نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

 

 

 

 

الأربعاء 1/2/ 2006

 

 

 

هناك اهداف بعيدة المدي خلف الاساءة لشعور المسلمين

 

مصطفى محمد غريب

في بداية هذه الموضوعة نعلن عن استنكارنا وشجبنا لماء جاء من تجاوز وخدش لمشاعر ملايين المسلمين في العالم بما يخص الاساءة للنبي محمد " ص " من قبل الصحيفة الدنماركية يولاند بوسطن .. وبما انه هدف معروف فنحن لن نتوقف عنده كثيراً ولا نستبعد ان تكون هناك اهداف اخرى ابعد من قضية النشر والاساءة في هذه الصحيفة المسخ التي لا تتجوز حدودها ليس المحافظة فحسب بل البلدية التي تطبع فيها، فالقضية تعود الى اربعة اشهر سابقة حاول البعض في الدنمارك الاحتجاج عليها وشجبها وقد انحصر موضوعها بين جدران المحافظة لا اكثر ولم يتوسع صداها في ذلك الحين حتى الى مدن دنماركية او الدول الاسكندنافية ولو تركت واهملت لماتت اساساً في مهدها، لكن فجأة وبعد حوالي اربعة اشهر حركت بطريقة دراماتيكية وخلال ايام معدودات اصبحت قضية الشارع الحكومي العربي اولاً والاعلام المقروء والمسموع والتلفزة والانترنيت والشارع الشعبي ثانية حيث قامت الدنيا في بعض الاوساط ولم تقعد وبدأ البعض استغلالها حكومياً واعلامياً واقتصادياً وحتى سياسياً فجرى سحب بعض السفراء العرب او استدعائهم للاحتجاج وتحركت اواسط معينة لمقاطعة البضائع الدنماركية حيث السذاجة بتعقيدات عمل الشركات متعددة الجنسيات اي بمعنى آخر وضع علامات تجارية اخرى لشركات غير دنماركية اذا كانت الخسارات جسيمة وغيرها من الاجراءات التي تؤمن عدم خسارة رؤوس الاموال وايجاد تصريفات متنوعة لاستمرار الارباح ولنا تجارب كثيرة في هذا المضمار نسوق احداها وهي البضائع الاسرائيلية المنتشرة في الكثير من الدول العربية والاسلامية تحت غطاء شركات اخرى لم تفد المقاطعة العربية في اشد الاوضاع ان توقفها الا بشكل اعلامي، اما تجربة الاساءة للنبي محمد " ص " فهي ليست الوحيدة ولنا تجربة فريدة اخرى في قضية كتاب سلمان رشدي المعروفة للداني والقاصي..
انظروا لهذه المسألة بعين حذرة وفكر خالي من اي عصبية او تعصب وفكروا بهدوء حتى نتابع الاهداف الاخرى من خلال الحدث الجديد.. القصة وما فيها ان الكاتب سلمان رشدي وقبل كتابه آيات شيطانية كان كاتباً متوسط الحال غير معروف في اواسط واسعة حتى من قبل الكثير من المثقفين العرب والمسلمين بعد صدور الكتاب والاساءة للنبي محمد " ص " سارع المرحوم الخميني في اصدار فتواه لقتل سلمان رشدي وكانت الفتوى عبارة عن قنبلة ذرية سقطت على رؤوس العالم فسارعت وسائل الاعلام الغربية وغير الغربية بنشر الفتوى وراحت الصحف والكتاب والسياسين والمثقفين يدلون بدلوهم فهاج الشارع الاسلامي وماج وبهذا الهياج ارتفعت مبيعات الكتاب الى مئات الالاف وترجمت الرواية الى عشرات اللغات وطبعت حتى في بعض الدول العربية حيث وزعت سرياً وهكذا نجحت الفتوى ليس من تجميد الاساءة او الحد منها بل توسيعها واستفحالها ونشرها على العالم غير الاسلامي " للضحك قال لي احد الاخوة المثقفين السورين حينذاك انها وصلت الى التبت والاسكيمو " وهكذا قرأ العالم غير الاسلامي تلك الرواية والاساءات وبما انه لا يعرف مدى صحتها او شيئاً عن سيرة النبي والاسلام فقد صدقها من صدق وبات سلمان رشدي ملياردراً مشهوراً جداً يستقبله رؤوساء الحكومات والمحافل الثقافية بكل ترحاب وبذخ لمكانته المشهورة التي سببها فتوى السيد الخميني. باعتقادي كانت الفتوى مقصودة ومبيتة وهي الاساءة ليس لفعل وكتابة الكاتب بل نشر الكتاب وترجمته الى مئات اللغات في العالم.. اليوم تحاك قضية اخرى للاساءة للنبي ودفع الصحف غير الدنماركية لنشر الكاراكتير او الكتابة عن الموضوع وهذا ما حدث فقد وجدت الرسوم على بعض المواقع والمقالات في الانترنيت والحبل على الجرار، واصبحت يولاند بوسطن من صحيفة مفلسة وبائسة صحيفة مشهورة لا على نطاق الدول الاسكندنافية بل العالم اجمع، ولنقارن بين القضيتين الفتوى والضجة الدبلماسية العربية والاعلامية ، في المحصلة سنجد تحويل هذه القضية لتكون في متناول الجميع بدون استثناء ليس على العرب والمسلمين بل العالم باجمعه وهذا ما حصل بالضبط.. ان الهدف من هذه الضجة اعادة الاساءة للنبي وتوجيه المشاعر الجماهيرية الغاضبة على اوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية والتعلمية والسكنية والبطالة والفقر الى قضية سوف تنسى بعد حين مثلما حدث لكتاب سلمان رشدى التي نسيت لا بل خطأت الفتوى وجرى سحبها من الساحة السياسية الدينية، وسوف يعود التعامل الدبلماسي والسياسي والاقتصادي على اشده في المستقبل مع الدنمارك مثلما عاد مع بريطانيا وعندئذ سيكون الضحك على الذقون في نهاية المطاف قد اكمل دورته وصار عبارة عن تندرات بعد انتهاء المسرحية الهزيلة، بعد هذه الاحداث اعتذر رئيس تحرير جريدة يولاند بوسطن وفي معرض حديثه اشار انه يعتذر لانه جرح شعور المسلمين بعض الحكومات والجمعيات والتجمعات طالبت الحكومة الدنماركية ان تعتذر ايضاً فرفضت الاعتذار على لسان رئيس الوزراء اندرياس فوراسموس اليميني القح لكنه استحسن اعتذار الجريدة الدنماركية وبرر ذلك بحرية الاعلام وعدم تدخلهم فيه.
المصيبة ان المطالبين يتصورون ان الصحافة في الدنمارك او الدول الاسكندنافية او الغرب محكومة بشكل مطلق من قبل الحكومات وهذا تصور مغلوط فان الحكومة او الحكومات لا تستطيع التدخل او ترسم كما تريد لجهة اعلامية محددة وللاخيرة مساحات واسعة من الحريات في النشر او التعليق بما فيها انتقاد الملوك ورؤوساء الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء وغيرهم وهذه الاخيرة تعد جريمة تصل عقوبتها الى الاعدام في بعض الدول عندنا وتصل احكامها ال 30 او 20 سنة.
الملاحظة الاخيرة نجد هناك صمت غير قليل في الاواسط الايرانية الحكومية والشعبية والاحزاب التي تؤيد او تابعة لسياستها حيث كانت دون المستوى المطلوب وظهرت ضعيفة جداً امام تلك الضجة بخصوص الاساءة للسيد السيستناني والتي قامت ضد قناة الجزيرة المعروفة بمواقفها المعادية للشعب العراقي.
هل فهمتم الموضوع؟