| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأربعاء 22 /11/ 2006

 

 

مذكرة التحقيق أو التوقيف الصادرة بحق الشيخ حارث الضاري

 

مصطفى محمد غريب

المذكرة التي صدرت بحق الشيخ حارث الضاري سيان إن كانت في البداية مذكرة توقيف ثم بعد ذلك حولت إلى استدعاء إلى التحقيق لم تعالج قضية من أهم القضايا وهي قدرة وزارة الداخلية في الحكومة الحالية على تجاوز الأزمات بحكمة وصبر ودراية موثقة بقضايا الإرهاب ومن يشجع الإرهاب السلفي والأصولي أو أي جهة أخرى ومن هذا المنطلق فقد فقدت وزارة الداخلية مصداقيتها عندما أثارت هذه القضية في وقت كان الشعب العراقي مذهولاً من صدمة عملية الخطف التي تعرض إليها عشرات الموظفين والمراجعين في وزارة التعليم والبحث العلمي وأمام أنظار الجميع، وقد يفسر هذا الالتباس بأنه تغطية للعمل الإجرامي التي قامت به ميليشيات ترتدي زي وزارة الداخلية وشُخصت أماكن تواجدها أو لتحويل الأنظار عن هذه الجريمة البشعة وضعف وزارة الداخلية بالتصدي للأعمال الإرهابية والإجرامية التي تستهدف المواطنين الأبرياء. ويتس! اءل المواطنون وكل من تعز عليهم قضية العراق ـــ هل من المعقول خطف أكثر من مئة مواطن وبهذه الطريقة الكوميدية الباهتة وبسيارات البعض من الموظفين وبوجود العشرات في الشوارع وأجهزة تليفونات الموبايل لولا وجود تفاهم وتنسيق مع مسؤولين في الأجهزة الأمنية وبخاصة في وزارة الداخلية؟ أم جرى ذلك لتبويش وزير الداخلية وإفهامه وغيره أنه بالامكان خطف أي وزير أو موظف من وزارته؟..

إنه تساؤل مشروع ومنطقي إذا ما تابعنا عمليات الخطف الأخرى وعمليات اغتيال الأساتذة والعلماء وزوجاتهم وأولادهم وكأن المنطقة الخضراء تعيش في وادي السلام والأمان والمناطق الأخرى ولا سيما بغداد تعيش في وادي الجحيم والانتقام، من هنا تفسر قضية إثارة موضوع الشيخ حارث الضاري بهذا الشكل الساذج والانفعالي وفي وقت وصل فيه الاحتقان الطائفي إلى نقطة خطرة قد تؤدي إلى انفجار لا يعرف نهايته وبدلاً من التأني واختيار الوقت الملائم وخاصة إن كبار المسؤولين كانوا قد التقوا به في مناسبات عديدة واجتمعوا معه في البعض من المؤتمرات وغيرها.

نحن لا ننكر دور الشيخ حارث الضاري وهيئته وقوى مصطفة معه فضلاً عن قوى ومليشيات وتنظيمات في الجانب الثاني في التأجيج الموما إليه أو حتى مساندة القوى التي تسلك طريق العنف ضد المواطنين، لكن تحقيق هدفه وأهداف الآخرين في إثارة ضجة بهذا الشكل الواسع وتبادل الاتهامات والتصريحات وتحريض قوى ظلت محايدة لحد الآن ودفع الأمور نحو الأسوء وتعميق التداعيات الخطيرة التي قد تؤدي إلى إلغاء عملية المصالحة الوطنية ودفعها نحو الباب المسدود وما سرب من أخبار مفادها أن البعض من الائتلاف العراقي استغل وجود المالكي خارج العراقي في إصدار المذكرة، خدمت حارث الضاري وخدمت الأغراض والمخططات التي تسعى إلى زيادة الاحتقان الطائفي وتوسيع رقعة الاضطرابات العنفية من قبل القوى الإرهابية والمليشيات المسلحة التي تسيطر على الشارع وتهويل الأوضاع وإضاعة الفرصة في تحقيق الاستتباب الأمني.. ومن هو المتضرر الحقيقي من وراء كل ذلك! ومن يدفع هذا الثمن الباهض! بالتأكيد هم المواطنون العراقيون وبخاصة الطبقات والفئات الاجتماعية الفقيرة.

إن التوقيت الذي اختارته وزارة الداخلية أو حتى حسب الادعاء الجهة القضائية الذي اشتركت في إصدار هذه المذكرة لا يدل أبداً عن الحكمة وبعد النظر في معالجة الأوضاع المتردية والتي تحتاج إلى تكاتف جميع الأيدي الوطنية الخيرة، وكان من المفروض اتخاذ إجراءات أخرى أكثر واقعية ومعقولة منها التشاور مع الحكومة وتفنيد تصريحات الشيخ حارث الضاري بوثائق موثقة ومادية وإعلانها للناس ولوسائل الإعلام بدلاً من وضعها في خزائن تحقيق وزارة الداخلية ومؤسساتها الأمنية والإعلان بوجود اعترافات ووثائق تدينه وتكشف ارتباطاته أو تحريضه أو مساندته للإرهاب والعمليات الإرهابية وفي مقدمتها منظمة القاعدة. كان من المفروض اتخاذ الخطوات الصحيحة والتدابير القانونية المتعارف عليها بدلاً من هذه الضجة التي استغلت من قبل البعض داخلياً وخارجياً لأهداف معروفة لكي تمررها وسط هذا الضجيج المفتعل وتحقق فيها أغراضها المعادية لسير العملية السياسية. ك! ان المفروض من وزارة الداخلية أو أي جهة كانت أن تكشف عن المجرمين ذوي الأزياء المموهة والمليشيات المسلحة التابعة لبعض الأحزاب التي تشترك في الحكم والذين خطفوا الأبرياء من وزارة التعليم والبحث العلمي وتقدمهم ومن يدعمهم ويساندهم مادياً ومعنوياً إلى القضاء العراقي وتضرب بيد من حديد على يد كل من تسول نفسه خرق القوانين وأذية المواطنين وتدمير البلاد. كان المفروض معالجة الأوضاع الأمنية وحل المليشيات بأسرع ما يمكن وملاحقة أي جهة تحاول أن تكون فوق القانون وفوق الدولة والدستور وتسعى لزيادة الاحتقان الطائفي والقضاء على السلم الاجتماعي بين العرقيين.