| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الأثنين 24/10/ 2011

 

فرض الحجاب في المدارس للكسب السياسي الضيق بحجة الإسلام

مصطفى محمد غريب

الحجاب كما هو معروف في العراق متداول ليس في عهد السلطة الجديدة لبعض من أحزاب الإسلام السياسي فحسب بل في جميع العهود تقريباً، وهو تقليد اعتيادي متعارف عليه بدون أية ضغوطات فوقية حكومية أو حزبية دينية لفرضه بالتهديد أو القوة بل حسب القناعة والحرية الشخصية في التحجب، ومع ذلك فقد كان يشكل نسبة عالية في المجتمع العراقي، ويستعمل من قبل المسلمين دون الأديان الأخرى، ولم نسمع يوماً من الأيام انه فرض بالقوة على المرأة غير المسلمة وهي سمة لازمت المجتمع العراقي وهو يعد حسب الاعتقاد احترام خصوصيات الأديان المتواجدة إلى جانب الإسلام وعدم التجاوز عليها قانونياً واجتماعياً ودينياً، ومع ذلك لم يخلو الوضع من بعض التجاوزات وبخاصة من قبل من يعتقد انه مسؤول عن تطبيق الإسلام حسب اجتهاداته وتوجهاته السياسية الدينية المتطرفة فيستنسخ الرؤيا السائدة التي كانت قبل أكثر من ( 1400 ) سنة ولا يريد أن يفهم التطورات الكبيرة التي عمت العالم في كافة المجالات فيعلن كما فعلتها التنظيمات التكفيرية في العراق ، أما دفع الجزية أوالتهديد بالقتل ... الخ.


نموذج رقم (1) من عشرات النماذج

لم تنتشر ظاهرة إلزام المواطنات المسلمات أو غير المسلمات بالحجاب المتنوع والغريب إلا في السنوات الثمان الأخيرة وحسب المناطق والمحافظات وتنوعت ما بين ( الجادور الإيراني، والبوشية والزي الأسود الكلي، والنقاب المعروف في بعض الدول) والزم الجميع في بعض المناطق بهذا التقليد البعيد عن التقاليد العراقية المعروفة، وبدأ الاتجاه العنفي في البداية إلى التحرش الجنسي والكلام السوقي اللاأخلاقي بدون تمييز لمجرد وجود سافرة بدون حجاب، ثم التهديد والاعتداء بالضرب وحتى الخطف والاغتصاب، وقد سجلت العشرات من هذه الاعتداءات والتحرشات بدون أي رادع قانوني لا بل العكس فان البعض من تنظيمات أحزاب الإسلام السياسي هي التي باشرت في وضع الخطط لفرض الحجاب التابع وتجاوزت هذه التنظيمات حدود مناطقها في الكثير من الأحيان وانتقلت إلى مناطق أخرى حيث تواجد أجزاء من تنظيماتها، كما لم تسلم الدوائر والوزارات ومجالس المحافظات ودوائرها من التوجيهات السرية والعلنية في فرض الحجاب على الموظفات والعاملات مع تهديدات مبطنة.


نموذج رقم (2) من عشرات النماذج

إلا أن ما يميز التطورات اللاحقة أنها بدأت تتسلل إلى المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية حيث باشرت البعض من هذه التوجيهات في تجنيد معلمين ومعلمات للتأثير على الطلبة والطالبات وممارسة الضغوط النفسية والتلميحات بالعقاب وإنقاص الدرجات وشمل هذه التوجهات طالبات مسيحيات ( في الموصل ) وصابئيات ( في الجنوب ) وغيرهن، وقد تزامنت هذه الحالة كما تناقلتها الأنباء محافظة الموصل حيث أن العديد من المدرسين والمدرسات السلفيين بدءوا يفرضون الحجاب على الطالبات ليس المسلمات فحسب بل الطالبات المسيحيات وهناك الكثير من الشكاوى من قبل العديد من الطالبات وآبائهن حول الضغوط التي تمارس ضد الطالبات غير المسلمات، وعندما ننتقل إلى المحافظات في جنوب ووسط البلاد نجابه هذه الممارسات أيضاً ويصل الأمر بمنع الطالبات من دخول المدرسة إذا لم ترتد الحجاب وهذه المضايقات أصبحت مألوفة ومعروفة تمارس من قبل البعض من المديرات والمدرسات والمعلمات، ويصل الأمر في الكثير من الأحيان في الجنوب إلى عزل الطالبات غير المسلمات وبخاصة الصابئيات بحجة أنهن غير نظيفات وهي ضغوط يخطط لها وفق تنسيق ما بين الإدارات والبعض من فروع دوائر التربية وعندما أصبحت رائحتها تزكم الأنوف وتناولتها العديد من المصادر ووسائل الإعلام وانتشرت في المجتمع قامت وزارة التربية بتوجيه تحذيراً لإدارات المدارس التي انتهجت فرض الحجاب على الطالبات وطالبت مؤكدة " الحجاب مسألة شخصية تتعلق بالحريات التي كفلها القانون " ومن هذا نستنتج أن الفوضى التي تعم البعض من الإدارات المدرسية في بعض المحافظات ومنها الموصل ومحافظات في الجنوب دليل على تفشي ظاهرة عدم المسؤولية وانعدام احترام القوانين المرعية بما فيها الدستور وحتى توجيهات وزارة التربية دليل آخر على أن البعض من تنظيمات أحزاب الإسلام السياسي في كلا الطرفين تتدخل في شؤون الوزارة وإدارات المدارس من خلال أعضائها الحزبيين الذين يأتمرون بأوامر هذه التنظيمات ويطبقونها على المدارس التي تحت إدارتهم أو لهم تأثيرات حزبية على المدرسين والمعلمين فيها، ومن هنا نجد الازدواجية في المعايير ما بين السياسة التي تعلن عنها الدولة بخصوص الحريات العامة والشخصية وبين السياسة التي تحاول فرض التوجيهات الدينية وحتى الطائفية لخلق قاعدة بناء الدولة الدينية المنافية للدستور الذي يقر الحريات المدنية ونوعية الدولة التي يجري بناؤها، لكن الذي كتب على الورق في الدستور وغيره من القوانين يبدو حبراً تتكفل البعض من القوى المهيمنة على السلطة بمسحه متى تشاء لتضع رؤيتها ومنطلقاتها في أجهزة الدولة من وزارات ودوائر معينة، كما أننا نجد التناقض ما بين وزارة وأخرى ومحافظة وأخرى وحسب التنظيم السياسي الديني الذي يهيمن على مقاليد الأمور في هذه المؤسسات فهو الأمر الناهي الذي يطبق رؤيته دون رؤية العام، ففي الوقت التي تمارس سياسة خاصة يحاول البعض من المسؤولين التنصل منها وما قاله المسؤول في وزارة التربية (وليد حسن) حول موضوع الحجاب يُظهر البون الشاسع ما بين قوله وتطبيقات البعض من إدارات المدارس لكنه يجتهد بطريقة مقيتة بالقول " فرض الحجاب في المدارس هو اجتهاد لستر العورات " ولا نفقه أو نفهم ما يعني بستر العورات! فهل كانت مئات الآلاف من الطالبات العراقيات ومنذ تأسيس الدولة العراقية كاشفات عوراتهن ؟ أم يقصد أصابع اليدين والوجه والعينين أو أصابع القدمين... الخ!! أليس هذه قمة التخلف والرجعية والتجني على طالباتنا ونسائنا اللاتي شغلن وما زلنا يشغلن مناصب عالية في الدولة وفي الوزارات والدوائر الحكومية وفي السفارات والجامعات والمستشفيات والعاملات وغيرها؟ كيف يمكن لمسؤول في وزارة التربية أن ينطق بقبيح من القول على الرغم من قوله بأن وزارة التربية لم تصدر أي توجيه أو قرار وهي اجتهادات شخصية " لستر عورات الطالبات "، ومن قوله نستطيع إطلاق المثل المعروف " من هذا المال حملوا جمال " فإذا كانت الاجتهادات الشخصية متنفذة وتتحكم بهذه الطريقة وتعتبر نفسها فوق الدستور والقانون وفوق ما قاله نائب في لجنة التربية في المجلس لا يمكن فرض الحجاب لأنه يعد مخالفاً للدستور فلنقرأ على العراق السلام.

إن الطريقة السليمة في إنقاذ التعليم والتربية من براثن التعتيم هي إتباع البرامج العلمية التربوية التي تتمثل بالوطنية والولاء للوطن وبهذه الطريقة ممكن التخلص من أي طريق يضلل الفكر ويدفعه إلى مجالات المجهول معتمداً على الحزبية السياسية المرتدية ثوب الدين أو الطائفية أو أي نهج يضر العقول الشابة التي ينتظرها الوطن لتكون عماداً للتربية الوطنية وبناء أجيالاً واعية وصحية تنتمي له وتجتهد في العمل من اجل بنائه وبناء الأجيال القادمة التي تؤمن به وليس بفكر وتوجهات حزبية ضيقة لا يهمها إلا مصالحها الضيقة.
 


** صور عن المظاهر الجديدة والغربية عن التقاليد العراقية في العراق، هناك مئات أخرى وبمختلف الأشكال





 




 

free web counter