| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 22/11/ 2011

 

هل يُدفع العراق للسير إلى المصير المجهول ؟

مصطفى محمد غريب

على ما يبدو ومن سير الأحداث وتجربة حوالي ما يناهز التسع سنوات وما لحق بالشعب العراقي من أذى وتخلف وفوضى أمنية وسياسية بسبب الخلافات على مراكز القرار في السلطة فقد رسم الكثير من المتابعين والسياسيين العراقيين لوحة تشاؤمية حول المصير الذي ينتظر البلاد وليس عجيباً عندما يعلن محمود عثمان وهو سياسي مخضرم ومعروف ونائب عن التحالف الكردستاني إن " العراق يتجه ويسير نحو المجهول وغير معروف المصير وان كل شيء جائز وسيكون الوضع في حال استمرار الخلافات بين الكتل السياسية وعدم اتفاقها على تحديد الأسس والمبادئ العامة في إدارة البلاد "

إذن حوالي ما يناهز التسع سنوات ومصير العراق مجهول بسبب الصراع بين الكتل المهيمنة على السلطة وبخاصة بين القائمة العراقية وبين دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء ثم بين التحالف الكردستاني ودولة القانون أيضاً ،هذه الكتل التي لها اليد الطويلة في البرلمان والحكومة ومجلس الرئاسة، وقد يتبادر للذهن سؤالين ملحين :

- كيف يرى المواطن العادي مصير مستقبل بلاده ومستقبله إذا كان السياسيون لا يعرفون المصير وهو بالنسبة لهم مجهول؟

- إذا كان السياسي المعروف محمود عثمان وغيره ممن يصرحون برؤيا تشاؤمية أكثر منه لا يعرفون إلى أين يسير العراق فذلك يعني أن أكثرية القيادات في الكتل المهيمنة لا تعرف إلى أين المسير وهي كضارب الرمل أو المنجمين الذي ينجمون حول المستقبل ناسين الماضي؟!

قد تكون هناك أجوبة عديدة سلبية وايجابية فمن يريد أن يغسل كامل يديه من العملية السياسية وشخوصها الذين سعوا وما زالوا يسعون لتثبيت أقدامهم السياسية أكثر فأكثر تحسباً للظروف والمستقبل، ومن يرى أن العملية السياسية في مفترق الطرق ولهذا أما أن تنصلح قيادة أحزاب الإسلام السياسي والكتل السياسية التي تشارك في الحكومة ويضعوا نصب أعينهم المصلحة العامة، أو يستمر هذا الصراع غير المسؤول عند ذلك يعني موت العملية السياسية، وهذا قد (ونقول قد) يقود لحرب أهلية متعددة الأطراف والاتجاهات مع تدخل البعض من دول الجوار ونتيجتها على الأرجح تقسيم البلاد على أساس طائفي وقومي وبهذا سيكون السير للمصير المجهول، وهذه الرؤيا ربما تكون أكثر واقعية إذا لم تبادر القوى المهيمنة على العمل الجدي المسؤول لحل المشاكل المتعددة التي تراكمت خلال السنين المنصرمة وحتى المشاكل التي ورثتها العملية السياسية العليلة من النظام السابق، فمن بين هذه المشاكل والخلافات على بعضها هي قضية الوزراء الأمنيين وعدم تنفيذ بنود اتفاقية مبادرة مسعود البرزاني التي سميت باتفاقية اربيل وفي مقدمتها تشكيل مجلس السياسات العليا، وليس الأمر منحصراً بهذه القضايا أنما أيضاً بأداء الحكومة وتباين مواقفها حسب مصالح ذاتية حزبية وطائفية وان لم يعلن عنها، ثم الموقف من الفساد والرشاوى المنتشرة في أكثر الدوائر الحكومية والمحافظات وعدم محاسبة المسؤولين الذين ثبتت أدانتهم أما بالتجاوز على المال العام أو ممن عرف عنهم بأنهم لصوص بلا ضمير ولا وجدان وكذلك إهمال غير قليل لقضايا الخدمات المتدنية والبطالة والفقر وأزمة السكن والماء والكهرباء وغيرها من المشاكل التي يواجهها المواطنون يومياً، ويبقى الهاجس الشعبي من عدم الاستقرار وترديات الوضع الأمني بين فترة وأخرى وضعف أداء الأجهزة الأمنية والخروقات من قبل قوى تستغل تواجد عناصرها بين هذه الأجهزة لكي تنفذ أهدافها وتوجهاتها وإلا كيف يفسر اغتيال العشرات من الأكاديميين والعلماء والأطباء والمدرسين والمثقفين والصحافيين والبعض من النواب وفي مقدمتهم " وضاح عبد الأمير ــ سعدون " أول شهيد في مجلس النواب بدون معرفة نتيجة التحقيقات حتى وان كانت سلبية، أليس ذلك يعني أمرين.. الأول عدم الجدية والاهتمام على مبدأ " الميت مات وخسر من جيسه مادام رسنا طيب " أما الثاني فيدل وحسب تصريحات مسؤولين في الحكومة وأجهزة الأمن أن هناك اختراق لهذه الأجهزة وهو مسؤول عن الاغتيالات والتعاون مع القوى الإرهابية ولهذا يتم حفظ البعض من التحريات والتحقيقات تحت طائلة الادعاء بالمصلحة العامة وخير مثال ما تناقلته وسائل الأعلام حول ما يسمى بالمؤامرة الأخيرة حيث صرح كمال الساعدي القيادي في ائتلاف دولة القانون عدم إمكانية عرض أمر المؤامرة على كل شركاء العملية السياسية لوجود معلومات حساسة جدا وكلما توسعت دائرة المطلعين عليها أصبح من السهل تسريبها " واستطرد بالقول " هناك من هم في العملية السياسية ويسربون معلومات، وأن بعض الشخصيات المشتركة في العملية السياسية تشكل خرقا امنيا" وهو يشكك بهم ويجزم أنهم لا يأتمنون على الأسرار الخطيرة، ومن هذا المنحى تثار ألف علامة استفهام حول فقدان الثقة بين هذه القوى السياسية وحتى في الشركاء السياسيين، كما يضع الكثيرون علامات استفهام حول الأداء الحكومي والأجهزة الأمنية وما ينتظر العراق من صعوبات ومشاكل قد تؤدي إلى انهيار العملية السياسية.

إن النظرة التشاؤمية التي تزداد اتساعاً ليس بين البعض من السياسيين والمثقفين فحسب بل بين الكثير من أبناء الشعب ناتجة عن السياسة الغير حكيمة التي تنتهجها القوى التي تقود السلطة وتتحكم في مفاصل البلاد، ولهذا فمن الواجب الوطني أن تجري مفاوضات جدية بين الأطراف ليس التي تهيمن على السلطة فحسب بل حتى التي خارج السلطة والتي تتعامل بشكل ايجابي ومسؤول مع قضية الوصول إلى التفاهم وحل المشاكل عن طريق الحوار الموضوعي على أن يتزامل معه إجراء إصلاحات سياسية جذرية وتحقيق المصالحة الوطنية و الخروج من المحاصصة الطائفية والحزبية لتمهيد الطريق لاحتواء أية أزمة تحدث في المستقبل، فليس من المعقول الحديث عن البناء والتطور في ظل سياسة قمعية تتجاوز على القوانين وحقوق الإنسان، وفي ظل صراعات وخلافات شخصية وذاتية، فإذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فعند ذلك سيكون المصير المجهول لوحدة وبقاء العراق والشعب العراقي وهذه القضية من الضروري أن يدركها من يقول على نفسه مخلصاً وطنياً يعمل من اجل مصالح الوطن.








 

free web counter