| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأحد 22/11/ 2009



الفساد المالي والإداري والانتخابي الذي ينخر جسد العراق

مصطفى محمد غريب

الفساد الانتخابي ظاهرة أوجدها الفساد المالي والفساد الإداري باعتبارهما تؤمان لا يمكن فصلهما وقاعدة أساسية له، والفساد بشكله العام ترعرع كما هو معروف في ظل النظام السابق أكثر بكثير من الأنظمة التي سبقته لكن وبعد زواله تضخم وتوسع حتى أن نتائجه المروعة والتخريبية أصبحت تضاهي نتائج الإرهاب المتعدد الوجوه والأشكال التدميرية والتخريبية وقتل المواطنين الأبرياء، وعلى الرغم من تشخيص العلة والكشف عن ظواهره وخيوطه الأخطبوطية والمسؤولين عنه لم تأخذ إجراءات حاسمة للحد منه ومن الذين يقفون خلفه بل العكس فان الفاسدين غيروا من خططهم وتحركاتهم ووسائل حمايتهم في مجالات الرشاوى والنهب بواجهات قانونية وغير قانونية ، الفساد لا يمكن أن يتواجد إذا لم تكن هناك أرضية له وفاسدين يستغلون الأوضاع يهيئون مستلزمات وآليات لتوسعه في جميع مواقع الدولة والمجتمع، وفي العراق أضيف فساد انتخابي كما أسلفنا ليكون القاسم المشترك مع أقرانه وحسب منظمة الشفافية الدولية فقد تصَدر العراق وعدداً من الدول الأكثر منه فقراً قائمة الترتيب السنوي للفساد مثل الصومال وأفغانستان والسودان واحتل الموقع الرابع في التسلسل المذكور ومن هنا وبالمقارنة ما بين الإمكانيات والثروات الغنية التي يمتلكها العراق والدول المذكورة نجد مدى اتساع ظاهرة الفساد المالي والإداري ، ولكون هذا الفساد لا يمكن أن يستمر إلا عن طريق إصدار قوانين تخدم توجهاته وتجعل من أحزاب الإسلام السياسي الطائفية أن تهيمن على مقاليد السلطة وعلى ضوء ذلك عطلت العديد من القوانين التي تخدم ترسيخ الديمقراطية في العملية السياسية وفي مقدمتها قانون العلم الذي يتحجج له بشعار ( الله اكبر ) الذي استغل ليكون قاعدة للدولة الدينية في المستقبل وقانون الأحزاب الذي كان يجب أن يقر ويشرع من قبل البرلمان منذ زمن لتنظيم الحياة الحزبية وفق أصولها الديمقراطية ووفق الدستور والتعددية المنصوص عليها فيه وهذا التنظيم يجعل من المنافسة الحرة على أسس قانون انتخابات عادل يساوي بين المكونات ويمنح حقوق الصغير قبل الكبير وبما أن الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة لا يرغب بوجود قانون للأحزاب وتنظيم عملها القانوني وشرعية وجودها وفق الدستور الذي كان من الضروري تعديل البعض من بنوده فقد توجه لتشويه العملية القانونية لإصدار قانون انتخابات يتماشى تقريباً ومصالح الكتل المستفيدة والتي تريد ابتلاع الصغير والأصغر منه بدون مراعاة أحقية التمثيل النيابي ولو بصغرها مقارنة مع إمكانياتها ومقاعدها الكثيرة لأنها لا تريد أية معارضة وطنية وديمقراطية مهما كان حجمها توجع لها رأسها المملوء بالخطط ومنها توجيه الدولة وبنائها على أساس ديني طائفي بحجة الأقلية والأكثرية ثم التوجه للقمع والاستبداد بالحجة نفسها ولهذا شرع قانون رقم 16 / 2005 وصار ما صار وكلنا شهود على نتائج الانتخابات وبخاصة مجالس المحافظات والاستيلاء على أصوات الناخبين بواسطة عمليات فاسدة وفساد إداري ومالي استغلت فيه وسائل الإعلام الحكومية ودفعت مئات الملايين من الدنانير والدولارات والمواد العينية لتغيير التوجهات الديمقراطية والحصول على الأصوات بواسطة الرشاوى لكن نتائج التصويت ونسبتها أدخلت الهلع والخوف في قلوب المهيمنين على السلطة بعدما امتنع ولأسباب عديدة حوالي 49% من مَنْ يحق لهم التصويت حسب إحصائيات منظمات مستقلة كانت تراقب نتائج الانتخابات ونسبة المشاركين فيها، لقد ساعدت ظواهر عديدة على انتشار الفساد وتشعبه من بينها عدم وجود المراقبة القانونية النزيهة لكبار مسؤولي الدولة وأعضاء في البرلمان وما يتقاضونه من رواتب ضخمة لا يصدقها العقل إذا ما قورنت بدول العالم، وتم طمس أكثر الحقائق وعدم الكشف عن الفساد المالي الضخم والمفسدين السارقين والمختلسين الذين تجاوزوا على المال العام وغيبت بحقهم العدالة خوفاً من فضح الكيانات والأحزاب التي ينتمون إليها وفي هذا المضمار كشف كمثال جديد من مئات الأمثلة " كمال الزيدي " رئيس مجلس محافظة بغداد " أن تحقيقاً قد فتح عن فساد مالي يقدر بمليارات الدنانير في أمانة بغداد اشترك فيها ستة موظفين وامرأة هاربة يجري البحث عنها" وعلى الرغم من عشرات القضايا للفساد المالي وفضحها وتناولها في وسائل الإعلام فقد أغمضت الحكومة عيونها عنهم كما جرى التجاوز على صلاحيات هيئة النزاهة ومطالبتها المستمرة للكشف عن جرائم اختلاس قام بها مسؤولين عراقيين حيث سدت الأبواب على قضاياهم وعدم تقديمهم لسوح القضاء وتحقيق العدالة بتطبيق القوانين وجعلهم عبرة أمام الآخرين، هؤلاء المجرمون أصحاب الضمائر العفنة الذين يتجاوزون على المال العام وقوة المواطنين الذين يعانون الضغط المزدوج من الإرهاب والمليشيات الخاصة ومن الأوضاع المعيشية المتردية والبطالة وإهمال الخدمات وتلويث البيئة، أمام كل ما ذكر عن الفساد فهل من المعقول سن قانون انتخابي عادل وديمقراطي وقانوني؟ أم يجب أن يكون خادماً لترويج الفساد الانتخابي لمساندة الفساد المالي والإداري بسرقة الأصوات والمقاعد البرلمانية بدون واجهة حق والتجاوز على حقوق المواطنين من القوميات الصغيرة والأديان والانتماءات غير الإسلامية والعديد من القضايا الحقوقية؟ ولهذا عندما نعلن ونؤكد هذه المرة إن الفساد الانتخابي أصبح ظاهرة جديدة اصطف مع الظواهر الأخرى ليشكل المجرى العام للتوجهات نحو إقامة دولة يدعى أنها ديمقراطية ولكن! الديمقراطية التي تعجبهم وتميل نحو مصالحهم وإذا انبرى صوت مخلص يشكك بما يحدث تنبري الأبواق معلنة الخيانة وتخريب العملية السياسية وهم أنفسهم مسؤولين عن التخريب وإفشالها، من يعتقد أن المظاهرات التي رسم لها من بعض أحزاب الإسلام السياسي الطائفي في البصرة والنجف أنها فعلاً اصطفت مع القانون الانتخابي المجحف؟ هل تتصور هذه الأحزاب أن القوى المعارضة لهذه التعديلات المخالفة للديمقراطية لا تستطيع حشد المواطنين للخروج في مظاهرات بالضد من المادتين الأولى والثالثة في قانون الانتخابات؟ فإذا لا تعي أحزاب الإسلام السياسي الطائفي مقدار المخاطر والمسؤولية التي تحيط بالبلاد والمواطنين فإن الآخرين يعون ذلك وهم حريصون على امن وسلامة المواطنين العراقيين، وهل أدرك جميع المواطنين الذين تظاهروا بالضد حقيقة المادة الأولى والثالثة المنافية للديمقراطية والتي تكرس الفساد الانتخابي والتجاوز على المواطنين وحقوقهم الانتخابية؟أليس ذلك الانفعال داء يراد منه البقاء بدون علاج ؟ نشك بمرامي من دفع المواطنين الأبرياء لهذه المظاهرات التي هي بالضد من مصالحهم إذا وعوا ما يدور خلف الكواليس وما يخطط لهم وغيرهم من المواطنين، نشك أن أحزاب الإسلام السياسي الطائفي تستطيع إيجاد حلول عادلة لمشاكل البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، نشك بهم أن استطاعوا إيقاف إيران من تجاوزاتها وتدخلاتها المتكررة في الشأن الداخلي والتدخلات الأخرى، ونشك أيضاً أنهم وبما يرسمونه وينتهجونه لمصلحتهم الذاتية بأنهم سيتغلبون على الإرهاب والمليشيات والمافيا والفساد المالي والمفسدين وحرامية بغداد لا بل العراق، لماذا نقول ذلك لأننا خبرناهم وجربناهم واكبر مثال قانون الانتخابات وتعديلاته غير الديمقراطية الذي يريدون فرضه على الشعب العراقي.





 

 

free web counter