| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الجمعة 23/1/ 2009



طقوس غريبة تشوه فكرة عاشوراء

مصطفى محمد غريب

بعدما انتهت مراسم عاشوراء وكل مواطن عاد الى مكانه الطبيعي في الدائرة والمعمل والأرض وبعدما خسرت الدولة مئات الملايين من الدولارات بسبب تعطل أكثرية الوزارات والدوائر والمؤسسات الاقتصادية والخدمية والصناعية هذه العطل غير المبررة التي أضرت بالاقتصاد الوطني وبعد أن تريثت كثيراً قبل كتابة هذه السطور لا خوفاً من أحد ولا شعوراً بالذنب بل الوصول إلى تفسير صحيح لهذه الظاهرة وبوضوح هذه الطقوس الغريبة عن تقاليد شعبنا التي أصبحت أكثر انتشاراً من السابق واكتسبت وعلى ما يبدو من الخارج بعض الممارسات التي لا تمت لا للدين ولا لقيمة استشهاد الحسين وموقفه من حاكم طاغية بل العكس هي تشوه وتخفي حقائق تضحيات الحسين وعائلته من اجل تنصيب العدل وبالضد من الظلم والطغيان والجبروت وبدلاً من استغلال المناسبة ووفق مناهج ثقافية علمية تجعل المواطنين يدركون بان الشهداء من اجل الحق والحرية هم ضحوا ليس من اجل منصب أو جاه بل من اجل قيم نبيلة ولتفهيم الناس قيمة الدفاع عن الحق وبالضد من الباطل، أما هذه الطقوس فقد سفهت بمشاهد غريبة جداً لممارسات لم تكن متداولة بهذا الشكل لا بل في بعض الأحيان تنفر الناس منها ولم تكتف هذه الممارسات وما تتخللها من تحريفات مكتسبة على ذلك لا بل أخذت تعطل أعمال الناس والدوائر الرسمية والشبه رسمية بواسطة إعلان العطل التي تمتد أياماً بدون حساب الخسائر الاقتصادية نتيجة هذا التعطيل وتخلق حالة من الاستنفار والترقب بين أجهزة الدولة الأمنية ، إن مظاهر الدم والجلد بالسلاسل الحديدية و" اللطم " ضرب الصدور بالأيدي والزحف على الركاب وإقامة " التشابيه " التي هي عبارة عن تمثيل معركة ألطف دلالة على تشويه لمعاني استشهاد الحسين بن على بن أبي طالب فكل من يشاهد هذه المظاهر المرفوضة من أكثرية المسلمين وغير المسلمين الذين يرونها ممارسات غير إنسانية ولا تمت للحضارة وللدين بصلة على شاشات التلفاز وصفحات الانترنيت وما يرسل إلى الاميلات من صور ليس فيها إلا الدم والسيوف والقامات وضرب الصدور حتى سلخ الجلود والزحف على الركاب وكأنه عقاب جماعي وشخصي للذات بسبب جريمة ارتكبوها في السابق، في الماضي وقبل التطور الذي أصاب الإعلام وبخاصة الفضائيات والانترنيت والأقمار الصناعية وغيرها من آليات التطور التكنيكي في وسائل الإعلام كان إحياء هذه الذكرى إحياءً لمفهوم التضحية من أجل الآخرين وتكاد أن تكون كأنها محلية وفي مناطق محصورة وبعضها كان يتم بعقلانية دون المساس بمشاعر المواطنين ويجعلهم يرونها وكأنها بدعة لا تمت للإسلام بأي صلة لكن بعد هذا التطور حيث أصبحت ظاهرة نقل حمامات الدم والسلاسل الحديدية واللطم والزحف في أكثرية القنوات العربية والعالمية والتي تظهرها حسب سياستها وهدفها فمنها من يشيع أن هذا الذي يجري هو الإسلام وليس دين التسامح والتقوى ونبذ العنف وهذا يعني أن الأعمال الإرهابية ما بين القتل والتفجيرات والاغتيالات يقرها كل المسلمين لأنهم يحيون شعائرهم بهذه الطرق الدموية وتعذيب الجسد البشري بمختلف الطرق وقد يصاب الكثيرون بالغث والاضطراب وحتى الاشمئزاز من رؤية الدم وهي تشابه طقوس تجرى في البعض من المناطق في العالم وبالطريقة نفسها ضرب الظهور بالسلاسل الحديدية ودق المسامير في أيدي وأرجل البعض استذكاراً بالمسيح بن مريم لكن هذه الطريقة أصبحت محط انتقاد ورفض من قبل أكثرية الطوائف المسيحية " الكاثوليك والارثدوكس والبروتستانت والكنيسة الشرقية وغيرهم " وهذه الاحتفالات الدموية لبعض الطوائف المسيحية الصغيرة جداً هي ظاهرة قديمة وقد نبذت من قبل ملايين المسيحيين وكنائسهم المختلفة، إن هذا التوجه عبارة عن تخلف يراد منه الإبقاء على قيادة وعي الجماهير وإلهائها عن مطالبها الحقيقية ويعد تحريفاً لقيم خروج الحسين ضد حاكم طاغية مستبد ورث الحكم نتيجة للتآمر لتحقيق المصالح في الهيمنة والسلطان ومن هذا الجانب فإن البعض من المرجعيات الشيعية بدأت تدرك ما ترمي إليه هذه الطقوس وأخذت تنتقدوها وتعتبرها منافية للهدف الذي سعى من أجله الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب وبدلاً من ذكر مناقب هذه الشهادة والاستفادة منها لتثقيف الناس بمعانيها الكبيرة فقد جرى طمسها وجعلها تهريجاً يثير استغراب لا بل استهجان الكثير من الناس.

من منطلق احترام هذه الذكرى واقتباس معانيها النبيلة يجب على جميع المرجعيات الدينية العراقية تحريم طقوسها الدخيلة وجعلها مناسبة لإلهام جميع المواطنين العراقيين ودفعهم للتكاتف والتلاحم فيما بينهم من اجل أن تسود العدالة لبناء عراق جديد ثوابته السلام والوئام بين الجميع .




 


 

free web counter