| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأحد 17/9/ 2006

 

 

نعم لقد نطق القاضي عبد الله العامري بجملة حق على الرغم من انحيازه

 

مصطفى محمد غريب

عندما سأل صدام حسين المشتكي في قضية الأنفال بقوله " لماذا كنت تريد المجيء لرؤيتي وأنت تصفني بالدكتاتور" رد القاضي عبد الله العامري رئيس المحكمة الجنائية العليا الخاصة وهو يبتسم ابتسامة غريبة وأتمنى أن يدقق إذا سمح المجال كل الذين لم يشاهدوه وهو يبتسم قائلاً " لا أنت لم تكن دكتاتور ولكن الناس من حولك جعلوك دكتاتوراً" فهو قد قال الحقيقة بدون رتوش ونطق بالدلالة والإثبات بأن الشخص لا يمكن لوحده أن يصنع من نفسه حاكماً دكتاتورياً تسلطياً إلا بمساعدة خارجية تكمل الذي بين جوانحه والذي ينقصه من تسلط واستعلاء وحب للأذية والقسوة المفرطة وتعاونه على اكتساب الموقع والسلطة بطرق عنفية بربرية يبررها له من حوله وكأنها طرق ثورية وقومية، وان الذين يصنعون الدكتاتور يعرفون جيداً نفسيته وشخصيته وكيف يمكن ضخه بوسائل التمكين والتفرد وكيف تكون الطرق والأساليب ولهذا يختارون ما هو مناسب لاستكمال شخصيته وتهيئة الوقت المناسب ثم الاستمرار في دعمه وتأييده ولهذا نجد لجميع الطغاة الدكتاتوريين والقادة الفاشست العنصريين مساعدين وأعوان وأحزاب تجاريهم على طول الخط ولا تنطق بكلمة حق بل تنطق الباطل ومن ورائه غاية باطلة شريرة تبرر بمختلف الحجج وفي مقدمتها "كلمة حق يراد بها باطل"
صدام حسين ومنذ طفولته وحسب ما رواه أكثر من شخص عايشه الأحداث الأولى كان شقياً يمارس العنف مثلما يمارس الأطفال هواياتهم البريئة وكان خاله يعرف إلى أين سيصل بهذا الولد حينما مكنه من اغتيال احد أولاد عمومته وحسب رواية لإبراهيم الزبيدي صديق طفولته أن المغدور به الحاج سعدون كان قبل ساعات من اغتياله قد ساعده بمبلغ من المال ، واستمر مسلسل العنف عنده ووظف فيه حسن البكر الاندفاع أكثر في ممارسة العنف والجريمة فزجه في عملية اغتيال المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم وهو لا بالقيادي أو الكادر المتقدم في الحزب بينما نجد كل الذين اشتركوا في عملية الاغتيال كانوا أعضاء في القيادة القطرية لحزب البعث العراقي ومن خلال مسيرته نلاحظ إن هنالك دائماً أشخاصاً من حوله يسهلون له المهمات ويرتبون له الممارسات وينفذون الرغبات الكامنة فيه ويصعدون فيه حب الذات المطلقة ويصورونه بطلاً قومياً منقذاً لا بل على المستوى العالمي لا يختلف عن أولئك الذين سجل لهم التاريخ بطولات معروفة وبهذا القدر الهائل من التشجيع لغرطسته والطاعة العمياء والتفنن في إظهار الولاء راحت نفسية الدكتاتور تتضخم وتتسع ليقوم بتصفية أي قيادي في حزبه يضاهيه في الفهم والإدراك والشهرة وتخلص منهم فردياً وجماعياً، جماعياً أعضاء القيادة القطرية ورفاق دربه من عدنان الحمداني ومحمد عايش وغيرهم الى عبد الخالق السامرائي وآخرين حتى آخر المطاف بالتخلص من الذي رباه وساعده وقدمه والذي كان يناديه بالأب القائد حسن البكر، ولم نجد أحدا قد نجا حتى إذا قدم النصيحة له ليتخلص منه على الفور وهو القائل أنني اعرف من العيون كيف يفكر الشخص الآخر، ولا أريد الاستطراق وجرد كل ما قام به خلال حياته والحروب التي أمر بها ومتابعته لكل شاردة وواردة بواسطة عيون الآخرين الذين من حوله من أعضاء قياديين وكوادر متقدمة معروفة أو قادة المؤسسات الأمنية والعسكرية الذين أصبحوا ضحاياه بعد ذلك كانوا يصورونه بالقائد الفطحل العظيم والمدرك والمحمي بالجن الذي يعرف كل شيء ويقدر كل شيء.. نعم من هنا نستطيع أن ندرك لماذا قال له القاضي عبد الله العامري " أنت لم تكن دكتاتورياً... الخ " وهو الدكتاتور المعروف المصنوع داخلياً قبل أن يكون عالمياً حتى من اقرب المقربين له ، وبما أن لديه عقدة الاستكبار والتسلط والغرطسة وحب الذات حتى الجنون.. دكتاتور معروف بالسادية الدموية وبأوامر استعمال الكيمياوي والابادة الجماعية فقد مرت عليه الجملة وكأنها شهادة للمدح فرد "شكراً" بينما لو فهم صدام حسين الجملة ودققها لوجدها مذمة له وكأنه إمعة استطاع من حوله أن يجبله بطريقة التصنيع البسيط ليكون بهذه الهيئة وهذه الشخصية أقول لو أدرك الجوهر لاحتج وطالب بعدم إهانته وأعوانه والذين من حوله فقد مثله القاضي كقرقوز صنع بطريقة مضحكة ويحركه الذين من حوله كيفما يريدون .. أليس كذلك؟
أخيراً كوننا كنا مستفزين فلم نعر أهمية لجملة القاضي عبد الله العامري الذي كان قد تصرف بدون حكمة قانونية وظهر انحيازه الكامل مع المتهمين بالابادة الجماعية ولم يكن حيادياً وهذا مما جعل الكثيرين يتهمونه بمختلف التهم وهو لا يعفيه من قوله انه لا يسمح بالتجواز في المحكمة لأنه سمح لصدام ورهطه بالتجاوز والإساءة ضد المشتكين وضد الشعب الكردي واتهامهم بالخونة والعملاء كقول صدام وهو يهدد " سنسحق رؤوسكم يا خونة " أو التهديد الوقح للادعاء العام سنلاحقك داخل المحكمة أو خارجها. وعلى ما يبدو لم يستفد القاضي العامري من مجريات محاكمة الدجيل ولم يستمع لنصائحنا بضرورة تطبيق القوانين والأصول القضائية في المحكمة مما جعل المدعي العام والعديد من القانونيين الطلب منه للتنحي عن منصبه كرئيس للمحكمة الجزائية العليا الخاصة، وقد نكون مع الطلب إذا استمر القاضي بمساواة الضحية مع الجلاد.