موقع الناس     http://al-nnas.com/

المحاصصة الحزبية والطائفية لن تخدم التوجه لبناء العراق الديمقراطي

 

مصطفى محمد غريب

الأثنين 24/4/ 2006

ان قراءة الواقع السياسي لا تمت الى الغيب بصلةلأنها تعتمد على الاستنتاجات الموضوعية والقوى المتحركة ومدى تأثيرها وقوتها وارتباط مصالحها وتوجهاتها الطبقية، ولهذا كنا قد قرأنا هذا الواقع العراقي منذ تشكل الحكومة بعد الانتخابات الاولى وتوصلنا اعتماداً على هذا الواقع ان الحكومة القادمة سوف لن تكون الا ممثلة لثلاث جهات بدلاً عن الجهتين الائتلاف العراقي والاتحاد الكردستاني وهذا ما حصل مؤخراً.
ان اربعة شهور مرت بالفراغ السياسي خسر الشعب العراقي فيها الكثير ودفع الثمن غالياً بدون سبباً مهماً الا اللهم الصراع على الكراسي وتثبيت الاستحقاقات الانتخابية والمحاصصات المعروفة، وقد ادى هذا الفراغ ايضاً الى تضحيات جسيمة وتعطيل العملية السياسية وعدم تشكيل الحكومة بالسرعة اللازمة بعد الانتخابات الثانية، وخلال هذه الفترة قدمت الكثير من الانتقادات والملاحظات على اداء حكومة السيد الجعفري وكان اكثرها انتقاداً اعتبارها حكومة طائفية قومية ضيقة بسبب المحاصصة التي جيرت بها منذ البداية، تلك المحاصصة التي اثرت على اداء الحكومة مما جعلها تفشل في اداء الكثير من مهماتها الاساسية ومن بينها استقرار الوضع الامني وايجاد الحلول الواقعية للمشاكل التي اصبحت من اصعب العقد ومن بينها الاحوال المعيشية وغيرها.
اليوم تعود الطريقة نفسها التي تم فيها تنفيذ تشكيل الرئاسات الثلاث ثانية الى حيز الوجود وحسمت القضية على اساس المحاصصة الطائفية القومية التي تتنافى مع الدستور وكأن ذلك اصبح عرفاً او نهجاً متعارفاً عليه واعتبر كقانون جبري يجب التقيد به او الالتزام بما فرضته الولايات المتحدة الامريكية اثناء تشكيل مجلس الحكم، والاعجب من ذلك ان القوى السياسية الجديدة التي كانت ترفض العملية السياسية او لها موقف منها ووقفت منتقدة حكومة السيد الجعفري باعتبارها حكومة محاصصة طائفية وقومية ضيقة وافقت على هذه المحاصصة الجديدة بدون قيد او شرط، وافقت وهي التي كانت ترفع عقيرتها بالضد منها وتعتبرها اداة جديدة لتقسيم العراق ومن الواجب الوطني الوقوف ضدها وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
ان اخطر ما يحاط بالعراق هو التقسيم الطائفي القومي العرقي باعتباره آلياً يدفع الى تقسيم النفوذ على مناطق معينة لكي يتحكم فيها من لديه الامكانيات والمصالح الضيقة التي يريد الحفاظ عليها وقد تكون العملية برمتها للتقاسيم الاقليمية التي طرحها البعض سابقاً وهي اليوم اصبحت قاب قوسين من التنفيذ، وليس بالخطأ او التجني عندما نقول ان العراق قد قسم فعلاً الى ثلاثة مناطق اردنا ام لم نرد " شيعية وسنية وكردية " وقد شكل هذا التقسيم وما زال الاحباط لدى اوسع الجماهير الشعبية التي تتطلع الى حكومة وطنية لا تعتمد المحاصصة بل تعتمد على الكفاءة الوطنية المخلصة بدون الاعتبار للطائفية والحزبية والقومية الضيقة، وهو ما نوهنا عليه سابقاً وتحدثنا عن خطورته في الوقت الراهن والمستقبل لأن هذا النهج الذي يتبناه البعض سوف يكون قاعدة منهجية حتى في المستقبل ولن يتخلى عنها من روّج لها واعتمدها في التخاطب والتعامل السياسي مع الفرقاء الآخرين وسوف تكون عكازة يتعكز عليها ذوي النهج والعقلية الطائفية.
ومع هذا سنكون متفائلين ولو قليلاً ولن نستبق الواقع الزمني والسياسي الذي نتج عن الانتخابات الاخيرة وبخاصة ونحن اكدنا اننا لسنا كاشفي الغيب ومن هذا التفاؤل فيما قاله السيد جواد المالكي بعد تكليفه بتشكيل الوزارة " سأعمل على القضاء على اساس التناقضات العنصرية والطائفية ورفع المظلومية التي لحقت بابناء الشعب العراقي بغض النظر عن انتمائهم " ونقول له وبكل صراحة ليس المظلومية في زمن النظام السابق فحسب بل الذين ظلموا وجرى التجاوز على حقوقهم من جميع قطعات الشعب وتكويانته المختلفة فيما بعد انهيار النظام السابق،اي ان المظلومية استمرت بطرق واخرى بسبب الاحتلال والمحاصصة الطائفية السابقة. وبمجرد المتابعة والعودة الى الدوائر والوزارات والبعض من المؤسسات الامنية سيجعلنا نقف مستغربين امام تصريحات المسؤولين السابقين حول الدفاع عن مصالح العراق والعراقيين من جميع الفئات وبدون تمييز وتفريق، وما جرى على ارض الواقع من الممارسات الطائفية والقومية واتساع الفساد الاداري والسرقات والرشاوي وغيرها من الاعمال التي يعاقب عليها القانون مما نتج عنه اهمال حقيقي لاصحاب الكفاءات والطاقات العلمية الوطنية البعيدة عن الطائفية والقومية الضيقة ، اما ما جاء على لسان السيد المالكي حول الاهتمام بقضايا الامن والاستقرار والعمل على التسريع " برفع الكفاءة والقدرة للقوات الامنية من اجل استكمال السيادة الوطنية " فهو حديث ذو شجون وبخاصة ما عانته جماهير الشعب من كلا الطرفين، الارهابيين والبعثفاشي والمليشيات المسلحة التابعة للبعض فهذان الامران قد يعيقان عملية الاستقرار ويقفان بالضد من الارادة الخيرة اذا لم تكن هناك خطط واقعية للتصدى لهما ومن بينهما حل جميع المليشيات المسلحة غير القانونية فوراً وبدون تأخير او استثناء، واعتماد سياسة بعيدة عن الروح الطائفية مبدأها الاساسي الاخلاص الوطني واعتبار الشعب العراقي بمختلف قومياته واديانه واعراقه الاساس في التعامل والتساوي في الحقوق .
وعلى الرغم من جميع الخطب الرئاسية التي رفضت الطائفية ونبذ الاحتراب الطائفي والمذهبي الا ان المحاصصات اتسمت بالطائفية لأن المناصب السيادية انحسرت بين ثلاث كتل واهملت الكتل الاخرى او اعتبرت معارضة ايجابية في المستقبل وبهذا انتهت المساعي الوطنية المخلصة الهادفة الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية القوية التي تستطيع قيادة البلاد الى شاطئ الامان والسلام. سننتظر ونتابع بايجابية وبروح وطنية لا تمييز فيها ونتمنى ان تطبق على ارض الواقع تصريحات وخطب الرئاسات الثلاث على الرغم من اننا نجدها بالغة الصعوبة وبعيدة عن المطلب الشعبي الواسع، حكومة الوحدة الوطنية الواسعة والقوية.