| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأحد 24 /12/ 2006

 

 

مؤتمر المصالحة الوطنية والمصالحة الحقيقية


مصطفى محمد غريب

الدعوة لقيام المصالحة الوطنية أصبح مطلباً شعبياً واسعاً تنشده طبقات الشعب وفئاته الاجتماعية كافة والدعوة هذه ليست وليدة هذه اللحظات ولا هي اقتراح أو اختراع جهة بمقدار ما هي ضرورة وطنية ملحة وشعور بالمسؤولية والحرص لإنقاذ الوطن مما هو عليه من فوضى واضطراب شلا أكثرية مرافقه الحيوية.
لقد طرحت المصالحة الوطنية خلال تفاقم الأزمات بعد سقوط النظام واحتلال العراق بفترة وجيزة بعدما ظهر للعيان عدم إمكانية السير في الطريق الذي انتهج منذ ظهور مجلس الحكم والحاكم الأمريكي بريمر.
ان احتلال العراق الذي كان ومازال لنا موقف واضح منه ومن آلياته ومجرياته ونتائجه المعروفة والذي لم نكن يوماً لا قبل ولا بعد معه وذَكّرنا الجميع دائما بأنه سيكون الوبال المنتظر والخراب الواسع ولن يستطيع تحقيق آمال الشعب وتحقيق مطامحه المشروعة بما فيها تحقيق الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وحذرنا منه كونه سيجعل استقلال البلاد في مهب الريح وهو عودة إلى الصفر عندما احتل العراق من قبل بريطانيا أوائل القرن العشرين ولكن لشديد الأسف جرت الرياح بما لا تشتهي السفن فافرزهذا الاحتلال الكثير من السلبيات في مقدمتها سياسة المحاصصة الطائفية وقد عانت الأكثرية منها ومن نتائجها التي أنتجت هذا الانفلات الأمني والإرهاب والاحتقان الطائفي والمليشيات وتدخل دول الجوار في شؤوننا الداخلية وجعل الساحة العراقية مكاناً لتصفية الحسابات والخلافات الإقليمية والدولية .
بعد حوالي أربع سنوات على الأوضاع المأساوية وما تمخض من كوارث وتداعيات وما طرح من أفكار ومتطلبات من قبل القوى الخيرة حول ضرورة التحلي بروح المسؤولية وتقوية اللحمة بين أطياف الشعب العراقي وتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية التي أصبحت أكثر من ضرورة ملحة بل من اجل المصير المشترك لبقاء الوحدة الوطنية ووحدة البلاد .. نعم بعد عدة مؤتمرات ولقاءات فقد استمعنا إلى الخطابات والكلمات التي ألقيت إثناء انفتاح مؤتمر المصالحة العراقية الذي انعقد في بغداد عاصمة العراق بتاريخ 16 / 12 / 2006 فلم نسمع منهم إلا كلاماً طيباً وحريصاً ، ولم نسمع منهم بأنهم ضد المصالحة الوطنية أو ضد وحدة العراق الديمقراطي ألتعددي المستقل وهي أي جميع الخطابات كانت إدانة واضحة للتوجهات الطائفية والتسلطية، إدانة لكل الذين يخططون من أجل تخريب البلاد وتدمير الوحدة الوطنية التي ينادى بها أكثرية المواطنين العراقيين ويطمحون إلى رؤية النتائج الايجابية على ارض الواقع ويأملون مثلما نأمل أن يكون المؤتمر وتوصياته وقرارته مدخلاً واسعاً إلى تفعيل المصالحة الوطنية وان يكون العراق لكل العراقيين المخلصين بغض النظر عن انتمائهم ومعتقدهم ودينهم وقوميتهم ومذهبهم وعسى ونقول " عسى " أن لا يكون هذا المؤتمر مثل باقي المؤتمرات التي عقدت وانتهت وكأنها لم نعقد ولم تتخذ أية قرارات مما أدى إلى إحباط كبير بين الكثير من المواطنين..
واليوم وبعد أن مرت ( 10) أيام على عقد المؤتمر نعلن بأن الإحباط مازال بعيداً عنا ولا سيما فيما يخص نجاح المصالحة الوطنية الشاملة ومن هذا المنطلق نود أن نؤشر على بعض الأسس التي تدفع عملية المصالحة إلى أمام وفي بدايتها.
ضرورة وضع مصلحة البلاد فوق أية مصلحة طائفية وحزبية ومن هذه الضرورة يترتب على الفرقاء أن يقدموا بعض التنازلات إذا كانت النية صادقة للوصول إلى اتفاق شامل وحقيقي تضيع الفرصة أمام المتصيدين في المياه العكرة أو الساعين إلى خلق الفتن من أي نوع كان والمتبجحين بمعاداة الاحتلال وهم ينتقمون من الجماهير الشعبية.. المهمة الثانية جاءت على السنة الخطباء وفي مقدمتهم رئيس الوزراء هي إعادة النظر فيما يخص اجتثاث البعث الذي استغل للمزايدة ولتصفية الذين يختلفون معهم بالرأي ومحاربتهم عن طريق قطع الأرزاق وملاحقتهم بالحجة أعلاه بطرق غير قانونية وجعلها ضمن الإطار السياسي غير المؤهل لحل المشاكل الجنائية بسبب الاختلافات والمتناقضات الموجودة أصلاً فيه ودارسة هذه القضية دراسة مستفيضة ووضعها في إطارها القانوني الذي يعتبر قضائياً بما معناه أن الذين ارتكبوا الجرائم والملطخة أيديهم بدماء الشعب والمسؤولين الأساسيين المباشرين عنها يجب أن يقدموا إلى القضاء العراقي لينالوا ما يستحقون ووفق إجراءات قانونية محايدة. أما تلك الجمهرة الواسعة الذين انتموا بطرق عديدة ومختلفة وبسبب الإرهاب السلطوي والضغط والتهديد والخوف على وظائفهم وغيرها من الذين لم يرتكبوا جرائم يحاسب عليها القانون وهم من مختلف القطاعات بما فيها الضباط السابقين فيجب مراعاة أوضاعهم وإعادتهم إلى وظائفهم ومواقعهم وإعادة حقوقهم مع العلم أن أكثرية القوى المعارضة العراقية والإسلامية وبالذات المجلس الأعلى وحزب الدعوة وغيرهم تعرف جيداً أن النظام السابق لا حق أيضاً بعثيين معارضين له وحاربهم وتم اعتقالهم وإعدامهم وتعذيبهم حتى الموت حيث كان ينتمي القسم منهم إلى حزب البعث قيادة قطر العراق المعارض لنظام البعثصدامي الذي واشترك في عدة تحالفات وجبهات معارضة للنظام السابق وآخرها لجنة العمل المشترك التي شاركت في مؤتمر المعارضة الوطنية الأول الذي انعقد في بيروت عام 1991 .
من القضايا الأخرى لإنجاح المصالحة الوطنية مسألة المطلب الأوسع انتشاراً، حل المليشيات المسلحة التابعة لبعض القوى التي وافقت على دخول العملية السياسية ثم الحكومة والبرلمان فهذه القضية تكاد أن تكون من القضايا الملحة التي تواجه أي تشريع أو قرار يتخذ من أجل الاستقرار وتحيله إلى حبر على الورق بدون تنفيذ، فعلى سبيل المثال منتسبوا الجهات الذين يرتدون ملابس الشرطة أو الجيش ويستعملون السيارات الحكومية وهي مليشيات ضمن أجهزة الدولة الأمنية ولكنها تأتمر بقرارات تلك الجهات الحزبية التي تسيطر عليها وما عمليات الخطف السابقة والأخيرة ( وزارة التعليم العالي ، أسواق السنك التجارية ، الهلال الأحمر العراقي ... الخ ) وظهور الخاطفين بملابس الشرطة والجيش إلا دليل ساطع على ما نقوله.
ونعتقد أيضاً قضية الدستور وضرورة إجراء تعديلات على البعض من بنوده وما يلائم التوجه الديمقراطي الجديد، فليس من الممكن استمرار هذه النصوص الدستورية التي هي محط خلاف ورفض من قبل الكثيرين في حالة التوجه للمصالحة الوطنية ، ولهذا يجب أن تجري تعديلات ليكون الدستور قاعدة أساسية لإنجاح المصالحة الوطنية الصحيحة وليكن دستوراً يمثل جميع الأطياف العراقية ويحافظ على الحقوق والواجبات بشكل متساوي غير منقوص وعدم إهمال جهة مهما كان حجمها ووزنها واعتبار جميع العراقيين متساوين بالمواطنة ومحميين من قبل الدستور والقوانين التي تشرع في المستقبل.
أن القضايا الموما إليها وقضايا أخرى، ومنها العمل على تخفيف العبء عن كاهل الجماهير الشعبية الفقيرة بسب البطالة والفقر وشحة المشتقات النفطية وفي مقدمتها النفط الأبيض والبنزين وانقطاع الكهرباء والماء وغلاء المواد المعيشية والأساسية والإيجارات والنقل والفساد الإداري والمالي مضافاً إليها الظروف الأمنية السيئة المعروفة.
ويبقى المؤتمر المذكور اسماً وحدثاً عابراً إذا لم يجر تحقيق ما توصل إليه من قرارات وتوصيات وتطبيقها على ارض الواقع وعدم إهمالها وإلا ستكون كالقرارات والتوصيات التي اتخذت في مؤتمرات ولقاءات سابقة .