| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الأربعاء 19/10/ 2011

 

حجاج البرلمان العراقي والقوانين المسكينة المركونة

مصطفى محمد غريب

لا باس من العودة إلى مهام البرلمان العراقي ومسؤولياته التشريعية التي تفيد البلاد ولا تتركها تحت صيغ القوانين التي سنت في العهد السابق والتي لا تراعي فيها مصلحة الشعب بقدر مراعاتها لمصالح الحاكم المطلق والحزب الذي اعتبر نفسه فوق الجميع وعلى الرغم من أن البرلمان قد تقاعس ليس بالقليل لأسباب عديدة في مقدمتها عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسات وهناك سمة أخرى غياب مستمر لحوالي ما بين ( 70 و 75نائب ) حتى انه في أحسن الحالات لا يتجاوز انعقاده ( 255 نائب ) والمعروف أن عدد البرلمانيين العراقيين ( 325 ) برلماني وهذا ما يفرض على خزينة الدولة إهداراً يقدر بأكثر من ( 4.5 ) مليار دينار وقد نشرت مواقع ووسائل إعلام عديدة بأن رواتب البرلمانيين كلفت الدولة في الفصل التشريعي السابق ( 72 مليار و800 مليون دينار عراقي ) .

هذه اللمحة السريعة تجعلنا نفهم بشكل موضوعي أهمية البرلمان للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذه السلطة التشريعية تكاد أن تكون أحدى الشرايين المهمة لتطور الدولة وتقدمها وبخاصة إذا كانت هناك عقليات وطنية تريد بناء البلد وإقامة المجتمع المدني على أساس روح المواطنة، أما إذا كان الأمر غير ذلك فهذا يعني التخلف والمراوحة التي تجعل من البلاد عبارة عن سفينة تهزها الرياح لأنها بدون ربان أو بوصلة لمعرفة الاتجاه والطريق، وهذا يعني أيضاً إلحاق الأضرار بمصالح المواطنين في العراق وأكثريتهم من الفئات والطبقات الفقيرة والمحتاجة وأصحاب الدخل المحدود.

إذن البرلمان الحالي على الرغم من سعيه لإنجاز المهمات الملقاة على عاتقه فهو يحمل بين طياته برلمانيين لا يهمهم سوى مصلحتهم الشخصية ومدى الفائدة المادية من بقائهم في البرلمان، أسماء بدون أجساد حاضرة، ولو تمعنا في الغياب وعدم الحضور في الدورات السابقة لتيقنا أن الخلل الذي لازم عمل البرلمان في فصوله التشريعية السابقة يتحمله البعض من أعضاء البرلمان أنفسهم، الخلل وعدم أنجاز أوحل مشاكل المواطنين بتشريع القوانين اللازمة والضرورية على الرغم من وجود جهات تحاول تهميشه ودفعه للتعطيل على أنجاز عشرات القوانين المركونة على الرف ولا داعي لذكرها لأنها معروفة، بينما يسعى ( حسبما أعلن عنه ) حوالي ( 100 ) عضو للسفر لأداء فريضة الحج التي أصبحت بالنسبة للكثير من المواطنين عبارة عن حلم ولقد انتظار الكثيرون منهم أكثر من ( 4 أو 5 ) سنوات بدون الحصول على بارقة أمل في عدالة التوزيع والقرعة على الأسماء، فنجد البرلماني الجديد يستغل فرصة عضويته في البرلمان ليحقق حلمه بالسفر إلى بيت الله تاركاً خلفه عشرات القضايا تنتظر الإنجاز ولا اعتقد أي تشريع ديني يفتي بترك هذا النائب واجباته تجاه ملايين من المواطنين ليحقق رغباته الخاصة، لا يمكن أن يكون أي تشريع عادل يسمح بإهمال قضايا المواطنين وجعلها تنتظر لمجرد أن النائب يريد أن يثبت بأنه ملتزم ظاهرياً بالدين ولكن برغبة أنانية لا تمت إلى أصول الحج التي لها مقوماتها بأن يكون الحاج قد أرضى من اختلف معهم وطالبهم " بتبرئة ذمته " من التقصير، أليس هو التقصير بعينه بأن يقوم النائب بالحج على نفقة الدولة تاركاً خلفه إنجاز الحقوق التي تخدم المواطنين الذين ينتظرون بفارغ الصبر تشريعات القوانين وبسبب حجته يفرض حجة لا بالقانونية ولا التشريعية، كما أن النواب لم يخضعوا للقرعة كما هو سائد وأصبحوا فوق الشعب وقال السيد هاشم الموسوي أحد معتمدي السيستاني في رده على.. هل يحق للنواب أداء فريضة الحج بهذه الطريقة قال الموسوي" بالتأكيد أن النواب حصلوا على مقاعد أداء فريضة الحج بطرق غير عادلة حيث أن مقاعدهم حجزت سابقا وبالتالي لم يدخلوا في نظام القرعة المعتمد في العراق وهنا يكمن الإشكال الشرعي باعتقادي" ويكمن أيضاً خلف هذه القضية وعدم شرعيتها أنهم سيعطلون البرلمان عن عمله حوالي أكثر من ( 40 ) يوماً، أليس من عجب الأعاجيب أن تقوم لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في البرلمان العراقي بتخصيص ( 640 ) مقعداً للتوجه إلى العربية السعودية من اجل أداء الحج لعام ( 2011 ) وما حير في هذا الرقم الذي ذكرته العديد من وسائل الإعلام وأكدته الكثير من المصادر فهو يزيد عن عدد النواب بمرتين تقريباً، فهل أن لجنة الأوقاف والشؤون الدينية قد حسبت حساب الأحبة والأقرباء والنسباء والذين ليدهم خاطر عند البعض من المسؤولين؟ وهل اللجنة ستفكر بحصة زيادة لها من ( 6000 ) إضافة للحجاج العراقيين من قبل السعودية ؟ هذه اللجنة التي كان من الواجب أن تحس بالمسؤولية قبل كل شيء تجاه القوانين المهيأة للتشريع والكثير من القضايا والملفات التي تمس حياة البلاد الأمنية والاقتصادية والسياسية التي ستبقى على الرف أكثر من ( 40 ) يوماً لأن المجلس أعلن يوم الثلاثاء 11/ 10 / 2011 عطلته وكما يقال " والحبل على الجرار " ولو كان الأمر يفيد مثلما يقولون لقمنا بتعداد القوانين والقضايا والملفات المنتظرة وقد يطول انتظارها كما هي بالنسبة لعديد من القوانين وفي مقدمتها تعديل قانون الانتخابات وتشريع قانون الأحزاب وإلغاء قرارات ما يسمى مجلس قيادة الثورة بالنسبة للتنظيم النقابي العمالي في قطاع الدولة والمختلط، وقانون العمل وقضايا الضمان الاجتماعي وغيرها.. وغيرها، لكن كما أسلفنا سنكون كما هو (سيزيف) دافع الصخرة إلى قمة الجبل ولكن دون فائدة، ننصح ونكشف ونطالب ونصرخ ونلهث من الصياح والصراخ لكن لا فائدة، وعندما تظاهر وأحتج المواطنون على ما يجري من فوضى أمنية وفساد في قمة السلطة وحول الخدمات الرديئة وغيرها أنبرى رئيس الوزراء نوري المالكي والبعض من المسؤولين باتهام المحتجين والمتظاهرين بالبعثيين وعندما لم ينفع الاتهام راحت الاعتقالات والخطف والتعذيب والاعتداءات غير المشرفة لأي شخص ضد المتظاهرات من النساء وبعدما عرفت الدوافع تم اغتيال مهدي الهادي الذي حرر رسالة إعلامية نشرتها وسائل الأعلام كافة وجهها إلى رئيس الوزراء يكشف فيها من هم البعثيين السابقين المستريحين تحت الجناح وليس المحتجين والمتظاهرين الذي يهدفون لتصحيح مسار الأوضاع ويطالبون بالإصلاح ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات وإيجاد فرص عمل للعاطلين ولا أريد الإطالة فقد لا تكفي عشرات الصفحات، ونختصر بالقول أن من يريد أن يبني بلداً عليه أن يضحي ويجعل مصالحها فوق مصالحه الشخصية والحزبية، ومن يريد أن يحقق الديمقراطية والحريات عليه أن يكون ديمقراطياً وحراً من التأثيرات الخارجية والداخلية، ومن يريد الاستقرار للبلد والأمان للمواطنين عليه تنظيف الأجهزة المحيطة به والأجهزة الأمنية الأخرى.

إن تعطيل البرلمان ( 40 ) يوما وقد تعقبها والله أعلم عطل أخرى لا في الحساب ولا في الكتاب وحسب الظروف عبارة عن مضيعة لوقت العمل ووقت العمل مقدس عند الذين يعرفون أن العمل ساهم في تطوير الإنسان نفسه، وإن عمل البرلمانيين واضح في مجال التشريعات ودراسة الملفات وإنهائها وهو عمل ملزم فيه جانبين، وطني فيما يخص قضايا تهم الوطن مثل خروج قوات الاحتلال وقانون النفط والغاز وبالقلم العريض كل القوانين التي تحرر البلاد سياسياً واقتصاديا، أما الجانب الثاني فهو اجتماعي يلبي حاجات المجتمع الذي ينتظر التشريعات القانونية لكي لا تهضم الحقوق وتُغيب الحريات وتمنع التجاوزات من قبل السلطة التنفيذية وغيرها من القضايا، هكذا نفهم عمل البرلمان وعلى ما نعتقد انه أوسع مما ذكرناه بكثير جداً، فهل يتعظ المواطنون العراقيون في المستقبل عندما يدخلون إلى صناديق الاقتراع أم يبقى الحال على هذا المنوال؟ انه استفسار لكن في الوقت نفسه إجابة على ما آلت إليه الأوضاع وستبقى وربما تزداد سوء إذا لم نفقه ماذا يدور حولنا ونسلم رؤوسنا للذين يجيدون الحلاقة الانتخابية وحسب المودة فهم سيحلقون رؤوسنا حسب مزاجهم ومصالحهم حتى وإن ظهرنا مهرجين قرقوزيين.

 




 

free web counter