| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الجمعة 19/8/ 2011

 

الضجة حول المسلسل التلفزيوني الحسن والحسين

مصطفى محمد غريب

لم نستغرب من قرار مجلس النواب بمنع عرض مسلسل الحسن والحسين التلفزيوني بهذه السرعة التي تفوق سرعة البرق إطاعة للجنتي الأوقاف والشؤون الدينية لكننا نستغرب أن هذا المجلس أغمض ويغمض عينيه عن العديد من القوانين الحاسمة التي ينتظرها المجتمع العراقي باعتبارها تساهم في تخفيف الضغط وتكون فيصلاً للحسم بدلاً من المماطلة والتفسيرات الهوائية، ولا يعرف أكثرية الناس الأسباب الحقيقية من قرارات منع المسلسل المذكور لان كل جهة من الجهات التي أعلنت الحرب والحرام عليه تغني على ليلاها حتى أنها تخاف من الحديث عن الأسباب إلا اللهم، القول انه كتب من قبل أشخاص يختلفون مع عقيدة آل بيت النبي فمن هؤلاء ولماذا يختلفون مع آل بيت النبي؟ وانه "يحرض على الفتنة الطائفية ويشوه التاريخ " وكأن الطائفية ليست متغلغلة عند الكثير من أحزاب الإسلام السياسي لكن ما يحير في هذه المواقف الخوف من الحقائق أو الإطلاع على التزوير في التاريخ لصالح الحكام في الماضي والوقت الحاضر والاعتراض على هذا المسلسل لأنه سيشاهد من مئات الآلاف من المواطنين ولا نختلف مع الرأي بأنه قد يتناول الموضوع من وجهة نظر لا تتحملها إطراف طائفية دينية معينة ذلك وتجدها خطراً يحدق ببعض المفاهيم الرائجة التي لا تخدم أهدافها وتوجهاتها ليست الدينية فحسب بل الطائفية، ولان المسلسل يحتوي على العديد من الشخصيات التاريخية إلى جانب الحسن والحسين مثل معاوية بن سفيان أو غيره فهو محط ريبة عند البعض وكأن معاوية بن أبي سفيان رجل هلامي لا وجود له في التاريخ الإسلامي والعربي .

لقد أعلن الأزهر والمرجع الديني السيستاني والبعض من رجال الدين من كلا الطرفين منع عرض المسلسل بدون إضافات وافية إلا اللهم انه يساعد على إثارة الفتنة وانه يسيء ولم تحدد كيف يثير الفتنة مسلسل تلفزيوني وما هي ركائزه ونحن نتذكر عشرات الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية وما موجود من تمثيل على الأقراص المطبوعة في إيران وهي تملأُ الأسواق المعروفة والمتعلقة بالتاريخ أو حتى التراث الإسلامي ويكاد البعض منها مغالياً في إظهار الشخصيات أو الحوادث ولم نسمع يوما أي اعتراض أو منع ما عدا فتوى الخميني بالضد من سلمان رشدي التي كانت احد الأسباب الرئيسية في شهرة الكاتب وزيادة ماله وانتشار أعماله الأدبية وغيرها، كما أننا لم نعرف نوعية الإساءة ومن هو المقصود بالإساءة وإذا كان الحجة بعدم إجازة تمثيل شخصيات دينية معينة فنحن نقول أن هذا التمثيل موجود " والتشابيه الشعبية " في العاشر من عاشوراء قبل هذا المسلسل يعاد تمثيلها وهو يعرض شخصية الحسين وأخيه العباس وباقي أفراد العائلة من خلال أفراد معينين وفي كثير من الأحيان نجد ملابسات وعروض لا تمت للتاريخ ولا لمأساة الطف الذي استشهد فيها الحسين وأخوته بما فيهم أخيه أبو بكر وصحبه فضلاً عن انتشار صور لعلي بن أبي طالب وأئمة آخرون بدون أن نسمع ولا تحذير أو فتوى بعدم التمثيل والتصوير وغيرها، ومن منطلق الحرص على كشف الحقائق لا بد أن يعرف المواطن العراقي حقيقة الشخصيات التي ساهمت في تشويه التاريخ ولا سيما نحن نعرف جيداً أن أكثرية الذين دونوه أو كتبوه كانوا تابعين للحكام ونقلوا سيرتهم من وجهة نظر وفق " وأطيعوا ولي الأمر منكم " أو الانحياز بدون أية حيادية وكل واحد منهم يذكر الحقب التاريخية من وجهة نظر منحازة وبعض الأحيان لعبت الطائفية وما زالت تلعب دوراً خبيثاً في التشويه والإساءة للتأثير على عقول المواطنين وتعميق قضية الطائفية لا بل تشجيعها على حساب مصالحهم المشروعة.

لقد عدنا إلى اسطوانة الاتهام الجاهز بالعمالة للموساد الصهيوني أو جهات كثيرة ونعرف جيداً أن مثل هذه الاتهامات لا تستند إلى الواقع وقولنا هذا لا يعني تزكية الموساد الصهيوني أو أي دولة استعمارية لأن مثل هذه الاتهامات المقصودة والتي لها أهداف غير الظاهرة تخفي الأسباب الحقيقية وبما أن المسلسل من إخراج السوري عبد الباري أبو الخير واشترك فيه الكثير من السوريين فهؤلاء بالتأكيد يحاذرون من مسالة " العمالة إلى الموساد الصهيوني أو أمريكا أو بريطانيا " وفي هذا المجال تتحفنا مع احترامنا لها النائب مها الدوري بالقول يقف خلفه أي المسلسل " الموساد الصهيوني " وتستطرد بدون أن تقدم لنا دليلاً مادياً واحداً على اتهامها "أن تراعي قناة بغداد المملوكة من قبل الحزب الإسلامي التي بثت المسلسل أن تراعي " الوضع الإسلامي لأنه يشهد الكثير من التحديات وهجمات شرسة تقف خلفها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا والثلاثي المشؤوم يريدون أن يشقوا الصف الإسلامي" وتنسى السيدة مها الدوري أن الوحدة أو اللحمة الإسلامية مشقوقة بسبب الحكام وأحزاب الإسلام السياسي أما الشعوب فهي بريئة وليس لها أي ذنب والذي يثير الفتن والشقاق والنفاق هو التوجه الطائفي البغيض الذي يثير الفتن بين أبناء الشعب الواحد وليس الأمة الإسلامية فقط، وللعلم أن هذه الضجة التي افتعلت سوف تزيد فضول الملايين من المسلمين وغير المسلمين لمشاهدة المسلسل ومعرفة السر الكامن خلف هذه الضجة وأسباب الموقف المعادي وكأنه يذكرنا بمواقف كثيرة أشهرت العداء للكتاب وعلماء ومثقفين لمجرد انه أرادوا إعادة كتابة التاريخ وتخليصه من الترهات والزائد الداخل عليه من كلا الجانبين ويكون بهذا قد حققوا حلم العدالة في السيرة والتراث بدلاً من هذا الحشو الممل المساعد للطوفان لكي يبثوا ما يريدون بثه لخداع وعي المواطنين والدافع للعداء الطائفي، فليس هناك من يقف بالضد من العدالة ويعضد الموقف المضاد للظلم والتخلف العقلي الرجعي الذي يحاول خداع عقول المواطنين، ولهذا نجد أن الضجة واللغط الذي صاحب نية عرض المسلسل تختفي خلفها تداعيات تخاف كشف الحقائق وإعادة ترتيب التاريخ الحقيقي بدون التمسك بقدسية احد من البشر الذي يعلم ما لا يعلم به الآخرون من البشر، فالحقيقة على الرغم من مرارتها في بعض الأحيان تكون البلسم الشافي للتخلص من التخلف وتحرير العقل الإنساني من الأوهام ومن مخلفات عصور الظلام وتخليصه من التقاليد التي فرضت عليه أو تلك التي اكتسبها فأصبحت وكأنها الدين نفسه، ومن منطلق المعرفة علينا أن نتذكر القول الحكيم " اطلب العلم من المهد إلى اللحد أو اطلب العلم حتى لو كان في الصين " فذلك يؤكد أن الإنسان يبقى أمام المعرفة قزماً صغيراً في معارفه القليلة والقليلة جداً.









 

 


 

free web counter