موقع الناس     http://al-nnas.com/

تدقيق اتهام سوريا واكتشاف شبكة إرهابية مرتبطة بالموساد الإسرائيلي في لبنان

 

مصطفى محمد غريب

الأحد 18/6/ 2006

منذ بداية الإعلان عن جريمة اغتيال رفيق الحريري ولحد هذه اللحظة لم تهدأ الزوبعة التي أثيرت ورافقت تلك العملية، وفي حينها أثيرت العديد من التساؤلات والاتهامات حول عملية الاغتيال، ومنذ الدقائق لا بل الثواني الأولى لعملية الاغتيال وجهت فوراً أصابع الاتهام إلى سوريا بدون أية تحقيقات أو حتى معرفة نوعية الانفجار وأدواته مما جعل المرء المتحكم بعواطفه يفكر ملياً ويستنتج أن هذا المؤشر " الإدانة الفورية " هل له غايات مسبقة وأهداف غير معلنة وفق مخطط يريد قسراً وبدون الوصول للحقيقة لتطبيق العدالة جعل سوريا في قفص الاتهام؟ وكي لا نتهم بتهم الأمزجة فنحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن سوريا ولا عن حكومتها بقدر اهتمامنا بتدقيق آليات الوقائع ومعطيات الاتهامات الجاهزة الفورية للوصول إلى حقيقة ما جرى في ذلك اليوم ، أو من هي الجهة التي كانت خلف الاغتيالات السابقة وما أعقبها من اغتيالات أخرى نالت شخصيات وطنية مهمة في مقدمتها الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي والصحافي والنائب في البرلمان جبران تويني.
لقد اثر ذلك الاتهام السريع والمنفعل بشكل واسع على مزاج الجماهير والمتعاطفين مع رفيق الحريري واستغلت هذه الفورة العفوية منذ بدايتها من قبل البعض وبخاصة ممن له مواقف مسبقة من سوريا في لبنان ويحمل كراهية لأسباب تخصه ولم تفت الفرصة لأولئك الذين راحوا يركبون موجة الاتهامات مما حدا بهم إلى ديباجة المقالات وطرح ما لديهم من ملاحظات تندرج في خانة الاتهامات حيث لم تكن تهدف إلى الوصول للمعرفة لا بل هي منذ السطور الأولى اصطفت مع الاتهام الجاهز بدون التمحيص أو التدقيق أو التفكير بوجود احتمالات أخرى قد تجعل المرء يعود عن ذلك الاتهام السريع المبني على تحليلات غير دقيقة ويفكر على الأقل بطريقة موضوعية ويحاول إيجاد الإثباتات المادية من اجل الكتابة الموضوعية بدون أي تحيز لا معَ ولا ضد سوريا أو أية جهة أخرى فمخاطر تشويه وعي الجماهير مسألة لها تداعيات عديدة في مقدمتها إمكانية ظهور الحقيقة المخالفة وعند ذلك كيف يمكن جعل هذا الوعي مرة أخرى يستلم الموضوعية دون تطير أو خداع أو ركض خلف الإعلام المنحاز الهادف والمبرمج لدعم أي حادث أو قضية يراد منها أن تسود أو تشغل الرأي العام ولو لفترة وجيزة كي تمرر مخططات أخرى اعنف واخطر من الأولى.
نقول هذا ونحن قد اطلعنا من خلال وسائل الإعلام وما نشره موقع ايلاف الالكتروني بتاريخ 14 / 6 / 2006 في موضوع " شبكة الموساد عالية الاحتراف وتعترف باغتيالات " هذا الموضوع المفصل الذي أشار عن إلقاء القبض على " شبكة محمود رافع المرتبطة بجهاز الموساد الإسرائيلي " حيث وزعت قيادة الجيش اللبناني/ مديرية التوجيه حول اكتشاف شبكة إرهابية تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية وقد قامت بالعديد من الاغتيالات على مدى سنين وان المنتمين لهذه الشبكة بما فيها الهاربين من وجه العدالة تدربوا في إسرائيل وخارجها كما تم الكشف عن قائمة مفصلة تحتوي على أجهزة متطورة تستعمل لغرض التفجيرات والاغتيالات ووضع عبوات ناسفة ووجود كمبيوترات من بينها كمبيوتر مصدر من إسرائيل ومعدات متطورة إسرائيلية بينها كاميرات متطورة لتصوير الطرقات ومناظير للمراقبة وألبسة عسكرية بما فيها بزة برتبة ملازم أول وذخائر حربية وآلات طابعة للصور الرقمية وأجهزة اتصالات خلوية على الخطوط الدولية ومكيف هواء مموه لإخفاء المواد المتفجرة وجهاز تلفزيون يتم ربطه بجهاز الشفرة الموجود في المنزل ورخص سياقة واخراجات قيد مزورة ومواد أخرى مختلفة تستعمل لعمليات الاغتيالات أو التفجيرات.
هذه المعلومات الغنية جعلتنا نعيد التفكير بقضية الاغتيالات التي حدثت قبل اغتيال رفيق الحريري ثم فيما بعد، وبالتفجيرات التي حدثت في لبنان حتى أثناء الحرب الأهلية القاحلة ومن خلال ذلك يبرز سؤال غاية في الأهمية
ــ هل يوجد طرف لبناني أو خارجي مخفي له مصلحة في اغتيال رفيق الحريري واغتيالات أخرى للتمويه؟
إذا كان الجواب ايجابياً بالقول ــ نعم ــ فمن الضروري تشخيص الجهة ووضع النقاط على الحروف، وإذا كان الجواب ــ لا ــ فما معنى وجود شبكة إرهابية أفرادها لبنانيين مرتبطين بقوى خارجية تكمن العداء التاريخي لسوريا؟ وهل هناك قوى سياسية لبنانية خلف هذه الشبكة بالإضافة للموساد الإسرائيلي؟ ولماذا هذه القوى تنشئ شبكات إرهابية في بلدان أخرى لا تخصها تخطط لخلق الفوضى والاضطرابات الأمنية ومحاولة الضغط على سوريا لموقفها من احتلال أراضيها من قبل إسرائيل؟
من هنا دعنا نقيم الحد بالعدل ولا نبرأ سوريا 100% ولا نتهمها فوراً وبدون أدلة مادية لأن المؤشر الموما إليه يجعلنا ثانية نرى في هذا الموضوع تشابك لمصالح استفادت من إزاحة رفيق الحريري بهذه الطريقة المأساوية، ولكن ليس عن طريق السيد عبد الحليم خدام الذي كان ضلعاً مهماً في السياسة الخارجية والداخلية لسوريا وهو كما معروف عضو القيادتين وليس عضواً عادياً في حزب البعث السوري ولهذا الرجل مآرب وأهداف عديدة لا نحب التطرق لها في هذا المقال وليس من باب الإدانة ولكن كان المفروض به أن يستقيل أو ينتحي بأي حجة كانت قبل هذه القضية منذ زمن طويل إذا كان ما يدعيه صادقاً وليس مناورة إعلامية وكسباً سياسياً ، كما لهذا الرجل مواقف متناقضة بتحالفات مع بعض الذين سماهم عندما كان في قمة السلطة " بالمجرمين الإرهابيين " و قد تؤدي المواقف إلى الطريق المسدود ونحن بحاجة إلى فتح الطريق أمام العدالة ومعرفة الجناة الحقيقيين .
باعتقادي أولاً: أن تلك الزوبعة والضجة وما رافقها من إعلام منحاز آحادي الجانب اضر بسير عمليات التحقيق لمعرفة الجاني الحقيقي أيَ كان، وعلى ما يبدو ان ذلك قد خطط له مسبقاً.. وثانياً: أن هناك جهات معينة داخلية وخارجية لها مصلحة في خلق الاضطرابات الأمنية للبنان وتنطلق هذه الجهات من مصالحها الداخلية وارتباطاتها الخارجية وهي متهمة باختراق الوضع الأمني في لبنان مثلما تتهم سوريا كذلك.. إلا أن الأخيرة والحق يقال يهمها أن يتمتع لبنان بالاستقرار ولو بشكل نسبي لأسباب تكتيكية واستراتيجية فعدم الاستقرار والاضطراب الأمني في لبنان، تريد سوريا أو لا تريد سيؤثر عليها ولا يخدمها وبخاصة أن إسرائيل ما زالت تحتل أراضيها والأراضي اللبنانية رغم انف المجتمع الدولي وانف الأمم المتحدة وأنف الجامعة العربية وإنوف جميع الحكومات العربية، إضافة إلى احتلال العراق ووجود الجيش الأمريكي الحليف الأكثر من شقيق لجيش الدفاع الإسرائيلي، وهذه القضايا وقضايا أخرى تعيها سوريا جيداً وتعرف مدى خطورتها على أمنها واستقلالها والمجازفة في شيء ممكن حله بطرق أخرى غير دراماتيكية ممكن، فلماذا هذا الطريق الوعر والمكشوف؟؟؟ لا اعرف إذا كنت قد أوصلت فكرتي بدون ان أحيد عن حيادي وموقفي الرافض لعملية اغتيال رفيق الحريري وجورج حاوي وجبران تويني والآخرين لأنها في العرف الإنساني والقانوني تعتبر جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون ان كان الجناة أشخاصا أو أجهزة أمنية أو إرهابية أو دولاً معينة.
القضية برمتها مازالت تراوح في مكانها والتحقيقات التي جرت لم تكشف الجهات المرتبطة بقضية الاغتيال لحد الآن وتقرير القاضي البلجيكي ( سيرج براميرتس ) لم يقدم أي شيء وهو تناول أمورا من بينها التمديد لقوى الطوارئ في لبنان لكنه لم يقدم أية إثباتات حقيقية لمعرفة من اغتال رفيق الحريري! والحملة باتهام سوريا بقت تُحرك هنا وهناك وهي متنوعة المسالك ولكن كما يقال ما زالت النار تعمل تحت الهشيم وما زال الاتهام بدون إثباتات مادية.. وسننتظر ونرى ولكل حادث حديث.