| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأربعاء 19/7/ 2006

 

 

كرامة الصحافيون وحرية الصحافة تكمن في الفهم الحقيقي للديمقراطية

 

مصطفى محمد غريب

ظهرت في الآونة الأخيرة توجهات خطيرة في طريق محاربة الصحافة وإهانة الصحافيون، هذه التوجهات اختلفت هذه المرة عما كان يدبر من إجراءات قمعية أمنية ومخابراتية وأوامر فوقية لإيقاف هذه الصحيفة او تلك المجلة بحجة التجاوز وخرق القوانين حيث ينبري وزير الإعلام أو أي مسؤول كبير في الدولة إلى إيقافها بمدد يحددها سعادته!! ووفق معايير خاصة بوزارته أو بالدولة والحكومة بدون اعتبار للحريات العامة والخاصة أو حرية الصحافة والنشر.
ان هذه التوجهات الجديدة دخلت إلى قاعة البرلمانات أو الجمعيات الوطنية باعتبارها سلطات تشريعية مستقلة لا يمكن التجاوز عليها أو التدخل في شؤونها ومن هذا المفهوم تبدو شرعية القرارات أو القوانين التي تصدرها أو يجري تعديلها، قوانين مقدسة لا يمكن النيل منها إلا بقدرة رئيس الجمهورية أو الملك أو القائد الأعلى ومنها ينقلب السحر على الساحر فتظهر بأنها ليست سلطة مستقلة ولا هم يحزنون،لان ما تصدره ممكن إلغائه أو تعطيله بقرار أعلى مثلما حدث لبرلمان مصر الذي قام في سابقة خطرة بتعديلات لقانون جرائم النشر ليلة 9 / 7 / 2006 وفق رؤيا خاصة تقيد حرية الصحافة، وعلى اثر الاحتجاجات الواسعة واحتجاب حوالي ( 25 ) صحيفة مستقلة وحزبية يومية واسبوعية وتظاهر مئات الصحافيين المصريين يوم الأحد أمام مقر مجلس الشعب المصري محتجين ضد تلك التعديلات غير الديمقراطية قام رئيس الجمهورية بالتدخل وحل النزاع على طريقته، وبدلاً من أن يكون البرلمان مع حقوق الشعب كل الشعب انجر البعض منه إلى تنفيذ سياسة الأحزاب المنتمين إليها وفي مقدمتهم الحزب الحاكم وقد قيل علناً من جاء بالتزوير فلا عجب أن يقف ضد حرية الصحافة وظهر من خلال النقاش الذي دار داخل البرلمان حول التعديلات المضادة لحرية النشر نزق البعض من نواب هذا الحزب مرددين ما قاله مرشد الإخوان المسلمين " طز على الصحافة " مما يدل على أخلاقيات متردية وهناك أمثلة لا بأس بها قد نسيقها في هذا المضمار ولكن لا داعي لذكرها وتعدادها لأنها معروفة لأصحاب المهنة والقراء على حد سواء وهناك مئات التجاوزات على حرية الصحافة والصحافيين وفرض قيود لحجب الرأي الآخر لا بل حتى ملاحقته بطرق بعديدة عن الطرق القضائية الصحيحة.
ان المغزى من استقلالية السلطات الثلاث ، التشريعية والتنفيذية والقضائية لا يكمن في الـ " الطز " الذي نطق بها المرشد وكررها نائب من الحزب الحاكم وليس من منطق القطيعة بين هذه المؤسسات بل الجهد المبذول لاحترام عملها الذي يجب ان يمتزج بشكل جدلي معاً لخدمة قضايا الشعب والبلاد بالدرجة الأولى وليس لأمزجة النواب أو الحكومة أو القضاة والعودة إلى تلك المفاهيم التي سيطرت على عقول البعض من الحكام والمسؤولين وربما ما زالت تسيطر وفي مقدمتها " مفهوم أنا الشعب و الشعب أنا، وأنا وحدي الحريص على مصلحته أكثر من نفسه" ولهذا عندما تصدر البرلمانات والجمعيات الوطنية القوانين أو يتم تعديلها يجب أن تراعي فيها ليس ثلة من المقربين المحسوبين على سلطة القرار الرسمي فحسب بل المصلحة العامة أي جميع الذين مارسوا عملية التصويت الانتخابي وهنا يجب ان ينصهر المفهوم الشخصي الذاتي في المصلحة العامة أي بالمعنى السليم مصلحة جميع الذين صوتوا لانتخاب أعضاء البرلمان ومن هنا أيضاً ينطلق مفهوم حرية الصحافة وعدم تقييد حريات الصحافيين العاملين في هذا المجال إلا بحالات شاذة لا تخدم المصلحة العامة، لكن الذي صار في الوقت الحاضر وبدلاً من العصا الغليظة لوزير الإعلام أو الداخلية أو الدفاع أو رئيس الحكومة عصا البرلمان باعتباره سلطة تشريعية وعصاها قوية لمن يعصى الأوامر بحجة استقلالية السلطة التنفيذية ولهذا أن المتابع لهذه العملية سيجد ان لا هناك استقلالية إنما استقلالية شكلية لا أكثر ولا اقل كم اشرنا في المقدمة .
في هذا المضمار يطرح سؤال مهم ـــ كيف ينظر إلى حرية الصحافة واحترام الصحافيين؟ ونحن نرى لا نقابات الصحافيين ولا القوانين السابقة التي يتم تعديلها تستطيع حمايتهم من الغي والتجاوز عليهم بحجج تدبر أسبابها بشكل يخدم الجهة أو الجهات المتلاعبة والحريصة على استمرار تجاوزها وخرقها قوانين الصحافة والقوانين التي سنت لهذا الغرض وبصبغة القوانين والمصلحة العامة وهذا الخرق موجود في أكثرية البلدان العربية وقد تتفاوت الخروقات من مكان لآخر ولكن يبقى جوهر القضية واحد وهنا لا نجد الجواب الشافي أو الطريقة التي تمنع التجاوزات إلا بالقول ما يلي : على الحكومات والبرلمانات والقضاء احترام ميثاق الصحافة الهادفة واحترام حرية الرأي والنشر الحقيقيين وعدم مزج القضايا في قضية واحدة لخلق الأعذار والترهات من اجل التجاوز أو إصدار القوانين وإجبار الآخرين على الخضوع لها وبخاصة وان تلك القوانين التي تتعارض والمصلحة العامة وحرية الصحافة والنشر وتنيل من كرامة الصحافيين الذين يجهدون من اجل تقديم الحقيقة بدون لبس أو دوران، ومراجعة بسيطة لضحايا الصحافة من الصحافيين الذين يسعون من أجل نقل الواقع إلى العالم سنجد أن عددهم قد ازداد بشكل مضاعف عما سبق وهذا يدل على مدى خطورة هذه المهنة والتضحيات الكبيرة التي يقدمها هؤلاء المجهولين للمواطنين في داخل بلدانهم وخارجها وتعريف ما يجري من أحداث متنوعة ولولا جهودهم وعملهم ومثابرتهم تبقى مندثرة إلى ابد الآبدين.. نكتفي بهذا القدر من الحديث على أن يعي الجميع مصاعب ومشاكل حرية الصحافة وما يجري من تجاوزات على الصحافيين وكرامتهم لمجرد إبداء الرأي أو نقل الحقيقة، وكذلك مطالبين أن تحترم حرية الصحافة وعلى الجميع احترام كرامة الصحافيين العاملين فيها وإحقاق حقوقهم المشروعة نحن نعتقد أن حرية الصحافة وكرامة الصحافيين في فهم الديمقراطية الحقيقي ولا تكمن في " طز المرشد أو النائب أو البعض من الذين يعتقدون أنهم فوق القانون " لأنها لا أخلاقية ولا تمت للحضارة المدنية بصلة  .