| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأربعاء 23/6/ 2010



ارض العراق بعد المقابر الجماعية مقابر للنفايات السامة

مصطفى محمد غريب

لم يمض على سقوط النظام البعثصدامي إلا أسابيع حتى أكتشف أن ارض العراق امتلأت بالمقابر الجماعية ومنذ اكتشاف أول مقبرة وحيثياتها واختلاط أجساد العراقيين من جميع الأطياف تقريباً حيث وحدتها المقابر ظل هاجس المواطنين من وجود مقابر أخرى غير مكتشفة، وهو هاجس يدل على مدى الرعب الذي زرعه النظام السابق في قلوب العراقيين، ولعل العديد من العائلات المنكوبة تنتظر الكشف عن مقابر ( 180 ) ألف كردي و ( 8 ) آلاف كردي برزاني وغيرهم فقدوا بطرق عديدة منها التهجير والأنفال والاعتقال والإعدام والى حين إيجاد مقابرهم سترتاح نفوس عوائلهم وأقربائهم وأصدقائهم على الأقل من الانتظار و بقائهم مفقودين .

على ما يبدو أن تلك المأساة ما زالت خيوطها موجودة ولكن أن تضاف عليها مأساة كارثية لا يتضرر منها جيل العراقيين الحاليين فحسب بل أجيالاً قادمة فضلاً عما يلحق بالتربة والمياه الجوفية وبالتالي الزراعة من تلوث وتدمير، فقد تناقلت الأخبار أن الجيش الأمريكي " تعاقد مع شركات للتخلص من النفايات" وكانت هناك معلومات شبه مؤكدة قد سربتها البعض من وسائل الإعلام العالمية وفي مقدمتها صحيفة التايمز البريطانية التي كشفت عن الصفقة التي عقدت مع المتعاقدين في القطاع الخاص والذين ارتكبوا جريمة دفن نفايات الجيش الأمريكي الكبيرة المكونة من "الأحماض والزيوت والفلاتر والبطاريات ...الخ" في ساحات وأماكن الخردة العراقية ، وبعد انتشار الخبر والذي أصبح في متناول ليس وسائل الإعلام فحسب بل الحكومة العراقية أعلنت وزارة البيئة بأنها ستبدأ بالتحقيق حول تسرب مواد " ملوثة من معسكرات القوات الأمريكية بالعراق "، العودة لملف التلوث بالمواد السامة واليورانيوم المنضب في العراق يذكرنا ببرنامج الأمم المتحدة الذي حدد ( 311 ) موقعاً ملوثاً باليورانيوم المنضب والذي كانت له كوارث صحية على صحة وحياة المواطنين حيث انتشرت بشكل ملفت للنظر أمراض عديدة وتشوهات خلقية للأجنة والأطفال حديثي الولادة وانتشار غير مسبوق لأمراض السرطان بسبب قاذفات الدبابات الخارقة للدروع في حربي 1991 و حرب 2003 ، وحسب تقارير برنامج الأمم المتحدة وتقارير رسمية ومنظمات حماية البيئة فان معالجة هذه الآثار يحتاج إلى سنين عديدة، أما النتائج المتمخضة عنها فبدون حدود وأظهرت أن البعض من الأمراض مثل الطفح الجلدي وتقرحات على أجزاء الجسم وخاصة اليدين والقدمين ونوبات السعال الحاد والمتواصل وتقيؤ شديد جاءت بسبب دفن النفايات السامة .

لقد سبق وان شكك الكثير من المختصين العراقيين ومنظمات الدفاع عن البيئة بما يقوم به الجيش الأمريكي من دفن مخلفاته في الأراضي العراقي بدون حسيب أو رقيب وأشاروا إلى مخاطر هذا التوجه الخطر بعدما تأكدوا أن البعض في قيادة هذا الجيش تستعجل في عقد صفقات مع العاملين معها لكي تتخلص من هذه النفايات وبأي طريقة قبل موعد الانسحاب وفق الاتفاقية الموقعة بين الإدارة الأمريكية وبين الحكومة العراقية لكن الأذان كانت مغلقة تماماً وليس هذا فحسب حتى الفضيحة الإيرانية بصب النفايات الإيرانية في شط العرب وخطورة ذلك على بساتين النخيل والمواطنين أصبحت في طي النسيان ولم يشر لها لا من قريب ولا من بعيد.

أن ما يضحك في هذه القضية توعد قائد عسكري أمريكي، أولئك الذين دفنوا النفايات السامة " إن الجيش الأمريكي سيلاحق الشركات والأشخاص الذين يثبت إدانتهم في قضية التخلص من النفايات السامة في العراق"على من يريد أن يضحك السيد القائد الأمريكي علينا أم على نفسه؟

ـــ هل الذين عقدوا الصفقات " وهم دفنوه سويةً "من خارج الكرة الأرضية؟

فإذا كان الأمر محاسبة المتعاقدين والمنفذين وتقديمهم للعدالة فيجب أن يبدأ الحساب مع الجنرالات الأمريكيين والقادة الذين يتحملون مسؤوليات الصفقات التي عقدوها مع المتعاقدين شركات وقطاع خاص ممن يعملون في القواعد العسكرية وهذا ما نقله وأكده الجنرال كيندال كوكس" أكثر من سبع سنوات تراكمت لدينا مئات الأطنان من النفايات الخطرة" وبعد الفضيحة التي عقدت ألسنة الحكومة والكثيرين من المسؤولين ما عدا علي الدباغ الذي أشار "أن الحكومة العراقية لن تقبل بمثل هذه التجاوزات وقد تم التعامل معها بشكل قانوني ودبلوماسي مع الجانب الأمريكي" وماذا عن صحة المواطنين يا سيد علي! والأضرار التي أصيبوا بها أو في طريقهم إلى الأمراض بسبب دفن النفايات السامة التي تحتاج معالجتها إلى سنين طويلة! وكيف التعامل مع آلاف من أطفال العائلات الكادحة لان أولادكم في مدارس خاصة وربما مدارس ممتازة خارج الوطن؟

وقد حاول المتحدث باسم الجيش الأمريكي الجنرال ستيفن لانزا تطيب الخواطر، أن أي شخص متورط في التخلص غير السليم سيحاكم!! وأكد " إن المسؤولين عن هذا ستتم معاقبتهم " وحسب المثل الشائع " جر ليل واخذ عتابة " ولتذهب سلامة وصحة الشعب فداء للأعزاء الأمريكان والمتعهدين الذين يعملون في معسكراتهم وقواعدهم العسكرية والمسؤولين الحكوميين الصم بكم، ولتبقى مطمورة أيضاً براميل زيوت المحركات ذات السعة ( 55 ) غالون في الأرض المحيطة ببغداد والبطاريات الفارغة في الحقول والأراضي الزراعية واسطوانات " حامض الاسيد " المفتوحة لكي يلعب بها فلذات أكبادنا على الأرض ولعل ذلك يحرك الضمائر الميتة عندما تعرف وهي بالتأكيد تعرف أن الجيش الأمريكي سوف يخلف خلفه (5) آلاف طن من النفايات وهو ما أكدته وثائق وزارة الدفاع "البنتاجون" الأمريكية.

نعم خمسة آلاف طن دفنت في العراق وفي كل مكان تتواجد فيه القواعد العسكرية الأمريكية وعلينا أن نعد.. كم قاعدة في العراق وسوف نرى هول الجريمة المأساة عندما نحسب بأصابعنا وليس عن طريق الحاسوب الآلي كم تحتاج هذه الأرض التي حملت للعالم سمات الحضارة الأولى من السنين والوقت لكي تتخلص من هذا الطاعون الجديد! وكم أعداد الضحايا من العراقيين الذين سوف يسقطون نتيجة هذه المواد السامة! وكم من الدونمات والأراضي الزراعية سوف تصاب وتحتاج إلى الإصلاح لتعود إذا عادت إلى حالتها الأولى!

دعونا نؤمن ونرتاح وترتاح الضمائر بما قاله وأكده الناطق الرسمي للحكومة العراقية السيد علي الدباغ

ــ أنهم عالجوا هذه القضية وفق الطرق القانونية والدبلوماسية مع الجانب الأمريكي!! شكراً وألف شكر على هذه الالتفاتة الجميلة، وللعلم يا سيد علي الدباغ نحن لدينا تجربة عميقة مع المقابر الجماعية ورضينا بها شئنا أم أبينا، ولماذا لا نقتنع مع مقابر النفايات السامة واليورانيوم المنضب الأمريكي الحديث؟


 




 

free web counter