|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين 21/5/ 2012                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مسؤولية الحكومة العراقية عن انتشار الأدوية والمواد الغذائية الفاسدة

مصطفى محمد غريب

الاعتناء بصحة الإنسان فرداً وبشكل جماعي ينال اهتماماً متزايداً من قبل الكثير من الدول التي تحترم مواطنيها وتعتبرهم أساساً لقيام جيل صحي ومعافى وهذا يدل على قيمة التوجه الروحي والمادي باعتبار الإنسان صانع الخيرات المادية وبدونه لا يمكن لعجلة التطور أن تتقدم قيد أنملة، وتتبع هذه الدول برامجاً وخططاً علمية ومراقبة دقيقة لقضايا الصحة والتعليم والأغذية وقضايا اجتماعية عديدة، ولا يمكن أن تتساهل في مسائل تلحق الأضرار بصحة المجتمع وتمس حياة مواطنيها ولو على قاعدة التفكير في الاستغلال والأرباح، فهي تدرك والطبقة الرأسمالية التي تقود السلطة عن طريق أحزاب ومنظمات إن بدون وجود جيل صحيح وصحي ومتعلم سوف تتضرر مصالحها قبل كل شيء، فضلاً عما يلحق الاقتصاد الوطني من أضرار تؤدي بالنتيجة إلى احتقانات اجتماعية متنوعة، إلا أن ما يؤسف له إن البعض من الدول وحكوماتها والعراق في المقدمة لا تأبه لهذه الناحية بشكل جاد ودقيق فهي " تغمض عين وتفتح عين " وبهذا تسهل أو تتغاضى أو لا تأبه لعمليات الفساد الضارب اطنابه في مرافق الدولة والتهريب والرشاوى لتسهيل عمليات تسريب الأدوية المنتهية صلاحياتها أو غشها ونشرها في البعض من الصيدليات والمذاخر أو حتى على الأرصفة، وكذلك المواد الغذائية الفاسدة التي تتحول إلى سموم قاتلة في أجساد المواطنين الذين يُخدعون بها أو بسبب عدم وعيهم أو تدقيقهم للمدد الزمنية، ومع ذلك فأصحاب الضمائر الخربة يعالجون قضية المدة الزمنية بإيجاد طرق للمسح ووضع أزمنة جديدة عليها وبخاصة المعلبات الغذائية المختلفة.

لقد تناقلت باستمرار العديد من المصادر رسمية وغير الرسمية ووسائل الإعلام قضية الأدوية والأطعمة الفاسدة غير الصالحة للاستعمال وتواجدها في السوق العراقية وكان آخرها وليس أخيرها ما توصلت إليه عمليات الرقابة الصحية التابعة لوزارة الصحة خلال رصدها للكثير من المواد الغذائية الفاسدة المضرة للاستهلاك البشري ولم تنأى سوق من أسواق البلاد عن هذه الظاهرة الإجرامية التي لا تقل عن العمليات الإرهابية والفساد في أذية المواطنين والتجاوز على صحتهم من اجل الربح الحرام، ولقد قامت مثلاً شعبة الرقابة الصحية في دائرة كربلاء بإتلاف كميات غير قليلة من المواد الغذائية الفاسدة بما فيها علب مياه الشرب التي ثبت تلوثها وبخاصة المعلبة في الأسواق المحلية، كما أن الرقابة الصحية في كركوك قامت بإتلاف حوالي ( 5 , 2 ) طن من المواد الغذائية غير الصالحة للاستعمال البشري وأكثر (31700 ) عبوة عصائر ومشروبات فضلاً عن كميات كبيرة من الألبان ومشتقاته ، كما جرت معاقبة (45) من معامل أغذية وإغلاق (9) محلات لمخالفتها شروط تصنيع الأغذية ، وأشارت وزارة الصحة أنها صادرت حوالي ( 5 , 22 ) طناً من " الأدوية الفاسدة والمنتهية صلاحياتها من الصيدليات والمذاخر" غير المرخصة والوهمية وأشارت انه تم غلق (80) مؤسسة أهلية و (40 ) صيدلية و (15) مذخراً أهلياً و (5) مكاتب علمية و (16) محل للمستلزمات الطبية و (4) محلات طب الأعشاب ووجهت إنذارات إلى ( 43) مؤسسة صحية لعدم التزامها بالشروط ومخالفتها لتعليمات الوزارة.، كما أن هناك مئات القضايا والمستمسكات المادية التي تتناولها المؤسسات ودوائر الرقابة الصحية ووسائل الأعلام بخصوص الأدوية الفاسدة والأغذية غير الصالحة للاستهلاك البشري و قناني مياه الشرب المحلية الملوثة في أكثر المحافظات في الجنوب والوسط وغرب البلاد وحتى في بعض المناطق من الإقليم وقد نشرت وسائل الإعلام عن إتلاف مئات الأطنان من الأغذية والأدوية الفاسدة والحبوب والشاي واللحوم المستوردة وقناني العصائر والمياه المحلية أو من دول الجوار ومشتقات الحليب، ولا ندري عن مصير مئات لا بل آلاف الأطنان من الأغذية الفاسدة والأدوية المنتهية صلاحيات استعمالها التي استعملها المواطنون ودفعوا من رواتبهم وأجورهم التي لا تكفي أمام ظاهرة غلاء الأسعار غير الطبيعي.

هذه الحملات المستمرة من قبل دوائر المراقبة الصحية في المحافظات أو من وزارة الصحة لم تستطع مجاراة ما يدور في الأسواق المحلية لكثرتها وتنوعها وتنوع مصادرها الرسمية التي يغض النظر عن انتهاء مدة استعمالها وهذه يطبق عليها ما تسمى " بالقومسيون والمقسوم " وبغض النظر لتمريرها وتوزيعها، وغير الرسمية التي تدخل بواسطة التهريب أو تصنع محلياً وتزوير ماركاتها بدون الضوابط والشروط الصحية، ولا بد من الإشارة إلى الجهود التي تبذلها فرق الرقابة الصحية ومهماتها الكثيرة إلا أن ذلك لا يمكن معالجة هذه الآفة التي تؤدي إلى أضرار مرضية غير قليلة قد تظهر عاجلاً أو تظهر آجلاً ، والسبيل الوحيد لمعالجتها القضاء على جذورها إي بالاحرى ملاحقة الفساد والفاسدين في المجال الحكومي وبخاصة في الوزارات والمؤسسات والدوائر التي تختص باستيراد الأدوية والمواد الغذائية بشكل عام أو التعاون مع الشركات الخاصة العربية والأجنبية التي تعمل في المجال المذكور، وتقديم الذين يتجاوزون على القوانين والشروط الصحية التي تصدرها وزارة الصحة ووزارة الزراعة واللجان الرقابية الخاصة إلى المحاكم القضائية وعدم التهاون مع إي مسؤول مهما كان منصبه إذا لم يكن فوق الشبهات ونظيف اليد ومخلصاً في عمله، وكذلك الإيعاز إلى المنافذ الحدودية ومنع المواد الغذائية التي لا تصلح للاستهلاك البشري وانتهاء مدة استعمالها وملاحقة المهربين الذين يحاولون بشتى الطرق تهريبها ونشرها في الأسواق الداخلية مع القيام بحملات إعلامية في الصحافة والإذاعة والتلفزيون لمحاسبة وتوعية أصحاب المحلات التجارية الجملة والمفرد وكل الذين يعملون في هذا القطاع المهم، وتقديم شروحات وافية بما فيها نشرات توضيحية وتوزيعها لتنبيه المواطنين على عدم شراء المواد الغذائية غير الصالحة والمنتهية تواريخ صنعها، وعقد ندوات في وسائل الإعلام أو المراكز الصحية في المحافظة وإجراء لقاءات مع المسؤولين الصحيين وذلك بتعريف الباعة والمواطنين بما تحمله الأدوية والأغذية الفاسدة من أمراض تضر المجتمع العراقي وتؤدي إلى إمراض عديدة، وفي هذا الصدد فقد نشر مؤخراً على سبيل المثال تحذير بعدم استخدام منتج باسم ( لية خروف ) من قبل وزارة الصحة حيث أشار المتحدث باسم الوزارة زياد طارق " أن الوزارة وجهت فرق الرقابة الصحية للتحري عن هذه المادة وسحب نماذج منها وإجراء الفحوص اللازمة واتخاذ الإجراءات بصددها على وفق إنتاج الفحوصات، مبينا أن إجراءات وزارة الصحة جاءت على وفق التعليمات الصادرة من وزارة الزراعة والتي أيدت أن المنتج المذكور لم تدون عليه اسم الشركة المعبأة أو المجهزة وعنوانها وعليه فأن هذا المنتج يعتبر مجهول المصدر ومغشوشا" ولا نعرف تحري المسؤولين في الوزارة عن الذين قاموا بالاستيراد أو صناعته المجهولة لكي يقدموا إلى القضاء ليأخذوا عقابهم القانوني العادل، وهذا المثال ليس الوحيد بل هناك عشرات الأمثلة التي تؤكد انتشار هذه العمليات عن طريق استغلال القوانين وتقديم ما يمكن من رشاوى أو طرق التهريب تحت واجهة القانون أو بالضد منه.

لقد سبق وان ذَكْرنا بهذه الموضوعة بما تحمله من فواجع ومآسي مرضية تضر بصحة المجتمع العراقي وطالبنا أكثر من مرة بوضع حد لانتشار الأدوية والأغذية الفاسدة بما فيها قناني الماء المعبأة داخلياً ومشتقات الحليب وحتى اللحوم المستوردة أو المحلية التي لا تخضع للرقابة الحكومية، وذَكَرنا العديد من الحالات التي نشرت علناً وكذلك البعض من التحقيقات الصحفية التي أجادت في كشف هذه الظاهرة وانتشارها والتداول الواسع بعيداً عن الرقابة الصحية، واليوم وبعد أن تأكدت 100% حقيقة الأمور نطالب بالإسراع على إيجاد حل قضائي وصحي وبتوعية المواطنين العراقيين وتوعية أصحاب محلات البيع وإغلاق الصيدليات والمذاخر الوهمية وبائعي الأدوية على الأرصفة الذي أشارت له رئيسة لجنة الصحة والبيئة في البرلمان آل ياسين وشددت على ضرورة "متابعة الصيدليات الغير مسجلة في قوائم الأدوية العراقية ومراقبة الأدوية التي تباع على الأرصفة والمهربة " وأكدت آل ياسين "أن بعض الأدوية منها فاسد ويجب تفعيل الرقابة التفتيشية في وزارة الصحة" .

بدورنا ندعو أيضاً تفاعل الحكومة وأجهزتها الأمنية والرقابية والصحية بالمزيد من العمل والمتابعة وتقديم المخالفين للقضاء العادل وليكن العقاب القانوني رادعاً لهؤلاء الفاسدين وإلا ستكون العواقب أكثر مما يتصور المسؤولين أصحاب الضمير الذين تهمهم صحة المواطنين بروح وطنية مسؤولة، على الحكومة أن تدرك أن هذه الجرائم بحق المجتمع ستعلق على رقبتها لأنها السلطة التنفيذية التي تستطيع إيجاد الحلول وسبل العلاج القانوني السريع، من الجانب الآخر والمهم أيضاً أن عدم وجود استقرار سياسي وأمني والصراع بين الكتل والتسلط بالقرارات الفردية دون الجماعة والبرلمان الذي زاد الأزمة عمقاً واتساعاً يؤثر بشكل مباشر على زيادة أدوات الفساد والسرقات والتجاوز على المال العام والتلاعب بالأسواق وخير مثال الحصة التموينية كما يساعد على نمو الطحالب الفاسدة التي تستغل الأوضاع غير الطبيعية وتتلون بكل الألوان والانتماءات التي تخدم مصالحها الخاصة وليس مصلحة المواطنين العراقيين

 


 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter