نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأحد 25/6/ 2006

 


 

الفيدرالية لإقليم كردستان ولكن أية فدرالية

 

مصطفى محمد غريب

منذ ان سقط النظام الشمولي برزت على السطح مباشرة مطالب تحقيق الفيدرالية لإقليم كردستان العراق كحالة موضوعية وقانونية للشعب الكردي مع العلم ان هذه القضية لم تكن غائبة عن العقل الوطني المعارض للنظام وقد طرحت كمطلب مُلح قبل هذه الفترة بوقت غير قليل، كما أنها أي مطلب الفيدرالية قد مرت بمراحل عديدة، من بينها مطلب الحكم الذاتي الذي تحقق بفعل نضال الشعب الكردي وقواه الوطنية والديمقراطية في 11 / آذار / 1970 الذي تم تشويهه وحرفه من قبل النظام السابق ومن اجل تصحيحه جرى التأكيد على مطلب الحكم الذاتي الحقيقي، ثم مطلب الفيدرالية القائم منذ زمن بعيد.. ان هذه القضية بالرغم من مشروعيتها قانونياً وسياسياً فقد جابهت العداء والمراوغة من قبل البعض الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بحجة ان ذلك يعد انفصالاً عن العراق على الرغم من جميع التصريحات والبرامج للأحزاب الكردية والوطنية الديمقراطية بان الفيدرالية هي الطريق السليم للوحدة العراقية وليس العكس وهي الداعم الأساسي والثابت لقضية الديمقراطية والتعددية وتحقيق حقوق القوميات الأخرى كالتركمان والكلدو آشوريين وغيرهم، لكن الذين يكنون العداء التاريخي والنفس الشوفيني للقوميات الأخرى مازالوا ينفخون في قربة الانفصال لتشويه هذا المطلب العادل ويعتبرون أن الكرد العراقيين هم طارئين على إقليم كردستان والعراق أو يشككون بقوميتهم وأصولهم ويصنفوها حسب أفكارهم الشوفينية المعادية لأية حقوق قومية مشروعة وبالرغم من كل الشواهد والإثباتات المادية والتاريخية بان هذا الشعب العريق موجود منذ آلاف السنين على ارض كردستان وقد قَسمت بلاده بشكل تعسفي استعماري معاهدة سايكس ـ بيكو عام 1916 بين العراق وتركيا وإيران وسوريا وهذه القضية مثبتة في وثائق الأمم المتحدة ، كما أطمست حقوقه بالكامل معاهدة لوزان عام 1921 التي لا تقل تعسفاَ عن المعاهدة التي سبقتها.
ونحن لسنا بصدد إثبات وجود للشعب الكردي تاريخياً فقد تناولته الوثائق التاريخية وغيرها من الكتب والكتابات التي لا تحصى، بقدر سعينا لفهم قضية غاية في الأهمية هي قضية الفيدرالية لبلد يحتوي على قوميات عديدة تحتم وجود الفيدرالية بما يتناسب وموقعها الجغرافي السكاني وامتداداتها وارتباطاتها وثوابتها القومية وعمقها التاريخي وأسسها الصحيحة.
إن الاعتراف بمبدأ حق تقرير المصير يعتبر فاتحة لتفهم حقوق الأمم والشعوب والقوميات في تقرير مصيرها حسب ظروفها ومصالحها، ولا يوجد أي شك في أن الفيدرالية وضرورتها لبلد يحتوي على قوميات كبيرة نسبياً وأعراق مختلفة تؤدي إلى تعزيز وحدتها وتقوي لحمتها بما يخدم مصالح الجميع ولكن هنا يجب ان نعرف عن أي فيدرالية نتكلم؟ وهل المقصود من كلامنا على أساس صحيح أم وفق مفاهيم متطرفة أو نفعية؟ هل هي فيدرالية تقوم لتقوية اللحمة الوطنية والشعبية وتوحيد البلاد ؟ أم فيدرالية تؤدي إلى التقسيم والبعثرة والاختلاف ؟ فيدرالية مفتعلة لا تعتمد على متطلبات حقيقية حيث تكون أداة للتقسيم في حال القومية الواحدة وتبنى على قاعدة طائفية؟
ان الفيدرالية التي نادت بها القوى الوطنية الديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي والتي أقرها البرلمان الكردي في 8 / 11 / 2002 أي قبل سقوط النظام ونص عليها بعد ذلك الدستور العراقي لم تكن لأغراض تنافسية أو ذاتية نفعية بل هي ضرورة موضوعية فرضتها الحياة السياسية والعلاقات الكفاحية بين القوميتين الرئيسيتين العربية والكردية والقوميات الأخرى في العراق ، وان هذه الفيدرالية عبارة عن مشروع سياسي يهدف إلى التعايش السلمي ما بين القوميات والفئات المتمايزة وهي لا تعني غمط حقوق القوميات الأخرى كالتركمان والكلدو آشوريين وغيرهم بل تم توضيح حق هذه القوميات بالتمتع بالحقوق القومية العادلة والمشروعة، والفيدرالية لإقليم كردستان العراق تخص شعب يتمتع بخصوصية ثقافية وحضارية ولغوية وتعداد بشري يعد بالملايين، كما هو حال العرب الذين يشتركون بالتاريخ واللغة والعادات والتقاليد المتعارف عليها وهنا تعتبر هذه الفيدرالية طبيعية وغير مصطنعة وضرورية انطلاقاً من فكرة الوحدة على ضوء تفهم حقوق الآخرين لكي لا يتم تهميش أو إلغاء باقي القوميات وتعتيم حقوقها المشروعة من قبل حكومة مركزية مارست على امتداد تاريخها سياسة شوفينية اعتمدت على الابادة الجماعية وتهجير الآلاف إلى مناطق بعيدة لتغير واقع الإقليم السكاني وبالتالي للإجهاز على مشروعية الحقوق التي تنص عليها المواثيق الدولية وفي مقدمتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966.
إن الوحدة الحقيقية تبنى على أساس المصالح المشتركة الثابتة والحقوق الكاملة وعدم التفريط بأية قومية أو أقلية مهما كانت كبيرة أو صغيرة وفق قواعد الديمقراطية الحقيقية وليست ديمقراطية الشعارات الفضفاضة المبنية على قاعدة الفائدة الذاتية والدعاية السياسية والمنافع الضيقة وتشويه وعي الجماهير وعندما تتحقق الديمقراطية بشكلها الصحيح سينتج عنها مفردات من بينها تداول السلطة واحترام إرادة الجماهير وتبنّي القرارات وإصدار القوانين بما يخدم المصلحة العامة ولهذا فان تحقيق الديمقراطية الحقيقية سوف يؤدي حتماً إلى خلق وعي شعبي عام متطور يؤمن بضرورة إعادة الحقوق بشكل متساوي للجميع ومن بينها حقوق القوميات الأخرى وتحقيق الفيدرالية بما يخدم الوحدة الوطنية.