| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الثلاثاء 18/9/ 2007

 

 


المركزية أم الفيدرالية أصلح للعراق؟
 

مصطفى محمد غريب

منذ فترة غير قليلة يثار جدل مكثف حول " المركزية والفيدرالية " ايهما أصلح للعراق، أن تعود المركزية كما كان في السابق وحسب الادعاء أن يبقى العراق موحداً؟ أم يجري اختيار الفيدرالية حسبما نص عليه الدستور العراقي الجديد؟ وحسب الادعاء بأنها أي الفيدرالية ستحقق الوحدة العراقية بطريقة علمية وصحيحة، ولقد أدلى كل فريق بدلوه وقدم الحجج والبراهين على صحة موقفه إلا أن المشكلة الأساسية التي لم يعرها فريق المركزية بأنهم نسوا منذ قيام الدولة العراقية كان الحكم مركزياً يدار من قبل الحكام في بغداد وهم من فئة معينة على الرغم من تقسيم العراق إلى محافظات لكنها بقت تابعة بشكل مطلق للقرارات وخطط التنمية والبناء المركزية وجردت من الكثير من الصلاحيات حتى البسيطة منها وبقت المركزية مهيمنة على جميع المناحي الحياتية حتى سقوط النظام ألبعثي واحتلال العراق ولم تستطع هذه المركزية أن تتبنى سياسة متوازنة تهتم بالحريات العامة والشخصية وبالأسس الديمقراطية بل العكس ففي العهد الملكي كانت سياسة الإقصاء ومحاربة القوى الوطنية والديمقراطية وتعين رسمي لمجلس النواب أما خطط البناء والتقدم فالتاريخ يشهد أن البطالة والفقر كانا منتشرين بنسب عالية وان أكثر من 80% من السكان لا يمتلكون دوراً خاصة بهم مع العلم أن نفوس العراق كانت لا تتجاوز حينها ( 7 ) ملايين وقد أسست المركزية نظاماً تسلطياً غير متوازن من حيث العلاقة بالمحافظات الجنوبية أو إقليم كردستان أما بعد ثورة تموز 1958 وبخاصة انقلاب 8 شباط 1963فقد ساهمت المركزية في تعميق سياسة الاستحواذ حتى أنها وخلال ( 45 ) عاماً لم تنجز دستوراً دائماً للبلاد وشنت الحروب الداخلية على الشعب الكردي وقمع انتفاضة 1991والخارجية على جيران العراق فكيف يمكن أن نثق بتصريح عاصف سرت توركمان القيادي في الجبهة التركمانية العراقية ومسؤول مكتب لندن والمنشور في جريدة إيلاف الالكترونية بتاريخ 16 / 9 / 2007 " إلغاء الفيدرالية سيكون مفتاح وحدة العراق وكركوك ستكون صمام الأمان لأن الفيدرالية ستقسم العراق إلى كانتونات صغيرة كما يجب إبقاء السلطة المركزية في بغداد " ثم لماذا ينسى أن العراق وأثناء الحكم المركزي كان غير موحد إلا ظاهرياً وكيف نستطيع أن نثق بحديثه أيضاً عن استقدام ( 650 ) ألف كردي من تركيا وإيران وسوريا إلى كركوك هذا الكم الهائل من الإعداد البشرية التي تحتاج إلى جهود وطاقات وإمكانيات مالية هائلة لتأهيلهم وإسكانهم وإيجاد أعمال يعيشون منها ويفهم من جوهر التصريح المطالبة بإلغاء المادة ( 14 ) من الدستور التي تنص على تطبيع الأوضاع ومنها إجراء استفتاء الذي يعارضه عاصف سرت توركمان بحجة جلب الكرد وإسكانهم في كركوك بينما يجري التغاضي عن المقابر الجماعية وحملات الأنفال وتهجير عشرات الآلاف من الكرد والتركمان وغيرهم سابقاً من كركوك ونقلهم إلى جنوب وغرب العراق، من هذا المنطلق نرى أن المركزية المطلقة لم تكن إلا داء أصاب الجميع وفرق بينهم واتبعت سياسة غير ديمقراطية ولا إنسانية ولم تكن متوازنة ما بين الحقوق والواجبات فقد غلبتْ المركزية باستمرار الواجبات على حساب حقوق المواطنين وفرقت بينهم ومارست سياسة غير حضارية مما أدى إلى عشرات الاحتجاجات والانتفاضات والاعتصامات والاضرابات وحمل السلاح ضدها، أما الفيدرالية التي تعمل بها العديد من دول العالم في أوربا وأمريكا وغيرهما فقد برهنت على أنها كنظام سياسي اقتصادي اجتماعي أفضل بكثير من النظام المركزي المتشدد لشعوب تتكون من عدة قوميات وأعراق واديان وجمعت بينهم على أساس تقريباً المساواة بين الحقوق والوجبات وعدم تغليب المركزية والقرارات الفردية واستبدالها بعديد من الطرق الدستورية والقانونية التي تقوى من لحمة الشعب ومكوناته وألوانه، وعند المقارنة وبشكل حيادي مستقل نجد أن الفيدرالية هي الأصلح بالنسبة للشعب العراقي وبخاصة فيدرالية لإقليم كردستان وليس فيدرالية على أساس طائفي يخلق مناخات غير صحية يستدل منها على تقسيم العرب طائفياً" سني شيعي " بينما نجد أن التداخل الطبيعي بين العوائل والعشائر مما ينفي وجود نفس طائفي بين الأكثرية من شعبنا ويشخص الداء في الأحزاب الطائفية والتدخل الخارجي وبخاصة إيران في هذه الموضوعة، والفيدرالية التي تصاغ بشكل ديمقراطي متكافئ مع تعديل الدستور المشوه الذي يحمل العديد من المثالب وفي مقدمتها حقوق المرأة وحكم الشريعة وغيرهما ونبذ المحاصصة الطائفية ستكون بالتأكيد الخلاص الحقيقي من الاضطراب الأمني والمليشيات الطائفية المسلحة وخروج القوات الأجنبية من البلاد أما المركزية على طريقة النظام الشمولي السابق أو المطالبة بعودة الأوضاع إلى ما قبل سقوط النظام التي يطالب بها البعض فهي القرار الفردي المتحكم الذي لم يستطع خلال عقود طويلة من ترتيب البيت العراقي ولم يساعد في حل المشكلات والمعضلات التي جابهت البلاد بل العكس فقد ساهم في تعميقها وترسيخها خلال تلك الفترة وسوف تتبع السياسة القديمة نفسها بينما يحتاج الشعب العراقي إلى تلاحم حقيقي مقبول وموضوعي وبإرادة الأكثرية .