| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

السبت 25/12/ 2010

 

أعياد الميلاد وسلبية الإلغاء

مصطفى محمد غريب

منذ أن أدركت وجود الغابة الفسيفسائية في المجتمع العراقي ثم عرفت أن كتابة التاريخ لم تكن منصفة وبخاصة عند مؤرخي السلطات وتختلف عن التاريخ الحقيقي ووقائعه ولا سيما الأثرية حيث غيبت حقائق ووضعت بدلها أكاذيب وتشويهات بغرض خدمة السلطان والجاه والطبقات الحاكمة، لقد شاركت بمشاعري وما استطعت من إمكانيات في احتفالات الغير المسلمين وفرحت لفرحهم وسررت لسرورهم وشاركت كل الشرفاء الذين كانوا قبل وجودي وهم كثر من الأحزاب والتجمعات والشخصيات في المطالبة بحقوقهم المشروعة مثلما هي للمسلمين والعرب ولهذا كنت ومازلت أشارك الأخوة المسيحيين في احتفالاتهم وأعيادهم بداية من التهنئة ( المعايدة الاعتيادية ) إلى أعياد الميلاد التي تدعو إلى المحبة والسلام.

في العراق الجديد حسب ما يقال انقلبت الآية فبدلاً من مشاركتهم ومساندتهم جرى العكس من ذلك ولا سيما عند البعض فهناك مصطلح جديد يقول بأن المشاركة هي الدعوة "لإحياء الصليبية " ومن هذا المنطلق انطلقت المنظمات التكفيرية سلفية كانت أو أصولية في إجراءاتها الإجرامية معتمدة على البعض من الفتاوى بالاغتيالات الفردية والجماعية للعائلات أو دفع الجزية في بداية الأمر وبالحصار عليهم ومهاجمة أماكن عبادة الله من كنائس وأماكن أخرى يذكر فيها اسم الرب الأعلى والإله الواحد والسيد المسيح المذكور في القرآن الكريم وكان آخرها وليس أخيرها الهجوم على كنيسة سيدة النجاة وما لحق الإخوة المسيحيين من ضحايا وخراب شامل لمبنى الكنيسة وداخلها مما دفعهم للهجرة إلى داخل وخارج البلاد كما في الحالات السابقة مع استنكار وطني داخلي وقطري وعالمي.

نعم أنها محنة ومأساة كان المفروض ومن الواجب الوطني والديني والإنساني أن تحميهم مؤسسات الدولة الأمنية من الشرطة أولاً والجيش ثانياً لكن الاسترخاء والإهمال يدل عن عدم الاستمرار في الحيطة والحذر وتناسي مخططات تلك القوى التي لا فرق لديها بين مسلمين ومسيحيين وأزيديين وصابئيين، لا فرق عندهم بين عرب أو كرد أو تركمان أوكلدو آشوريين أو أية قومية أخرى، بل لديها المهمة الأولى قتل المواطنين العراقيين بدون حساب وبحجة الفتاوى التي تبيح الذبح والتعذيب والتشريد والاستيلاء على أموال الناس بدون ذنب بعدما حرمتها جميع الأديان السماوية وفي مقدمتها الإسلام وكذلك القيم الإنسانية التي تساوي ما بين جميع الناس ومن مختلف الملل والشعوب.

لقد تألمت مثل أكثرية أبناء الشعب العراقي عندما تناهى إلى مسمعنا إعلان رئيس أساقفة الكلدان في كركوك إلغاء الاحتفالات بعيد الميلاد هذا العام والاكتفاء بالصلاة بعدما تلقى من أعداء الدين الإسلامي قبل الدين المسيحي تهديدات برسالة عن طريق البريد الالكتروني ومن ما يسمى "بوزارة الحرب في دولة العراق الإسلامية" هذه الرسالة الإسلامية «لقد قرأتم الرسالة بشكل خاطئ وأصابكم العمى في مطالب المجاهدين وهذا سيكلفكم ثمناً غالياً جداً». وأضاف «إذا استمريتم في استعداء المسلمين واخترتم تحدي المجاهدين حتى لو بقي اثنان من المجاهدين، لتفرغا لقتالكم، لذلك كان عليكم الإصغاء لمطالبنا».

إن إعلان رئيس أساقفة الكلدان في كركوك بإلغاء الاحتفالات بعيد الميلاد هذا العام تحت طائلة الرسالة الالكترونية والتهديد من قبل الإرهاب تعتبر سلبية في التوجه لمجابهة الظلم والطغيان ويعني هذا أنهم جعلوكم تصغون إليهم بالتهديد والوعيد وتنفذون ما يريدون منكم أن تفعلوه حتى لو كان الأمر على فنائكم وهوخطأ جسيم سوف يسمح بالتمادي في الجريمة وأرى أن العكس هو الصحيح القيام بالاحتفالات تحدياً وموقفاً يضاف إلى مواقف السيد المسيح وتحديه من اجل المبادئ والمثل السامية وفي هذه النقطة بالذات تحميل مسؤولية الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين لقوات الحكومة والبشيمركة وجميع القوى الوطنية الشريفة التي تقف مع الأخوة المسيحيين العراقيين النجباء، إحياء أعياد الميلاد عبارة عن الاعتراف بحق كل المواطنين ومن كل التكوينات في أداء طقوسهم الدينية والمعتقدية وتثبيت لحريتهم وحرية انتمائهم ورأيهم والعكس يعني قيام دكتاتورية تفرض الرأي الواحد والطاعة العمياء وهو طريق لن يؤدي أبداً إلى العيش بسلام، وحماية هذه الغابة الفسيفسائية الجميلة المتنوعة بالأشجار والأزهار وعبق الطبيعة وجماليات الروح الإنسانية التي ترى في الإنسان اثمن راس مال في الوجود
 

free web counter