| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأثنين 21/7/ 2008



تطور الأزمة وتصدّع العلاقات والفيلم الإيراني

مصطفى محمد غريب

بدأت العلاقات المصرية الإيرانية بالتدهور مجدداً لا بسبب خلافات سياسية وايديولوجية أو خلافات حول المواقف المتناقضة التي تقفها مصر وإيران من القضايا التي تجابه المنطقة مثل القضية الفلسطينية أو اللبنانية والوضع في العراق وغيرهما لكن هذه المرة برزت خلافات في مجال إعداد الأفلام السينمائية الوثائقية والتشهير والإساءة للشخصيات السياسية وانعكست هذه الخلافات على العلاقات بين الدولتين بعدما قامت إيران أو بتوجيه منها بإخراج فيلم وثائقي تحت عنوان " إعدام فرعون " والمقصود بالفرعون أنور محمد السادات الذي اغتيل من قبل الجماعات الإسلامية المصرية بعدما وقع الأخير معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وكما أشارت الإنباء أن مصر طلبت من إيران إيقاف عرض الفيلم لكي تثبت حسن نيتها لعودة العلاقات مع مصر كما هددت عائلة السادات بأنها ستلاحق منتجي الفيلم قضائياً ولم تقف الأمور عند هذا الحد فقد أعلن عن إعداد عدداً من الأفلام الوثائقية التي تهاجم الخميني شخصياً وتجريده من إسلامه رداً على الفيلم الإيراني الذي جرد السادات من وطنيته وأعلن أن اسم الفيلم المصري " الخميني بين الحقيقة والخيال " حيث سيكشف حسب الادعاء لقاءات الخميني بحاخامات من إسرائيل ورجال في الموساد ولم يكتف الهجوم المضاد بهذا القدر فقد أعلن عن تأليف كتاب يتناول محاولات إيران الطائفية لشق وحدة الصف الإسلامي ثم أعلن بعدها محمد حسن الألفي رئيس تحرير صحيفة " الوطني اليوم " لسان حال الحزب الحاكم انه وضع سيناريو لفيلم وثائقي اسمه " الخميني إمام الدم " هذه الموجة من الأفلام المضادة يبدو لن تتوقف عند هذا الحد وربما ستأخذ أنماطاً وأشكالاً أخرى ومما يحير أن مثل هذه الضجة التي كان بالامكان حلها عن طريق الحوار الهادئ والبعيد عن المهاترات سوف تمتد لتشغل الساحة العربية والإيرانية وقد تمتد إلى دول إسلامية أخرى وكأن الإسلام في خطر جديد وهو الهاء الناس وإبعادهم عن قضايا تواجه دول وشعوب المنطقة داخلياً وخارجياً وقد يكون الهدف من إنتاج إعدام فرعون وموجة الأفلام المصرية والكتاب المشروع الذي أعلن عنه كرد فعل للوصول إلى الفتنة الطائفية ومحاولة لتعميق الخلافات وتطويرها للتراشق الإعلامي وصولاً إلى القطيعة التي ستكون بالتأكيد لخدمة التوجه الطائفي الإيراني وجر الآخرين في دول أخرى للتطاحن وممارسة العنف والعنف المضاد وهو ما يهدف له المشروع الطائفي لسفك الدماء وزيادة الشقاق والنفاق بين المكونات الشعبية ويبقى المستفيد الرئيسي من هذه الانقسامات والصراعات هم الحكام الإيرانيين والا ما الفائدة من إثارة هذا الموضوع بعد مرور سنين طويلة وقد حكم التاريخ عليه ووضع في مكانه الطبيعي حتى أن أصحاب الرأي المؤيد لعملية الاغتيال تراجعوا عنها واعتبروا العملية عبارة عن تطرف لم تؤد إلى نتائج خدمت القضية الفلسطينية ولا القضايا العربية ولا عن تراجع مصر عن الاتفاقية ولا قطع العلاقات مع إسرائيل بل العكس فقد اتفقت بعدها بفترة قصيرة منظمة التحرير مع إسرائيل حول إيجاد حلول للقضية الفلسطينية لكن الجانب الإسرائيلي هو الذي أفشلها وهناك دولاً عربية أقامت علاقات دبلوماسية معها وحكام عرب التقوا مسؤولين اسرائيلين وهناك مساعي دولية وعربية لحل الخلافات عن طريق المفاوضات والحوار بين جميع الأطراف وتبقى المواقف والآراء مختلفة حتماً لكنها على الأقل تسير بتؤدة نحو إيجاد حلول لإقامة دولة فلسطينية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإعادة الأراضي العربية التي احتلت من قبل إسرائيل في حرب حزيران 1967 ومن ثم إنهاء الصراع الدامي والعسير الذي امتد سنوات طويلة وقد كان العرب الخاسر الأكبر فيها بسبب تفرقة الصف واختلاف الرؤيا والمواقف.

إن الفيلم المذكور لا يدل على تفهم موضوعي لظروف المنطقة والتغيرات في العالم مثلما هو الحال للبرنامج النووي الإيراني لأنه يحرض على الاغتيال والعنف ويمجدهما ويصب الزيت على نار التصدع وإشغال الملايين من الناس بمواضيع تافهة لا قيمة لها بدلاً من التوجه نحو القضايا المصيرية وحلها بطرق حضارية وضمان حقوق الجميع بدون تفريط وفي مقدمتها مثلما اشرنا الخلاف الفلسطيني العربي والإسرائيلي واحتلال العراق واستقرار لبنان ومواضيع أخرى لها أكثر من أهمية فيلم عن السادات أو الخميني فلكل واحد من هؤلاء مكان معروف عند الشعوب وشعوبهم بالذات كما وضعهم التاريخ في مكانهم الحقيقي وسجل إيجابياتهم أو سلبياتهم ومثلما هو معروف أن التطور والتقدم اجتاز الكثير فانه في الوقت الراهن اجتازهم وهو يتفاعل ويتقدم وتتطلع الشعوب للخلاص من الاستغلال والهيمنة والتسلط والدكتاتوريات السياسية والدينية وإشاعة الحريات والديمقراطية في الحياة المدنية وهو ما سيحصل مهما تعقدت الظروف أو طال الزمن وكان على حكام طهران معرفة هذه الحقيقة لتجاوز محنة الخلافات وتفرقة الصف في الظروف الراهنة كما إن الانجرار لهذا التوجه من قبل مصر سيجعل الموضوعة اعقد ولا يخدم الوضع العام بل يجعلهم في موقع الحكام الإيرانيين ومواقفهم الطائفية غير المقبولة والمرفوضة من جميع الخيرين في المنطقة.


 

free web counter