موقع الناس     http://al-nnas.com/

استغلال المشاعر والشعائر في المناسبات الدينية سياسياً وطائفياً


مصطفى محمد غريب

الخميس 24/8/ 2006

من المرجح أن يزداد الطلب على تحشيد اكبر عدد من المواطنين في المناسبات الدينية كما هو حاصل اليوم وان كانوا الضحايا بعشرات الآلاف فالمهم التنافس على كسب المشاعر عند المؤمنين من قبل العديد من الأحزاب الدينية السياسية قائم على قدم وساق ويعتبر هذا الكسب الوقتي قضية مهمة لإظهار القوة والتنافس والقدرة على قيادة الناس بدون الشعور بمسؤولية هذا التوجه الخطر، البعض من القوى السياسية الدينية تستغل المناسبات والشعائر الدينية لضخ النفس الطائفي وقد تجلى ذلك في مناسبات عديدة بدون اخذ الاعتبار للظروف الأمنية السيئة والظروف المعيشية والاقتصادية المتردية وبما أن الأمر مفيد للتأييد والتظاهر بالسيطرة على الشارع وإظهار القوة فلا بأس أن تنسى هذه التنظيمات والبعض من زعمائها واجبها الأساسي في زيادة اللحمة بين المواطنين وإبعاد عنهم أخطار التفجيرات والمفخخات والقتل الإرهابي بل المهم في القضية زيادة الشقاق والنفاق والفرقة من اجل قيادة المواطنين وإبعادهم حتى عن التفكير السليم بمخاطر هذه التفرقة والتنابز والحقد الطائفي، وكل مناسبة تمر يزداد التحشيد ودفع الآلاف من هؤلاء تحت شعارات ودعوات تحريضية تبث في السر والعلن وفي كل مرة تتجدد أساليب القتل والتفجير والضحايا هم المواطنين الأبرياء الذين يُزَجون بسبب استغلال مشاعرهم لثبيت مفهوم القوة والتحدي أمام الجانب الأخر من معادلة المحاصصة الطائفية فتكمن في التحرك المضاد بالاتجاه نحو دور العبادة والتحريض بطرق مختلفة الذي تصاعد مؤخراً وانفلت من عقاله بتطرف ليس له مثيل، وإذا نظرنا إلى أكثرية الخطابات السياسية الدينية لهؤلاء فسوف نجد في مقدمتها موضوعة شماعة الاحتلال إلا أن الفعل الحقيقي لإخراج هذه الاحتلال يأتي عبر قتل العراقيين ووفق الأسلوب الامثل، فجانب الإرهاب يتخذ من التفجيرات والتفخيخات والعبوات الناسفة والهاونات والقتل في المقابل تنشط المليشيات بفروعها فرق الموت واستغلال المؤسسات الأمنية لتمارس الدور الذي تمارسه الجهات الإرهابية وفي هذا المعنى يدفع المواطنون ضريبة هذا الصراع الحزبي الطائفي باتجاه إفهام العراقيين وغير العراقيين وكأنها حرب طائفية بينما والحقيقة هو صراع وتحارب بين القوى الدينية السياسية الطائفية والتكفيرية .
وكما نرى فان المناسبات الدينية المعروفة ازدادت بشكل مثير وأخذت تمارس فيها طقوس غريبة عنا وعن تقاليدنا وكأنها مستوردة من دولة أخرى، وكما هو منذ نعومة أظافرنا كنا نشاهد هذه المناسبات والشعائر بشكلها الطبيعي وفي وقتها المحدد أما أن تتخذ أشكالاً عجيبة بطريقة تدعو للتسأل لغرابتها فذلك يعني أن الأهداف الكامنة من خلفها مخطط لها ولا نعرف كيف يمكن أن يتوجه مئات الآلاف تاركين أعمالهم ووظائفهم وقضاياهم لإحياء ذكرى كنا نحيها سابقاً وقبل أن يمنعها النظام الشمولي بالقوة لأهداف حزبية ووفق عقلية قومية متطرفة وليست طائفية بشكل يجسد وقوفنا إلى جانب الحق وضد الباطل ومن أجل تحقيق العدالة وضد الظلم والطغيان وجبروت أولئك الذين استغلوا الدين والدولة في حججهم لتصفية معارضيهم الذين كانوا يطالبون بالعدل وكنا مثلاً نأخذ من أيام عاشوراء واستشهاد الحسين (ع ) كمثال لتعرية الحكومات والظلم والإرهاب ونحاول أن نحشد اكبر عدداً من جماهير شعبنا للمشاركة في الصراع الدائر وبالضد من تلك القوى التي كانت تستغل وتنهب وترهب بواسطة الأجهزة القمعية أما " ميلاد أو استشهاد احد الأمة أو العلماء " فكانت المراسيم التي تعقد أكثر عقلانية ولا يوجد فيها أي تطرف أو دعاية طائفية فهل من المعقول أن تغلق العاصمة وتمنع وسائط النقل لمدة ثلاثة أيام أمام الدعوة لإحياء استشهاد الأمام موسى الكاظم (ع ) بهذا القدر من الناس الكبير بدون التفكير بمصلحتهم وحياتهم ووضعهم وهم يقبلون زرافات زرافات تحت مخاطر جمة تترصدهم وتحاك ضدهم من قبل العديد من المجموعات الإرهابية والمليشيات المسلحة التي قدرت بحوالي (20) مليشيا، وكل من له مصلحة في تأجيج الأحقاد الطائفية واستمرار الاضطرابات الأمنية، ومع كل الاحتياطيات والتدابير الأمنية فقد كان المواطنون تحت وابل من النيران والرصاص فاستشهد عدد غير قليل وأصيب من أصيب وخرج بعدها البعض من زعماء هذه الدعوات ليعلنوا الشهادة والتعويض مثلما فعل السيد الجعفري وغيره وليضعوا اللوم على التكفيرين ويحلو للبعض اتهام الطائفة الأخرى جميعها بهذا العمل الدنئ بدون محاسبة أنفسهم باعتبارهم المسؤولين الأوائل عن هذه المجازر بدعوتهم للناس ترك أعمالهم وأماكن معيشتهم ووظائفهم وزجهم في أتون النار والدم والمشي أو الركض أو الزحف إلى الأماكن المقدسة وتعريض حياتهم للمخاطر التي أصبحت معروفة حتى للرضع الصغار، ولنا في تجارب سابقة خير برهان وفي مقدمتها ضحايا جسر الأئمة.
قد يتصور البعض أننا ضد هذه المناسبات الدينية المختلفة وهو تصور خاطئ جملة وتفصيلاً فنحن نريد إحياء هذه المناسبات على أساس المكانة الرفيعة لمعنى التضحية بالنفس من اجل الغير وفي سبيل الحق وبالضد من الباطل لا من اجل استغلال مشاعر الناس وهذه الشعائر بهدف سياسي طائفي وكسب حزبي، بل العكس جعلها مناسبات لتقوية اللحمة بين المواطنين وعدم تكريسها بغرض التشويش وإظهار الطائفة الثانية وكأنها ضدها وهو هدف خطير تكمن عواقبه في تفتيت النسيج الاجتماعي للمجتمع وللعائلات العراقية المتداخلة مع بعضها، خطورته تكمن أيضاً في خلق مناخ مناسب لزيادة الإرهاب وانفلات المليشيات المسلحة وفرق الموت والعصابات المنظمة وفقدان الثقة.