موقع الناس     http://al-nnas.com/

الفساد المالي امتنع عن فتح مركز انتخابي في النرويج لآلاف العراقيين

 

مصطفى محمد غريب

الثلاثاء 25/7/ 2006

لم نتفاجأ من الأنباء التي أشارت إلى إصدار قرار من قبل قاضي تحقيق مفوضية النزاهة وتأكيد راضي حمزة الراضي رئيس مفوضية النزاهة العامة على توقيف مدير عام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عادل اللامي وعشرة من الموظفين العاملين في الإدارة الانتخابية مدة عشرة أيام بتهمة الإهمال وهدر الأموال العامة وفساد إداري ومالي، لكن ذلك ذكرنا كيف أن المفوضية امتنعت عن فتح مراكز انتخابية للانتخابات الأولى والثانية في دولة النرويج مع العلم أن آلاف العراقيين يتواجدون في مدنها وعاصمتها أوسلو، وكنا قد اشرنا قبل شهور في مقال سابق " فضيحة الملايين من الدولارات ومفوضية الانتخابات " واتفق معنا العديد من المراقبين ومنظمات مدنية مستقلة، بان هناك مؤشرات لفساد مالي غير قليل داخل المفوضية وأوضحنا أن أداء المفوضية أثناء الانتخابات الأولى والانتخابات الثانية كان يتسم بطابع إغلاق العين عن التجاوزات والتزوير وغمط الحقائق لأسباب مبيتة ومتفق عليها وبخاصة ضد القوى الوطنية الديمقراطية ولصالح الفئات المتحكمة بالقرار السياسي التي هدفت من خلال عمليات التزوير والتجاوزات غير القانونية إلى الوصل لمآربها بالاستحواذ على اكبر عدد من المقاعد البرلمانية وبمساعدة بعض العاملين الأساسيين في المفوضية العليا للانتخابات ولم يكتف البعض من هؤلاء فقد ساهموا بطريقة ما إلى عرقلة الجهود للتحقيق النزيه والوصول إلى الحقائق لكي يعرى الذين ساهموا أو من كان خلفهم في هذا الانحطاط الااخلاقي واللاقانوني، وقد اشرنا في العديد من الملاحظات أن ذلك لن يمر بسهولة وسوف تكون له نتائج وخيمة قد لا يمكن السيطرة عليها وما هذا الاحتراب والاقتتال والضحايا التي تعد بالآلاف ووجود فرق الموت والمليشيات السياسية الدينية والعصابات المنظمة بالإضافة إلى المنظمات الإرهابية إلا دليل ساطع على ما تنبأنا به قبل وبعد الانتخابات وبخاصة الأخيرة
ان حيثيات قرار التوقيف الذي شمل البعض الآخر وحسبما أشارت الأنباء لهم ومنهم حارث محمد حسن المدير العام المساعد لعادل اللامي ووفق المادة ( 361 ) الفصل الثاني ( الاختلاس ) من قانون العقوبات حيث تصل عقوبتها وبخاصة " يعاقب كل موظف أو مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته فاستولى بغير حق على مال أو متاع أو ورقة مثبتة... الخ" بالمعنى الصريح التلاعب بالأموال العامة إلى السجن مدة لا تزيد عن ( 10 ) سنوات تؤكد على ان السبب الرئيسي كان توقيع عقد من قبل المدير العام عادل اللامي مع شركة وهمية تداعى " شركة رامن " بمبلغ يزيد عن ستة ملايين دولار وان حارث محمد حسن دفع شيكات تزيد على خمسة ملايين ونصف المليون دولار إلى شخص يدعى فراس عبد الله الذي هرب إلى الأردن بعد صدور مذكرة توقيف بحقه وهكذا طار العصفور من القفص وطارت الملايين معه وبهذه الحالة فان الأموال العامة، أموال الشعب أصبحت " خان جخان " لكل من أصبح مسؤولاً ولم يضع ضميره أمام عينيه ويحسب للمصلحة العامة أي حساب فانتشر الفساد المالي بحدود لا يتصورها أي إنسان حتى أصبح حكاية لضرب الأمثلة والنكات ونسوق مثالاً حياً على ذلك فأمام هذا الإهدار واختفاء ملايين الدولارات فان لجنة التنسيق بين القوى الوطنية وآلاف العراقيين المتواجدين في دولة النرويج طالبوا فتح مركز انتخابي في اوسلو بسبب بعد المراكز الانتخابية في دول الجوار لكثير من المدن النرويجية التي تبعد البعض منها أكثر من ألف كيلو متر إلا أن المفوضية تحججت حين ذلك بعد وجود إمكانية مالية لفتح مركز فحرم مئات من العراقيين من المشاركة في الانتخابات والإدلاء بأصواتهم ، وهذه واحدة من عدة قضايا إهمال و فساد معروفة وما إعلان القاضي راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة عن إحالة " 47 " من الوزراء ووكلاء الوزارات والمديرين العاميين بتهمة الفساد الإداري اكبر دليل على ما نقوله وهذا هو الرقم الظاهر أو الذي أظهرته هيئة النزاهة فما مقدار الرقم المستتر المخفي ؟ وما هي حجم الأموال المسروقة الأخرى ؟ وكيف جرت الاتفاقيات وعقد العقود السرية ؟ وكيف تدبر القضايا المالية والفساد الإداري منتشر في جميع مفاصل الدول؟ استفسارات لا حصر لها ويبقى المتضرر الوحيد هو شعبنا الكادح الذي يواجه هذا التدهور والاضطرابات الأمنية وأصبح همه ليس لسد رمقه وعائلته من الجوع والفقر والبطالة فقط بل المحافظة على حياته وحياة عائلته من شبح القتل الكامن خلف الأبواب وفي منعطفات الشوارع والأسواق الشعبية ودور العبادة والقتل على الهوية .
وتشير التوقعات على أن هذه القضية قد تأخذ أبعاداً أوسع مما هي عليه وبخاصة ظهور فضائح أخلاقية وتعين موظفين وهميين تُقبض رواتبهم لتهبط في جيوب بعض الذين يتسترون باسم القوانين والمفوضية وما جرى من سحب يد أربع موظفين من الوظيفة وإنهاء عقد ستة مدراء في الكرخ والرصافة وإحالة اثنان منهم إلى المحاكم المختصة وقد يؤدي التحقيق إذا لم تجر " طمطمته " إلى ظهور العديد من الأساليب والطرق في هدر الأموال العامة عن طريق التلاعب والفساد المالي والإداري وكذلك الكيفية التي تمت فيها معالجة الخروقات والتزوير اللتان صاحبتا الانتخابات الثانية 15 / كانون الأول / 2005 ولماذا جرت لفلفة الشكاوى والاعتراضات العديدة وتحت مسوغات مدفوعة الثمن.
ان اشد ما يؤلمنا ويزيد سخطنا هو استهتار البعض من الذين كانوا يدعون بأنهم " معارضة " ضد النظام السابق وعدم احترامهم للهاجس الوطني وافتقادهم للنزاهة المطلوبة في هذه الظروف القاسية ومن هنا تبدأ جريمة الخيانة للوطن وللشعب، والخيانة لا تعني فقط من تعامل مع العدو الخارجي ضد مصالح بلده بل الخيانة تكمن أيضاً بالتجاوز على الأموال العامة وعدم النزاهة وتشجيع الفساد والتلاعب بالنتائج الانتخابية وممارسة العنف بحجة القانون المبرر للبعض ضد الآخرين وتزوير الحقائق، الخيانة بمعناها الواسع عدم الوفاء وسقط المتاع اللااخلاقي.