| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الخميس 18/9/ 2008



كاتم الصوت جريمة لاغتيال المثقفين العراقيين الوطنين

مصطفى محمد غريب

قد يبدو لأول وهلة إضافة أدوات القتل بأسلحة كاتمة الصوت شيء غير مستغرب وأمر اعتيادي في ظروف العراق الحالية لان القتل والاغتيال الفردي وبالجملة ووجود الجثث برؤوس أو دون رؤوس في الشوارع والمزابل والحدائق، رجال أو نساء أطفال أو شيوخ أصبح ظاهرة معروفة متداولة وفيها من الإلزامية التي اخذ المواطنون يتوقعونها بشكل يومي لا بل قد يثير استغرابهم عدم وجودها وبعد مرور الحدث يبدأ المواطنون بالتساؤل ، لماذا يحصل ذلك؟ ولمّ الحكومة عاجزة عن حماية الناس ؟ ولماذا يضاف جهنم ألاغتيال بكاتم الصوت إلى شحة المياه الصحية وانقطاع الكهرباء ودرجات الحرارة التي لا تطاق؟ لكن قضية الاغتيال بكاتم الصوت على الرغم من معرفتها في الأفلام الأمريكية حصراً وببعض الحوادث القليلة جداً أصبحت تدريجياً تثير اهتماماً خاصاً لان القتل فيه بدون صوت، فقط مجرد حركة من جلاد صغير يأخذ أوامره من جلاد أكبر أكثر إجراماً مثلما حال المعتقل الذي يعذب فلا يسمع صوته سوى جلاديه الصغار الذين يأتمرون من قبل جلادين أكبر وأكثر خبرة في التعذيب وهذا الأمر له إلزامية أخرى مثل التشخيص المبكر للذين يجب اغتيالهم فهم بالتأكيد مثقفين وعلماء وسياسيين وصحافيين ومواطنين مخلصين لوطنهم ومن خلال التحقيقات التي جرت وتجري حيث كشفت البعض من التفاصيل والمفاصل أن دولة في الجوار ارتأت بعد تعثر مشروعها في الحرب الأهلية الطائفية والمليشيات المسلحة الخارجة عن القانون إلى تدريب القتلة المجرمين الصغار على كاتم الصوت وتزويدهم بالمخططات والأسماء وبخاصة الذين يختلفون معها فكرياً ويعارضون تدخل دولتهم في الشأن الداخلي واتهامها بأنها تشجع القتل والتخريب على طريقتين الأولى دعم ومساعدة القوى التكفيرية الإرهابية بكل ما تستطيع إليه سبيلا وثانية إرسال السلاح والمتفجرات إلى المليشيات المسلحة التي تدرب معظمها على أراضيها وهذه التحقيقات لم تقم بها جهة واحدة بل عدة جهات منها مشاركة في العملية السياسية إما الحكومة فهي صامتة عنها كصمت القبور والسبب معروف لأنه ليس بالسر العسير هذا الصمت الذي يفسر من قبل الحس الشعبي هو التبعية المطلقة لهذه الدولة، اللجوء إلى كاتم الصوت عملية خطط لها كما تفعل المافيا في الأفلام الأمريكية وهذا المخطط أخذ أبعاداً جديدة بعدما كان الاغتيال بواسطة لعلعة الرصاص وأمام أنظار الشرطة والقوى الأمنية المخترقة من قبلهم أو وضع المتفجرات في الأماكن التي يرتادها المواطنون مثل الأسواق والمناطق الشعبية أو دوائر الدولة ودور العبادة وغيرها، هذا الطور في اتجاه معاقبة المخالفين في الرأي هو امتداد للعقلية الدكتاتورية والإرهابية والطائفية التي ترى في مخالفة الرأي جريمة يعاقب صاحبها بالموت أو السجن والتعذيب لكن هذه المرة ليس بيد الدولة كدولة بل بيد أولئك الذين يشغلون مناصباً وزارية وإدارية ويتحدثون عن الديمقراطية واحترام الرأي الآخر وحقوق الإنسان لكن ذيولهم المخفية راحت تعمل ليل نهار من اجل تشكيل فرق اغتيال مدربة بشكل جيد وبالحجة نفسها " مقاومة الاحتلال " لكن توجيه كاتم الصوت لصدور المثقفين ومنهم كامل شياع الذي ليس له ارتباط لا من قريب أو بعيد بالأجنبي ولا يشغل منصباً سياسياً وإدارياً كبير هو احد أهداف المخطط الذي اشرنا له وسوف يستمر في اغتيال المثقفين والعلماء والمفكرين والسياسيين والصحافيين الوطنين الذي يعملون فعلاً من اجل عراق ديمقراطي تعددي مستقل ويقفون بالضد من الذين يريدونه هامشياً يتدخل في شؤونه خارجياً للتأثير عليه وجعله تابعاً مضطرباً بدون جيش قوي أو مؤسسات أمنية وطنية مخلصة وهذا ما سعى القتلة وأسيادهم إليه خلال السنوات المنصرمة وبمختلف الوسائل والأساليب إلا أن الجديد في الأمر وبشكل علني في التهديد والوعيد والتحريض والتنفيذ قاد ذلك إلى كاتم الصوت الذي سوف لن يشبع رغباتهم الدموية المعادية للإنسانية، لن يشبع حقدهم وكراهيتهم وعدوانيتهم في الانتقام ممن يخالفونهم الرأي ويحاججونهم على أفكارهم المشبعة بالجهل والتخلف والرجعية لكن ذلك لن يشفع لهم فمكانهم التاريخي بجانب تاريخ كل القتلة الفاشيين والدكتاتورين والمتطرفين بجانب كل الذين بصقت عليهم الشعوب ووضعتهم في أماكنهم القذرة، لن يشفع لهم مهما حاولوا وقف عجلة التقدم والديمقراطية كي يتحرر الناس من الأوهام والضلالات والعادات المتخلفة ومثلما كان مصير أسلافهم في مزبلة التاريخ فسوف يتلقون النتيجة نفسها.

إن عوامل التغيير البديهية وتأثيراتها على الوعي الاجتماعي وقضايا التقدم والتطور لا بد أن تأخذ طريقها إلى أمام ولا بد أن يشيع العدل وتشيع المساواة بفضل القوى التنويرية التي ترى في الإنسان اثمن رأسمال وتعمل من اجل مستقبله واحترام توجهاته الفكرية والعقائدية والدينية ولن يقف أمام عجلة التقدم أي شيء ولا يمكن إرجاع الناس لا في العراق ولا في أي مكان آخر إلى عصور الظلام والتخلف والتبعية المطلقة والأوهام التي تنال من حريته وموقفه تجاه التطور القادم



 


 

free web counter