نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الخميس 22/6/ 2006

 

 

مغزى تعزيز العلاقة التاريخية بين العراق وسوريا عن طريق الحوار الايجابي

 

مصطفى محمد غريب

العلاقة مع سوريا علاقة تاريخية لها ارتباطات كثيرة ومتنوعة وقد مرت هذه العلاقة بمراحل منها ماهو ايجابي ومنها ما هو سلبي وكثيراً ما كانت تحل السلبيات بطرق الأخوة والعناصر المشتركة القومية منها والامتدادات العشائرية فضلاً عن النظرة الموضوعية بين القوى الوطنية والديمقراطية والقومية ومصلحة الشعبين والبلدين الشقيقين، إلا أن اكبر التعقيدات حدثت أثناء تولي صدام حسين رئاسة الجمهورية بعدما أزاح بشكل مسرحي تراجيدي أبوه الروحي حسب تصريحاته السابقة احمد حسن البكر واعدم ثلة من رفاقه القياديين بدم بارد ودموع كدموع التماسيح ثم قام بقطع العلاقات مع سوريا أوائل الثمانينات بمسرحية المؤامرة ووجود الأسلحة في السفارة السورية في بغداد وقد ترتب على هذه العملية اللاوطنية واللا قومية جملة من القضايا في مقدمتها توقف إصدار النفط العراقي عن طريق الأراضي السورية الذي الحق أضراراً جمة باقتصاد البلدين مع العلم أن العراق كان بأشد الحاجة لهذا المنفذ الحيوي، كما صَدر النظام العراقي بعد ذلك الأعمال الإرهابية المعروفة من تهريب الأسلحة ودعم القوى السلفية الإرهابية والتفجيرات و المفخخات والاغتيالات التي راح ضحيتها المئات من أبناء الشعب السوري الشقيق ولم يسلم منها حتى الأطفال الصغار وهناك شاهد حي ما زال قائما وهو النصب التذكاري الذي شيد لهؤلاء الشهداء في شارع بغداد.
ولم تعد العلاقات إلى طبيعتها حتى بعد سقوط النظام واحتلال العراق ثم بدء مراحل العمل الوطني الديمقراطي للتخلص من آثار الماضي وتراكمات المرحلة السابقة وإخراج القوات الأجنبية.. وقد مرت العلاقات بعد السقوط بتعرجات كثيرة ومآزق عديدة واتهمت سوريا بإيوائها عناصر النظام المنهار وتسلل العناصر الإرهابية وغيرها من التهم المختلفة، إلا أن الشيء الايجابي الذي بقى هو النية الصادقة لدى الأطراف المخلصة في إعادة العلاقات الطبيعية مما يسهل حل القضايا العقدية التي تصدرت العلاقات والمضي قدماً في تذليل الصعوبات والتخلص من التراكمات السلبية وتعزيز العلاقة التاريخية لما هو فائدة البلدين الشقيقين في ظروف بالغة التعقيد تمر بها المنطقة.
ولهذا لم تكن مفاجأة الإعلان على ضرورة إعادة العلاقات لحالتها الطبيعية وسفر وفد حكومي عراقي قريباً لزيارة دمشق واللقاء بمسؤولين في وزارة الخارجية السورية للاتفاق على " النص والاجراءات " المتعلقة باعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية ما بين البلدين والزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السوري السيد وليد المعلم ثم ما أعلن حول النية والتفكير لإعادة إصدار النفط عن طريق ميناء طرطوس السوري، نقول لم يكن الإعلان مفاجأة عند الذين كانوا وما زالوا يؤمنون بان سوريا وشعبها لم يبخلا على امتداد سنين طويلة بدعم قوى المعارضة الوطنية والديمقراطية والقومية والإسلامية في صراعهم مع النظام السابق وبأن الاحتراب بين البدين لا يخدم قضايا المنطقة وفي مقدمتها وقوف العراق على أقدامه وتخلصه من الإرهاب السلفي و الأصولي وفلول النظام السابق والعصابات التي برزت تحت يافطات ومليشيات طائفية ليكون سنداً قوياً لكافة الشعوب العربية وفي مقدمتها دعم قيام الدولة الفلسطينية على أسس صحيحة مما يعز السلام والأمان في منطقة الشرق الأوسط، ونبذه طريق الحروب والاعتداء على جيرانه واختيار مجال التعاون الايجابي في المجالات الاقتصادية وغيرها التي تخدم مصلحة جميع الأطراف ووفق المبدأ المعروف عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام إرادة الشعب فيما يختاره ويسعى إليه، أما قضية إعادة إصدار النفط عبر الأراضي السورية إذا ما صحت الأخبار عنها فهي الأخرى تشكل قفزة نوعية في العلاقات المستقبلية لما فيها فائدة غير قليلة للبلدين من جملتها التخلص من الضغط التركي المستمر ومحاولاته التدخل في شؤون العراق الداخلية وبالتالي ما يخدم الاقتصاد من جميع النواحي التجارية منها والخدمية وغيرها.
ان إعادة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء بين البلدين سيؤدي بالنتيجة لتعاون أوسع وتفاهم على حل العديد من المشاكل غير الطبيعية عن طريق المفاوضات والحوارات واللقاءات الأخوية بين أعلى المستويات الحكومية والشعبية ، والإمكانية للوصول إلى حلول منطقية وجذرية تراعى فيها المصالح المشتركة بما فيها التعاون الأمني والدفاعي وعند ذلك لا يمكن ان تبقى الأمور مرهونة بالاتهامات الإعلامية والتصريحات المضرة وقطع الطريق على أولئك المتربصين الذين يستخدمون كل الوسائل الخبيثة الممكنة لإبقاء العلاقات متوترة ومقطوعة ليس مع سوريا فحسب بل مع دول الجوار لكي يبقى العراق معزولاً وبعيداً عما يجري في المنطقة، وقد تكون عودة العلاقات العراقية السورية فاتحة لتحرك الجامعة العربية والدول العربية الأخرى ايجابياً والتخلص من مواقفهم الصامتة المضرة التي تساهم في استمرار تردي الأوضاع الأمنية والاضطرابات المدمرة، وهو ما تسعى إليه القوى الوطنية الخيرة في عراقنا الحالي وعند ذلك لن يكون الباب مغلقاً أمام السياسة العراقية الوطنية السليمة وسيكون لها تأثيرات غير قليلة على المنطقة وفي المقابل لن تبقى الأبواب مفتوحة أمام القوى الإرهابية وكل أعداء العراق والشعب العراقي وسعيهم لتخريب البلاد عن طريق الفتنة الطائفية والحرب الأهلية.
ان طريق الحوار والنقاش هو الطريق السليم لحل جميع المسائل العقدية داخلياً أو خارجياً وكلنا أمل ان تباشر الحكومة الحالية بسعيها لجعل مبدأ الحوار وتحسين العلاقات والمكاشفة الصريحة هدفاً من اجل استقرار العراق الديمقراطي الفيدرالي وتطوره وإعادة بنائه لما هو خير للجماهير الشعبية العراقية وجميع شعوب البلدان في المنطقة والعالم.