| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الجمعة 1/1/ 2010



عام 2010 والأمنيات الملحة

مصطفى محمد غريب

كل عام والجميع بخير كلمات بسيطة في الشكل لكنها عميقة في المعنى ونحن العراقيون نحتاج أكثر ليكون العام الجديد عاماً يعم فيه الخير، والخير بمعناه الواسع والمتعدد الجوانب يعني، الديمقراطية والاستقلال الحقيقي والتخلص من المحاصصة والاستئثار والفساد المالي والإداري الاستقرار والسلام والأمان أما الأمنيات الملحة فهي كثيرة تبدأ من الشخصي الذاتي إلى العام وأول ما فيها أن يخرج المواطن من بيته وأن ينتهي هاجسه بعدم العودة إليه ولعائلته وهي أمنية تعني تمسكه بالحياة الطبيعية والأمنية الثانية الخفية أن تكون لقمة العيش الكريمة عدلاً قائماً وحقوقاً إلزامية تقع على عاتق الدولة توفيرها ففي عراق النفط والنخيل والموارد الطبيعية لا يجوز أن يجوع العراقيون أو يبقوا تحت طائلة الفقر وكأن بلدهم لا يختلف عن الدول الفقيرة جداً، لا يجوز أن تبقى المزابل وأوساخها ونفاياتها مكانا للبحث عن لقمة العيش عند البعض من العراقيين، ولا يجوز أن يبقى مئات الآلاف من العراقيين هاربين من وطنهم بسبب الخوف وعدم ضمان المستقبل، ولا يجوز، ولا يجوز والكثير من لا يجوز، عام جديد لا تختلف أسماء شهوره ولا أيامه لكنه يختلف رقمياً عن سابقه وتختلف المكونات بالعمر وتكون الآمال والتمنيات لبني البشر مختلفة لكنها تصب في مجرى التفاؤل بالخير والسعادة والتخلص من ثقل المرارات التي حدثت ومنها اليأس بسبب مجريات الظلم والحرمان وتكرر المأساة وان اختلفت بالشكل لكنها اشتركت في الجوهر مما زاد عذاب الكثير من الناس وعند رحيل سنة قديمة ومع كل اشراقة لسنة جديدة يتأمل العراقيون أو أكثريتهم أن تكون السنة الجديدة سنة يتحقق فيها ولو النزر القليل من الأمنيات الملحة لكن العراق والعراقيون ومنذ 8 شباط 1963 المعروف بالشهر الدموي لم تتحقق أمانيهم بل العكس فقد أصبحت أمانيهم الطبيعية في غرف النسيان وخلف أسوار فولاذية وهلامية في الوقت نفسه ولما كان يوم 17 تموز 1968 هو النقطة الحاسمة في تحقيق أمنيات العنف الدموي والحيلة الإجرامية فقد أصبح الوضع معقداً وازدادت تعقيداته يوماً بعد آخر بعدما أصبح القائد العظيم والمقيم والفهيم فوق جميع المعتقدات الدينية والأيدلوجية وأصبح حزبه ثم فكر العشيرة الأمنية التي يجب أن يتبناها أكثرية العراقيين ومرت 35 سنة، وسنة بعد أخرى يزداد الخراب الروحي فضلاً عن الخراب ألآخر وبقيت الأمنية الملحة عبارة عن فقاعات هوائية فإذا تسنى لها الطيران ولو لبضع سنتمترات انفجرت وتلاشت في الهواء وبدلها فرضت أمنيات مشفرة ومحنطة في قالب الدمج القسري ما بين الرؤيا والعقيدة وأصبحت أجزاؤها كالرماد البركاني يوسخ ويحرق يشوه ويطمر العقل المعرفي العلمي ما بين العلم واللاهوت ففي الدمج القسري تتكون عناصر مشوهة تعتمد المقولة الغائبة بدلاً من الواقع الراهن والذي حصل سقوط هذا الهيكل المتآكل لمجرد صرخة خارجية أفقدته توازنه ولم يقف إلى جانبه كما كان يصور له عقله ومعتقداته الهشة الأكثرية بل العكس كانت قمة الهزيمة في الموقف السلبي المنتظر حتى الإحساس بالوطنية انحسر لفترة زمنية وأدى كل ذلك إلى خسارة البلاد فأصبح قانون الاحتلال هو السائد وكانت البيادق هي التي احتلت المقدمة تحرك حسب الرغبات والمصالح مع التطابق ما بين المصلحة الذاتية ومصلحة البقاء وانبثقت من جديد الأمنيات الملحة لتحتل حيزاً واسعاً من إحساس الناس ولعل اعز أمنية هي التخلص من ذلك الكابوس الذي خيم على النفوس فأصبح وكأن الطريق فتح على مصراعيه لعملية النهضة بعد الكبوة الطويلة نسبياً وتوسعت الأمنيات فطالت الرؤيا نحو المستقبل بالتخلص من الإرث المتعفن وأذرعه الملوثة بالعنف وبإلغاء الآخر تحت يافطة الوطنية الذي عطل التواصل ما بين الماضي والحاضر والمستقبل إلا أن المفاجأة القاسية التي تفاجأت منها الأكثرية صدمها النكوص الذي برز تحت حاجة أحزاب الإسلام الطائفي إلى مكونات جديدة تريدها إلزاماً وقسراً لتكرار الظاهرة لكن على شكل اللاهوت المطلق لخلق مستلزمات لتزاوج ما بين فترة القادم من الغيب وبحجة التخلص من الظلم الذي أصبح قانوناً يهدف إلى ترسيخ مفهوم الطاعة بعدما تفشى الجهل والاستهتار والتخلف في الدائرة التي تدير عمليات التربية الموجهة للأجيال ورسم صورة للثقافة الرجعية وكأنها منقذة للتقاليد والعادات والأعراف الاجتماعية وممن ؟ من العلم والتقدم والتطور، من يتصور أن التدهور المعرفي يصل إلى درجة اعتبار الجاهل بالمعرفة عالم وتبني مقولات تقول إن " الأرض واقفة على قرن ثور ، والطنطل له خصيتان كبيرتان تخنقان من يمر تحتهما والسعلوة تسرق الصغار في المهد وفريج الأقرع يسكن على شواطئ الأنهار؟ من كان يعتقد أن القتل الجماعي سيصبح أداة للمعرفة المشرعة وتطهيراً للروح من الرجس بينما هو الرجس نفسه؟ كيف الإقناع بان عشرات الآلاف من الأبرياء سوف يذهبون إلى الجنّة مع القاتل الذي يشرب الدم بكلتي راحتيه بدون أي وخز ضمير بل يعتبرها عبادة وتقوى لا بد منها ؟ هكذا أصبح الأمر مع تدني القيم وتصاعد الذبح كقربان للآلهة القديمة كتزكية على مدى التقوى والورع "والتطبير والزناجيل" والأكف والزحف وهي تأكل الأجساد وكأنها أسس لمعرفة الإخلاص والتفاني، لقد تحولت المعرفة من أداة علمية لتطوير الوعي الفردي والاجتماعي إلى صورة ظلامية تشجع العودة إلى العصر الجاهلي " ووأد النساء" وعصر الانفلات الوحشي بحلة مطعمة بالشعارات البراقة أما دينية أو طائفية أو قومية شوفينية لكي يُخضعوا المجموع كقطيع يوجهونه حسبما يريدون ويسعون إليه لبقائهم فوق قمة الهرم وإطلاق أيديهم لنزع ما ليس لهم به حق من قوت ولقمة الناس.. ومع كل ذلك وغيرها من الترهات والأوهام والتفسيرات والخداع ومحاولات إضعاف الأمل ليكون اليأس بديلاً وتغيب الأمنيات الملحة للعقل الإنساني يبقى الخير نبراساً لهذا العقل وتبقى الأمنية الإنسانية أن يعم الخير ويكون الهدف الذي يسعى له العقل الإنساني من اجل الجميع بدون استثناء من كل الأديان والقوميات والأعراق لكل شعوب الأرض بما فيها الشعب العراقي الذي ابتلى بهذا القسم المتوحش والوحشي الزائل حتما بالتوحيد والتضامن، كل عام وشعب عراق الخير تتحقق أمنياته الملحة بالسلام والأمان وتساوي الحقوق وتحقيق المساواة للمرأة الإنسان ولقمة العيش الكريمة بالرغم من الأفكار الظلامية والمتوحشة السلفية والأصولية والعقول المتعفنة بالمعرفة الرجعية المتخلفة .



 

 

free web counter