| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الجمعة 22/9/ 2006

 

 

هدف القتلة من القتل المبرمج بث الرعب وإرهاب الشعب العراقي

 

مصطفى محمد غريب

لا يمر يوم على العراق إلا وجثث الضحايا بالمئات تأخذ نصيبها من الشوارع والأزقة والمزارع والأنهار والعديد من الأماكن وكأن القتل أصبح لدى القتلة الأنذال هواية التسبيح لا يمكن أن ترتاح الأنامل السوداء إلا بالمزيد من دماء أبناء شعبنا على اختلاف انتماءاتهم وأديانهم ومذاهبهم وقومياتهم ،هذا الشعب البريء كل البراءة من المجرمين، كل يوم يمر تتصاعد الأرقام المخيفة ففي شهر تموز السابق وصل الرقم إلى ( 3590) أما شهر آب فقد وصل إلى ( 3009 ) وحسب ما أشار إليه مكتب حقوق الإنسان ببعثة الأمم المتحدة فخلال الشهرين الماضيين فقد جاء الرقم ( 6599) والذين أصيبوا ( 8000) لتستكمل الصورة التراجيدية وتظهر معادلة آلام وأحزان ( 6599) عائلة عراقية فقدت أما معيلها الأساسي أو من أبنائها فكيف والقتل مستمر منذ الاحتلال ومن قبل العصابات الإرهابية وفرق الموت والقتل الطائفي وكم عددهم وعدد العوائل العراقية المبتلية بهذه الحالة المزرية؟ وبخاصة إذا عرفنا أن ( 343 ) هجوماً انتحارياً بسيارات مفخخة خلال الحقبة المنصرمة والأعداد الهائلة من القصف بالهاونات والعبوات الناسفة وغيرها، وتتشعب العمليات وتستغيث المستشفيات والطب ألعدلي مما يدل على فشل الحكومة في توفير الأمن للمواطنين.. ويأتي من الذين لا ضمير لهم ليقول أنها مقاومة للقوات الأجنبية أو أنها من وراء هذا القتل والتدمير وهي الأساس لهذه المآسي والفواجع، ولا نريد الدفاع عن القوات الأجنبية ولنا موقف واضح منها لكننا نؤكد أن هذا التزييف وخداع وعي الناس بحجة الاحتلال ما هو إلا ذر الرماد في العيون وإخفاء الفاعلين الحقيقيين عن أنظار العالم ولكن هيهات فقد تكشفت الوجوه والجهات ومن ورائها، الكل يعرف ويدرك جيداً أن الاستقطاب الطائفي لتقسيم العراقيين طائفياً على ألسنة البعض من أطراف عديدة أصبح معروفاً وبدون غطاء حيث يدل على مدى استهتارهم وحقدهم على وحدة العراقيين وهو نابع عن مستنقع الفكر الظلامي والعنصري اللذان يخططان لتدمير البلاد برمتها فلا ينجو أحداً من هذا الموت الزؤام حتى لو تسلق الفضاء متوجهاً إلى القمر، فالتدمير الذي نراه عمل مشترك ومنظم أحسن تنظيم من قبل هؤلاء المغموسين بالجريمة والحقد على كل ما هو وطني سليم وبدوافع مختلفة ومن دعم خارجي غير عراقي، لكن هذه الأطراف تلتقي في خندق واحد وتعمل جاهدة لإعادة العراق إلى الحكم الدكتاتوري ولكن تحت مسميات وأشكال جديدة.

ان الدكتاتورية كما هو معروف تنتج نفسها من خلال فكرها وأيديولوجيتها وأحزابها ورموزها ومؤيديها وقد تكون أحزابا دينية أو قومية أو حتى تدعي الديمقراطية والاشتراكية وهو تحصيل حاصل للموروث من الذي سبقهم والمعني الحكم الشمولي الذي انتهج السياسة نفسها متلوناً بألوان شتى أخرها اللون الديني المبطن بالوحشية والتدميرية، ومثلما حدث في الماضي القريب من ضحايا الحروب الداخلية والخارجية والأنفال والمقابر الجماعية وضحايا انتفاضة آذار ومئات الشهداء من القوى الوطنية الديمقراطية وفي مقدمتها الشيوعيين يعود هذه الأيام المسلسل الدموي لينتهج الطريق نفسه والضحايا هم هم أنفسهم من ذاقوا العذاب في ذلك العهد الملطخ بالسواد يذوقون الويل من المأساة التي تحيط بهم ومن القتل الفردي والجماعي الذي ينتظرهم في كل منعطف وزاوية، في الشوارع أو الأسواق أو أماكن العمل والمناطق السكنية حتى دور العبادة لم تسلم من غيهم وكراهيتهم العنصرية الظلامية، والذين يتابعون أعداد ضحايا القتل وبمختلف الطرق الجهنمية سيجدون أنها مورست في السابق ولكن خلف جدران السجون والمعتقلات أو الإعدامات الفورية في ساحات الحروب أو القصف الكيمياوي وضحايا الأنفال بينهم قوات أنصار ( بيشمركة ) مشتركة ما بين الكرد والعرب والقوميات الأخرى وكذلك في جنوب البلاد، الأطراف المتورمة بالحقد والطائفية والكراهية والعنصرية الشوفينية تنوعت تحت تسميات جديدة وأخذت تتمترس بدعوات الأكثرية والأقلية مثلما فعل الامريكان قبل وما بعد الاحتلال وكأن الدكتاتور صدام حسين كان طائفياً وليس بالدكتاتور الذي يقطع يده إذا عملت بالضد منه، وكأن الشعب العراقي كان يجلس على فوهة بركان الطائفية والأكثرية والأقلية، ومن هنا فحديث البعض بهذا الشكل الساذج يساهم بعلم أو دون علم في عملية التقسيم الطائفي ويعتبرها قضية منطقية سوف تخدم الديمقراطية وتبعد النهج الدكتاتوري، أما القسم الآخر الذي يرفع عقيرته بالضد من الفيدرالية بحجة أنهم يقفون ضد التقسيم وبخاصة للجنوب والوسط وهو لا يعني إقليم كردستان فهو يراهن على الزمن ويحاول تشويه المفهوم حول قيمة وفائدة الفيدرالية وبالتالي يريد الوصول إلى إلغاء اسم الفيدرالية من الدستور أو على الأقل التطاحن ما بين مؤيدي الفيدرالية الذين يرون في فيدرالية كردستان حق مشروع أو الذين يطالبون بالتأني في الوقت الراهن لمناقشة قضية الأقاليم لحين استتباب الأمن والنظام، وخلق الشقاق والنفاق لتمريرالمشروع الدكتاتوري. وكما تعودنا في السابق على نهج القتل المنظم يريد هؤلاء تعويدنا على القتل اليومي المبرمج ولكن بهدف خلق الفتنة الطائفية وجر الشعب إلى معارك جانبية تفقده وحدته ونضاله من اجل استتباب الأمن والسعي لوضع جدول زمني لخروج القوات الأجنبية من البلاد، وإذا ما نجح هؤلاء ومن جميع الأطراف التي تستهدف عرقلة الجهود لبناء عراق دستوري تعددي ديمقراطي في مخططهم فذلك يعني قدوم الكارثة التي يوعدون بها قائلين كذباً " عندما هربت القوات الأمريكية من فيتنام فقد كانت هناك سفناً تتنظر حكامها لنزوحهم ومساعدتهم على الهرب فكيف الفرار من المنطقة الخضراء حيث لا توجد سفن ولا طائرات" وهم ينسون أن العراق غير فيتنام المستعمرة التي حاربت بعد استقلال شمالها العديد من السنوات من اجل وحدة البلاد وعدم تقسيمها مثلما هو الحال الكوريتين وهم يعرفون جيداً أن العراق كله يدفع الثمن وليس المنطقة الخضراء هي المستهدفة وهي تستطيع ان تحمي نفسها مهما كانت الظروف المعقدة، بل الانتقام من هذا الشعب الذي أعلن رفضه للدكتاتورية منذ سنين من خلال معارضته المستمرة وقوات أنصاره التي قاتلت في الإقليم وانتفاضته في آذار 1991 ومشاركته في الانتخابات وسن أول دستور دائم بعد حقبة نصف قرن والعراق يعيش بدساتير مؤقتة، لا يقولون أن العراقيين لفضوهم ولفضوا الدكتاتورية وفي الوقت نفسه يقفون ضد الاحتلال وقواته ويعملون من اجل ترتيب نزوح هذه القوات عندما حين الوقت اللازم.

إن آلات القتل المبرمج مستمرة بدعاوى كثيرة والإنسان العراقي يدفع الثمن الباهظ من حياته وحياة عائلته، لا ضوء بسيط يوصله إلى الطريق والهدف الذي سيكون فيه نهاية هذا الخراب الروحي والمادي والخطف والقتل والتفجير بينما الحكومة تتعهد وتتوعد وتزيد من قواتها وأسلحتها وسفراتها والبرلمان ملتهي بالقال والقيل والمناقشات البيزنطية والمقطعات المهزلة بدون الالتفات إلى تخليص هذا الشعب الذي يقع بين المطرقة والسندان، أكثر من ثلاث سنوات عجاف والعراق يعبث به الموت الحاقد والكراهية الطائفية والتوجه العنصري والداء القديم الذي كنا نأمل التخلص منه.

ان الهدف من وراء هذا القتل المبرمج هو تخويف وإرهاب الشعب ونسف أمنه الداخلي وإضعاف ثقته بالقدرة من الخلاص من آفات القتل والجريمة والفساد المالي والإداري.. فهل يدرك الذين بيديهم السلطة ان صحوة ضمير للمواطنة والوطن وإخضاع الذات والرهان على الطائفية والمكاسب الحزبية الضيقة لهذه المواطنة تكون البداية لتصحيح الأوضاع؟ هل يدركون أن إصلاح النفس أولاً قبل إصلاح الآخرين شرط للسير إلى أمام من اجل المصلحة العامة؟ لكن قبل الإجابة هل سيبقى صبر العراقيين على هذه البلوى طويلاً أم هناك وقت سينفذ صبرهم فيهِ؟ وعند ذلك لكل حادث حديث.