتر مسالة تحدي واضح على الرغم من أنها شديدة التحصين ومحمية من قبل القوات الأمريكية والعراقية وهناك دلائل موثقة على سيطرة المليشيات المسلحة على البصرة ومحافظات أخرى.
إذن الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفساد الذي أصبح آفة تمتد وتتفرع لاستنزاف ثروات البلد، هذه الاضطرابات تتفاقم بدون وضع خطط واقعية مدروسة وإجراءات صارمة ضد خرق القانون والحلول التي تقدم سرعان ما تصبح فقاعات هوائية تتلاشى لمجرد تلامسها بالرغم من بعض النيات الصادقة الهادفة للإنقاذ وإيقاف استمرار تردي الوضع بشكل عام وأمام هذه الحالة وقلق المخلصين واستمرار أكثرية الشعب بدفع ضريبة الدم والفقر والجوع والأمراض والبطالة تطرح خيرات ثلاثة بوجهات نظر مختلفة فيما يخص نتائج الاحتلال وإصلاح النظام السياسي ومستقبل البلاد
1 ـ إصلاح العملية السياسية من الداخل بشرط بذل الجهود الجماعية الاسسثنائية لتحسين الأداء السياسي وتحقيق المصالحة الوطنية للتخلص من الجيوش الأجنبية وتحرير كامل للاقتصاد وإنجاز الاستقلال التام
2 ـ الاستمرار على النهج السياسي والمحاصصة والحاجة لبقاء الجيوش الأجنبية بحجة عدم استكمال بناء المؤسسات الأمنية واعتبار الاحتلال حرب تحريرية وقيام معاهدات على مدى طويل مع الولايات المتحدة الأمريكية بما فيها إقامة قواعد عسكرية
3 ـ رفض العملية السياسية والحكومات التي قامت باعتبارها من صنيعة الاحتلال واتهامهم بالعمالة والخيانة ينطوي تحت القسم الثالث
أ ـ القاعدة وحركات إسلامية قامت بعد السقوط والاحتلال تنادي بقيام دولة إسلامية سلفية
ب ـ حزب البعث بشقيه : أحلام بالعودة مرة ثالثة لاستلام السلطة، مع وجود محاولات للحوار مع الأمريكان والحكومة
ج ـ بعض المليشيات المسلحة الطائفية على الرغم من وجودها في العملية السياسية : اعتماد ولاية الفقيه وقيام دولة على غرار النظام الإيراني .
نتائج الاحتلال عموماً كانت كارثية ولم يؤد إلى قيام حكومة إنقاذ وطني والاعتماد على القوى الذاتية في إعادة بناء الدولة وكان إصدار قرار بحل الجيش بطريقة بريمر اكبر خطأ ارتكب بحق عموم الوضع وفي مقدمتها الأوضاع الأمنية على الرغم من أن الجيش اعتبر نفسه منحلاً بشكل تلقائي ولم يحرك ساكناً وانفرطت تشكيلاته وفرار أكثرية الجنود والضباط قبل قرار حله، واعتماد نظام المحاصصة الطائفية والقومية الضيقة في إدارة الدولة، ولم يكن لا إسقاط النظام ولا الاحتلال عبارة عن حرب تحرير شعبية قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بل هو احتلال واضح عن طريق إسقاط النظام وهذا ما توضح لنا من خلال القرارات اللاحقة وتشكيل مجلس الحكم والحاكم المدني الأمريكي.
إن الذكرى الخامسة على قيام الحرب والاحتلال تجعلنا متأكدين أن الطريق الوحيد هو طريق جمع الجهود الوطنية المخلصة والتوجه الصحيح لتحسين الأداء السياسي وتحقيق مصالحة وطنية شاملة بدون استثناءات إلا من تلطخت أيديهم بدماء شعبنا وتخليص العملية السياسية من ضيقها وتوسيعها وفق منظور وطني نزيه والسعي الجاد لاستكمال بناء المؤسسات الأمنية الوطنية بروح وطنية عراقية ومن هذه المنطلقات نستطيع التأكيد بان قضية خروج القوات الأجنبية أمر لا يمكن تأجيله ، وبهذه المناسبة سنجد الأكثرية من أبناء شعبنا ستدعم جهود الحكومة الوطنية المخلصة القادمة وتوجهاتها الوطنية لقيام دولة دستورية تعددية ديمقراطية الشكل والمحتوى
 


 

Counters