| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الخميس 21/10/ 2010

 

خرق الدستور يدل على عدم احترام إرادة الشعب

مصطفى محمد غريب

لا شك بان الدستور العراقي الدائم على الرغم من النواقص والمثالب والظروف التي أحيطت به يعتبر إنجازاً مهماً في تثبيت أسس دستورية ليست مؤقتة غاب عنها العراق أكثر من 50 عاماً مثلما كان عليها الحال في الدساتير المؤقتة التي شرعت في العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 وعلى الرغم من أهمية تطبيقه وعدم الخروج عليه نلاحظ مساعي حميمة من قبل القادرين على تجاوزه أو تسويفه بقوة القرار والموقع والمسؤولية يقومون بالخرق والتجاوز على بنوده، وكلنا نتذكر منذ البداية كيف انبرت عشرات الأقلام الوطنية والديمقراطية وحتى المستقلة التي يهمها تثبيت أسس الدولة المدنية على أسس قانونية تلزم الجميع بعدم التجاوز أشارت بضرورة القيام بتعديل البعض من بنوده التي تقف حاجزاً أمام التطور الطبيعي لدولة القانون، ولو بحثنا بشكل دقيق عن تلك التجاوزات لوجدناها كثيرة ومتنوعة وقد توصلنا إلى قناعة بعد هذه التجاوزات والخروقات وإهمال المطالب التي تلح على ضرورة احترام الدستور، أن الدستور عبارة عن هراء لا قيمة له وهو عبارة عن وريقات ليس لها أية قيمة وقد ينطبق عليها قول صدام حسين بما معناه "أن القانون نحن نكتبه ونحن نلغيه" ويعني به " حسب مصلحتهم الخاصة وليست مصلحة المجموع " وإلا فليس من المعقول اعتبار العراق دولة دستورية يحكم علاقات ساستها المستولين على الدولة بطرق عديدة أو المعارضين لهم وهم لا يعيرون أي معيار للدستور ويبقى الدستور مجرد " إمام مقدس نظرياً " متى أرادوا أن يقسموا برأسه لكي يبرروا ما يهدفون إليه وعندما تقتضي المصالح يعتبرونه مجرد قبر لا يزيد أو لا ينقص، وخذوا مثلاً من المواد التي حددها الدستور المسكين في فصله الثالث حول آليات ومضامير الانتخابات للهيئات الرئاسية رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، فالمادة (54) أشارت إلى دعوة لانعقاد مجلس النواب الجديد وبمرسوم جمهوري خلال (15) يوماً من تاريخ المصادقة على الانتخابات على أن يكون الرئيس اكبر الأعضاء سناً ثم تجري انتخابات لانتخاب الرئيس ونائبيه ونصت المادة بشكل صريح لا يقبل أي جدل عدم التمديد ومن ملاحظاتنا خلال (7) اشهر أن هذه المادة جعلوها عبارة عن مادة قانونية على الورق وبدون تطبيق، وتنص المادة (55) على انتخاب الرئيس والنائبين الأول والثاني في أول جلسة بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس بالانتخاب السري المباشر، فماذا حدث ؟ كيف جرى تفسير هذا الخرق والمماطلة والتجاوز على الدستور؟ وهم يصرخون ليل نهار بضرورة عدم خرقه والحفاظ عليه والالتزام ببنوده المقدسة!!

أما انتخاب رئيس الجمهورية وفق المادة (67) وشروط الرئيس في المادة (68 و المادة 69 والمادة 70 و 71 ) و باقي المواد الأخرى التي تخص انتخابات الرئاسة وآليات عملها ومسؤولياتها وتكليف الكتلة الأكبر (التي فسرتها بشكل مخالف للدستور المحكمة الاتحادية وهذا التفسير هو احد الأسباب الرئيسية التي خلقت الأزمة الحالية بكل مكوناتها ) أما إذا لم تستطع الكتلة الأكبر من نيل ثقة البرلمان عند ذلك يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح آخر، ومن هذا المنطلق نجد وبالذات في هذه القضية وموادها وضوح كامل بدون لبس أو ضبابية مثلما هو الحال لمواد أخرى في الدستور .

وخرق الدستور الدائم بهذه الطريقة وبشكل علني للتمسك بالسلطة تحت طائلة الحجج التي أطلقت وسيقت وكأنها مسلمات قانونية أو من باب الحرص على العملية السياسية جعلت الأكثرية من المتابعين للأوضاع السياسية ، والآليات التي اتبعت أثناء الدعاية الانتخابية ثم الانتخابات ونتائجها الغريبة يشككون بنوايا البعض من قادة الكتل المتصارعة والمتنفذة ممن يطلقون التصريحات بخصوص الالتزام بالدستور الدائم .

إن الحفاظ على الدستور والالتزام بمواده يدل على مدى احترام هذه الوثيقة التي صوت عليها الملايين من المواطنين في أول عملية تحدي حضارية وهذا المبدأ ديدن أكثرية الدول التي تمتلك دستوراً دائماً وتعتبر الالتزام به كوثيقة قانونية وعدم التجاوز عليه وعلى بنوده من أولويات احترام إرادة شعوبها ولا يمكن السماح لأي جهة سياسية أو دينية التلاعب بمفرداته وخرقه مهما كانت الظروف وإذا ما عدلت مواده ووفق المصلحة العاملة تكون من صلاحيات وواجبات ومسؤولية البرلمان وليس غيره ، ولا يمكن أن يكون أي شخص مهما كانت مناصبه الحكومية في الدولة فوق الدستور ويستطيع تعطيل البعض من بنوده أو التجاوز على بعضها لان ذلك يعرضه للمحاسبة القانونية ويتهم فوراً بخرق الدستور، إلا أن ذلك مع شديد الأسف لم يطبق في العراق وقد تم خرق الدستور العديد من المرات ومن قبل الذين يقودون العملية السياسية وهم يتعكزون على مختلف الادعاءات والتبريرات معتقدين أن ذلك ينطلي على الناس وهذا اعتقاد خاطئ من قدمه إلى قمة رأسه ويقود إلى عدم الثقة ليس بهم وبالدستور والقوانين بل بكل العملية السياسية التي أصبحت مخرمة بالتجاوزات والأخطاء والممارسات غير القانونية، كيف يمكن الحديث عن احترام الدستور من قبل المواطنين بينما أكثرية الكتل السياسية الدينية والكثير من قادتها يبررون ما يفعلونه من تجاوز منظور ومحسوس على الدستور؟ ألا يدل ذلك على عدم احترام إرادة الملايين ممن خرجوا وصوتوا عليه؟ بالرغم من مثالبه والتحفظات على البعض من مواده وغموضها التي أدت إلى عدة ثغرات اخذ البعض يستغلها لمصالحه الضيقة، وبينما تستمر المحاولات من اجل تعديلات تتلاءم ومفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة نجد الابتعاد عن روحية ومفهوم الدستور الذي أوضح هذه المسألة بدون أية رتوش أو غموض مما فوت الفرصة للمدة القانونية والدستورية التي تلزم بعقد البرلمان وانتخاب الرئاسة وتشكيل الوزارة لكي يقوم البرلمان بواجباته التشريعية للقوانين المعطلة والتعديلات المنتظرة على الدستور ولكي تنفذ من قبل السلطة التنفيذية أي الحكومة.

مرة أخرى وجواباً على المبادرة الوطنية للحفاظ على الدستور بمناسبة الذكرى الخامسة للاستفتاء نقول لتحافظ عليه قبل الآخرين القوى المتنفذة في السلطة ولتحترم إرادة المواطنين الذين صوتوا معرضين حياتهم وعائلاتهم للخطر وعليها أن لا تتجاوز عليه ولا تخرق بنوده تحت طائلة من الحجج جوهرها تحقيق مصالحهم الضيقة عند ذلك ستنجح أية مبادرة وطنية للحفاظ عليه .






 

free web counter