| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأربعاء 18/6/ 2008



الاتفاقية الطويلة الأمد حلم أمريكي قديم

مصطفى محمد غريب

أدلى الكثير من الكتاب والمثقفين العراقيين وغير العراقيين بدلوهم حول توقيع الاتفاقية الأمريكية الطويلة الأمد ولست بالضد من ذلك فلكل كاتب ومثقف وسياسي حرية ما يقول على شرط أن لا يسئ ويجعل من لسانه وقلمه أداة للقذف والإساءة وتشويه وتزيف الحقائق، المواقف التي ظهرت بخصوص الاتفاقية مختلفة ومتناقضة حسب مواقف وأفكار وانتماءات الفُرق، فريق من هذه الفرق ناقش كيف يمكن أن تكون الاتفاقية مقارنة بالأوضاع السائدة ؟ محاولين ترقيع المسودة التي قدمتها الإدارة الأمريكية سابقا، ثم أين تقع مصلحة العراق حتى لا تمس سيادته وان يكون سيد نفسه ؟ والكثير من المقترحات والآراء والأفكار صبت أكثرها في مجرى توقيع الاتفاقية ولكن أن لا تكون ضد مصلحة العراق وتتساوى المصالح بين الطرفيين! ( وقد يفهم من خلال هذه الطروحات أن العراق هو الذي احتل أمريكا وليس العكس ) أما الفريق الثاني فقد تطرف رافضاً بشكل تام الاتفاقية وطالب فوراً وبسرعة البرق خروج الجيوش ومعداتها العسكرية وتفكيك قواعدها، في اعتقادي أن حديث الفريق الأول رومانسي وجميل ولكن غير واقعي باعتباره يناقش القشرة وليس لبّ الموضوع أما الفريق الثاني فلم يدلنا على الطريق والأسلوب الذي يجعلنا ننجح كشعب له قيادة وطنية موحدة وقوية ، أما إذا تكرر الحديث رداً علينا حول المقاومة في التفجيرات والمفخخات والأحزمة الناسفة والخطف وقتل المواطنين من علماء ومفكرين وأساتذة وأطفال ونساء (تؤكد تقرير محلية ودولية مختلفة أن أكثر من ( 5 ) آلاف من العلماء والمثقفين والأكاديميين قتلوا أو هجروا فضلاً عن الحقن الطائفي فهو موضوع اضر العراق ولم ينفعه ولم يكن في مصلحة البلاد فقد عقد الأمور وزاد من ثقل هدف بقاء الجيوش الأجنبية وفي مقدمة هذه الجيوش الجيش الأمريكي كما سهل الاستعجال لفرض اتفاقية قد تكون سلاسل للتقيد فترات طويلة ولا ترتبط بالحرية والديمقراطية بأي رباط كان، كما أن هذه المقاومة وعلى الطريقة التي ذكرناها أصابت وتصيب هذه التفجيرات بالدرجة الأولى شعبنا وجماهيرنا الكادحة ولا تمتد إلى التجارب التي اطلعنا عليها في هذا المضمار والتي تدلنا على وقوف أكثرية الشعب بشكل حازم وداعم مع حكومة وطنية مخلصة لا يمكن أن تفرط بالمصالح الوطنية وهي مستعدة التضحية والفداء واستخدام جميع الأساليب الكفاحية بما فيها حمل السلاح من اجل استقلال الوطن وعدم المس بسيادته وحقوقه الوطنية وقد نجحت هذه الشعوب وطردت من بلادها القوى الاستعمارية ووفق الأساليب التي استخدمتها بما فيها المفاوضات ، نقول للفريق الأول الذي يريد ترقيع الاتفاقية الأمنية إن الجميع يعرف ويعلم علم اليقين إن الاتفاقية ستوقع واراهن على قولي ولن تتخلى الولايات المتحدة الأمريكية عن أهدافها ومصالحها ليس في العراق فحسب بل العالم اجمع أما العراق الدرة الثمينة التي حلمت منذ أوائل القرن الماضي أن تدخله بأي طريقة سلمية أو عسكرية فقد حقق لها صدام حسين وحزبه القومي حلمها القديم، وبعدما أصبح لها الدور المعروف فمن الخطأ الفاحش الاعتقاد بان الولايات المتحدة بعد كل الجهد الذي بذلته والخسائر البشرية والمادية ستترك العراق ولن تتدخل في شؤونه الداخلية ويخطأ من يحاول فلسفة الأمر وكأنه يعيش في دولة كاملة الاستقلال بقيادة تحظي بدعم أكثرية الشعب تستطيع أن تفرض شروطها ومواقفها ومطالبها المشروعة والمستغرب الغريب جداً ارتفاع بعض الأصوات بالاحتجاج الشكلي والتي كانت إلى الأمس القريب من دعاة توقيع الاتفاقية الأمنية كما كان البعض من هذه الأصوات ليست راضية على التوقيع فحسب بل موافقة على تواجد عسكري أمريكي على ارض البلاد ومهدئة دول الجوار بأنها لن تسمح لهذه القوات بشن عمليات عسكرية خارج حدود العراق مع العلم أن الاتفاقية السرية التي قدمت تؤكد على السماح للولايات المتحدة الأمريكية بشن عمليات عسكرية في العراق فكيف تمنعها من عدم شن عمليات أخرى خارج الحدود العراقية والأغرب من كل ذلك نجد المواقف المتناقضة في مواقف المسؤولين الحكوميين أو في قيادة الأحزاب التي تقود السلطة فمنهم من يرفض الاتفاقية ومنهم من يرى أن الطريق مسدود والفريق الآخر يرى الطريق مفتوح والرفض فقط لبعض الفقرات التي قدمها الجانب الأمريكي وفي مقدمتها عدد القواعد العسكرية الأمريكية والقواعد القانونية حول حصانة الجيش الأمريكي وفي آخر المطاف نجد أن المفاوضات مستمرة بين الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية من اجل تحقيق اتفاقية أمنية طويلة الأمد تُنَظّم الوجود العسكري ولا تنهيه بعد انتهاء العمل بقرارات الأمم المتحدة وبخاصة البند السابع والقرار 661 الصادر من مجلس الأمن عام 1990 الذي يعتبر العراق دولة تهدد الأمن والسلم الدوليين وهي لم تصل إلى طريق مسدود فالذي وافق على الاحتلال ثم وافق على تواجد أمريكي بأي طريقة كانت يوافق على عقد الاتفاقية ولكن يراد من كل هذه الضجة والمواقف المتضاربة شكلياً تشويه حقيقة المواقف وتعتيم الرؤيا وخداع الجماهير، وقد نشهد قريباً مواقف أخرى رافضة تحت طائلة السيادة الوطنية أو " لا يجوز أن يلحق الاتفاق أضراراً بمصالح الشعب والسيادة العراقية ويجب أن تأخذ بعين الاعتبار في جميع مراحل المفاوضات " لكن في النهاية سيجري توقيع الاتفاقية وستجهز وجود للقوات الأمريكية بنوع من حرية الحركة واعتقال عراقيين بدون الرجوع للقضاء بحجة الإرهاب وتحقيق الحصانة لها وعدم الإعلان عن جدول زمني لتخفيض القوات فضلاً عن استغلال المجال الجوي وكل ذلك بحجة عدم جاهزية القوات العراقية وتهديد دول الجوار في التدخل في الشؤون الداخلية وفي مقدمتها إيران، ولا نعرف إلى متى يستخف الحكام بالشعب؟ ولماذا لم يستفيدوا مما آل إليه مصير الحكام الذين استخفوا بشعوبهم؟ كيف يمكن توقيع اتفاقية مقترحة من قبل دول أخرى محتلة دون نشر بنودها بشكل واضح وشفاف على الرأي العام وعن الوفد المفاوض والنقاشات التي تجري وكشف الحقائق المتعلقة بمصير الوطن ومستقبله ومستقبل الشعب العراقي؟ عندما نؤكد أن الاتفاقية ستمرر فذلك وفق رؤيتنا إلى ضعف الوحدة الوطنية والخلافات الداخلية التي وصل البعض منها إلى السلاح ووجود المليشيات السرية وباعتراف البعض وعدم الخلاص كلياً من القوى الإرهابية .

إن التمنيات شكل والواقع الموضوعي شكل آخر ونجد أن بعض المتمنيين الذين يقولون " لو " بعيدين عن الموضوعية ، لو عملت الحكومة العراقية على تحقيق الوحدة الوطنية واعتمدت على قدرات الشعب واستطاعت الاعتماد على الأصدقاء في الخارج لو لو ولو.. الخ لكننا نرى بدلاً من " اللو " على الحكومة العراقية أن تعمل على تحقيق الوحدة الوطنية المفقودة وتعي أنها مسؤولة عن السيادة الوطنية وان تبتعد عن المحاصصات وتلتفت إلى الأوضاع المعيشية وتقدر أن أية اتفاقية تلحق أضراراً أكثر بالسيادة العراقية سوف تجعلها مسؤولة أمام الشعب والتاريخ وتعمل جهد الامكان تعزيز الاستقلال الوطني وعدم الموافقة على أي معاهدة تمس سيادة البلاد وتجعلها مرهونة وتابعة لقوى خارجية وبخاصة دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وعندما تحقق كل ذلك ستجد أن الشعب يساندها ولا يبالي بالتضحيات مهما كانت جسيمة حتى خروج آخر جندي أجنبي عن ارض الوطن.



 


 

free web counter