| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الأحد 26/2/ 2012

 

هل الإنسان العراقي اثمن رأسمال بين القتل والأغذية الفاسدة؟

مصطفى محمد غريب

الإنسان هو اثمن رأسمال هكذا قدر لهذا الكائن باعتباره أساس التقدم وأساس لكل ما جرى ويجري من تطور علمي وحضاري منذ فجر التاريخ الذي من صنعه، هذا الثمين الذي يقدر بقيمة الحياة ويعتبر من أعظم القيم هل حصل على حقوقه المشروعة؟ الجواب ــ لا قطعاً، لأن هذا الإنسان الثمين الذي به وبواسطته يتم إنتاج الخيرات المادية وبخاصة الطبقات الكادحة والفقيرة المعرضة دائماً للتغيب وللسحق وللتدمير تعتبر رخيصة على الرغم من أنها مصدراً لسرقة قوة عملها واستغلالها لزيادة أرباح طغمة الرأسماليين الجشعين.

في البلدان التي تقع تحت سيطرة الحكام المتفردين بالسلطة أو القوى المعادية للحريات والديمقراطية يستغل فيها المواطن أبشع استغلال فهو يخضع لقوانين لها سلطة دينية يستغلها الحكام متى يشاءون لمجرد مطالبته بحقوقه فيقال له أن هذا " قدره المكتوب على جبينه" وإذا ما أعلن معارضته للسياسة الاستغلالية التي تهضم حقوقه الاقتصادية والسياسية فهو يعاقب بالقوانين الوضعية التي تطبقها الأجهزة الأمنية التي تمارس أبشع أنواع الاضطهاد والإرهاب بالضد منه، وبهذا يكون احد هذين الجانبين مهيمن بشكل رئيسي ويستغل للهيمنة السياسية والأمنية.

قد يكون العراق مثالاً عندما يجري تدقيق أوضاعه الحالية وما يتعرض له المواطن العراقي من نكبات ومآسي لا تعد ولا تحصى، فالأخطار المحدقة بالمواطن العراقي كثيرة ومتنوعة المصادر والأساليب وفي مقدمة هذه الأخطار القتل بالجملة بواسطة التفجيرات الإرهابية والاغتيالات التي تمارسها المليشيات المسلحة السرية فضلاً عن تنظيمات سرية طائفية تواصل ملاحقة المواطن البريء لتفجع به عائلته التي تعتبره عمادها الاقتصادي ومدبر عيشتها الصعبة في ظروف قاهرة في مقدمتها الفقر والبطالة والوضع الأمني الذي يتردى بين فترة وأخرى، وهذه الأخطار ما عادت بحاجة إلى الشرح الطويل أو التقصي عن من ورائها، محرضاً أو فاعلاً، أو الحديث عن الاختراقات للأجهزة الأمنية ومشاركة البعض منها في عمليات الخطف بحجة الاعتقال والاغتيال وبالملابس الرسمية للجهاز المعني، كل ذلك بات معروفاً ومفهوماً والمواطن المسكين لا حول ولا قوة على الرغم من احتجاجه ومطالباته لكن دون جدوى وخير مثال ما جرى يوم 23/2/2012 " فقد وقع (29 ) ما بين انفجار وعبوات ناسفة وهجوم مسلح واغتيال بكاتم الصوت في محافظة بغداد وديالى وكركوك وصلاح الدين والحلة والموصل وكانت حصيلة هذه الأعمال الإجرامية بحق المواطن العراقي حوالي (60) قتيلاً و ( 400) جريحاً وكما يقال فإن السلسلة مستمرة وتبدو بدون نهاية قريبة، فهل نعود إلى الماضي القريب لنذكر الكم الهائل من الضحايا والدمار بسبب الانفجارات والاغتيالات والقتل العشوائي والمنظم كي نفهم المعادلة بينما نرى في الجانب الآخر وحسب وسائل الإعلام اهتماماً بصحة نواب الشعب وسلامتهم وعائلاتهم أن البرلمان صوت خلال جلسته (25) من الفصل التشريعي على شراء ( 350 ) سيارة مصفحة بقيمة ( 60 ) مليار دينار عراقي ومئات الآلاف من العراقيين الذين شاركوا في انتخابهم يعيشون تحت خط الفقر وتحت التهديد الإرهابي ومخاطر المواد الغذائية الفاسدة، ومع ذلك وإضافة لهذا الوضع المزري فهناك مخاطر أخرى تحدق بالمواطن وعائلته وهي لا تقل خطورة عن ما ذكرنا، فالأدوية المنتهية صلاحياتها وخطورتها على حياة المواطن والأغذية الفاسدة المعلبة والمجففة فالذي يتتبع كميات من أطنان الأغذية الفاسدة التي تتلف يتوصل إلى الجانب الثاني من المعادلة، فما مقدار الكميات التي تعد بمئات الآلاف من أطنان الأغذية الفاسدة أو التي مر على تصنيعها وقت طويل دون أن تتلف؟ وابتلعها المواطن العراقي بدون أن يدري مضارها على صحته وعلى صحة عائلته مع العلم أن الأغذية الفاسدة لم تختصر على المعلبات فحسب بل حتى على اللحوم والدجاج المستورد وزيوت الطعام وقناني الماء الملوثة والمواد الصلبة مثل الطحين والحبوب الأخرى بما فيها السكر والشاي ولنتصور الخبر المنشور على بعض المواقع وفي مقدمتها " ايبيا " فقد ذكرت أن دائرة صحة واسط ( الكوت ) أتلفت ( 1000 ) طن من مادة الشاي غير الصالح للاستهلاك البشري وانتهاء صلاحيتها في احد المخازن الكبيرة في المحافظة والسؤال المطروح ـــ إذا لم تكن صالحة للبشر فلمن تصلح؟ وبالطبع فإنها ليست الحالة الوحيدة والأولى وهناك عشرات الحالات شملت أصناف كثيرة من المواد والأغذية الفاسدة والمنتهية صلاحياتها وقد ذكر قبل فترة وجيزة أن الرقابة الصحية ذكرتْ أن عام 2010 شهد إتلاف " مواد صلبة قدرت بحوالي ( 9.95000) كغم وأما السائلة فقد قدرت ( 3.000.000 ) مليون لتر، فماذا عن ملايين المواطنين العراقيين الأبرياء وهم تناولوا الأغذية المنتهية صلاحياتها والفاسدة وما هي الأمراض التي أصيبوا بها دون أن يعرفوا الأسباب إلا ما ندر! وليتصور القارئ والمتابع عدد الوفيات التي قد تقدر بالآلاف عند ذلك سيجد أن قتل المواطنين بالأدوية والأغذية الفاسدة يتزامن مع ما تفعله المفخخات والتفجيرات والقتل المختلف ألوانه وأشكاله وأسبابه والطرق الفنية الإرهابية والمليشياوية التي تنتهج في تدمير المواطنين، وهذه الحالة لم تكن غائبة عن الأجهزة الأمنية وهي حمالة أوجه ما بين الاتهامات الموجه للهاشمي والبعض من أفراد حمايته التي كذبتها العراقية العديد من المرات وما جاء على لسان ميسلون الدملوجي" استغراب كتلتها مما تناقلته بعض وسائل الإعلام بشان شمول القيادي في كتلة العراقية جواد البولاني وزير الداخلية السابق وبعض أقاربه بالمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب"، مؤكدة أن "الأنباء عارٍية عن الصحة بالكامل، لأن البولاني ليس له شقيق اسمه أحمد أو خال اسمه نعيم"، ومع ذلك لا ينفي وجود غيرهم من الذين يختفون تحت يافطات وأحزاب وقسماً منهم في الحكومة، كما أنها لم تكن غائبة عن رئيس الوزراء وحكومته العتيدة وهم يعلمون علم اليقين ما يجري لكنهم يتحركون ببطء السلحفاة إلا فيما تقتضي مصالحهم، وليس مخفياً ما صرحت به نائبة عضو في لجنة النزاهة عالية نصيف جاسم " أن ملفات استيراد المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك البشري تفوق أعدادها العشرات وتشير الوثائق عن تورط مسؤولين في الحكومة ووزارة التجارة بعقد صفقات مشبوهة " فإذا صح ما أوردته عالية نصيف جاسم فأي ضمائر ميتة يمتلكها هؤلاء الفاسدين أعداء الشعب والوطن؟ وأين أمانة المسؤولية الوطنية عندهم؟ أما تصريح المتحدث الإعلامي في ديالى تراث العزاوي في آب السابق فمازال طرياً في ذاكرتنا وبالتأكيد قد اطلعت الحكومة عليه حيث قال " الكثير من المواد الغذائية الفاسدة تدخل من دول الجوار وتباع في الأسواق المحلية على نحو بات يمثل تهديداً حقيقياً على الصحة العامة".. بكل تأكيد انه تهديد خطير وصامت ويتحرك بهدوء ويتنقل إلى كل المناطق بدون تدقيق أمني ولا سيما إذا أهملته المراقبة والتفتيش والتقصي ولم تجر بشكل صارم وحثيث معاقبة أصحاب النفوس المريضة والمتسترين عليهم من المسؤولين الشركاء في الدولة بأشد العقوبات القانونية.

أيتها الرئاسات الثلاثة، أيتها الحكومة ان حياة المواطنين العراقيين أمانة بيد كل مسؤول حكومي شريف وفي مقدمتهم أنتم وعليكم ان تكونوا عند ثقة المواطنين الذين انتخبوكم ووضعوكم فوق كراسي الحكم، وانتم تعرفون ان الحياة لا يمكن ان تزكي الفاسدين وأصحاب الضمائر الميتة الذين لا هم لهم سوى مصلحتهم الشخصية، لقد آن الأوان للكشف عن الصفقات المريبة في مجال استيراد المواد الغذائية الفاسدة والمنتهية صلاحية استعمالها التي تنتشر بشكل واسع تقريباً في جميع أنحاء البلاد، ولن نتحدث عن المخدرات الآفة التي انتشرت بواسطة مافيا مدعومة داخلياً وخارجياً، فمتى تتحرك الحكومة والأجهزة الأمنية بشكل صادق ومسؤول لملاحقة هذه الظواهر الغريبة عن مجتمعنا العراقي؟ ومتى تلتفت الحكومة بدون أي تأخير للحفاظ على صحة المواطن العراقي المغلوب على أمره؟.







 







 




 

free web counter