نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأحد 16/7/ 2006

 

 

لن تستطيع إسرائيل إنجاح المشروع السياسي المعد للبنان والمنطقة

 

مصطفى محمد غريب

يثير الكثير من الاستغراب التصعيد العسكري الإسرائيلي الخطير في توسيع رقعة الحرب بالضد من الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة بعد عام 1967 وكذلك لبنان باعتباره عدواناً بربرياً يتنافى مع جميع المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية وهو بالتأكيد لن يستطع تركيع الشعبين وتحطيم إرادتهما في السعي لإقامة الدولة الفلسطينية التي تؤمن بالسلام وتعترف بالحقوق المتساوية وكذلك إعادة الأراضي المحتلة من لبنان وإمكانية خلق ظروف طبيعية ليس في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة فحسب بل في المنطقة وإنهاء حالات التوتر والكف عن الأعمال العسكرية وممارسة العنف الذي يولد بالضرورة العنف المضاد.. وهنا لا يستغرب المرء من المواقف المتطرفة للعقلية العسكرية الإسرائيلية التي مازالت ترى أن الظروف لم تتغير ما بين عام 1967 وعام 1973 وعام 1982 وفي الظروف الراهنة وقد راهنت على التنفيذ الذي جاء على قضية اختطاف الجندي الإسرائيلي في غزة أو الجنديان في إسرائيل من قبل حزب الله وهي التي تخطف وتحتجز وتسجن المئات بطرق لا إنسانية ومخالفة لجميع الأعراف والقوانين الدولية ولا يوجد من يحاسبها بل هناك الدعم الأمريكي المستمر وإبعاد الإدانة الدولية عنها وعن أعمالها بواسطة الفيتو الذي أصبح جثة نتنة انتشرت رائحتها العفنة في انوف الجميع لكثرة التكرار، فاختارت طريق التدمير الشامل للبنى التحتية وبهذا جعلت من قضية الجنود قضية ثانوية وكان بالامكان اختيار طرق عقلانية للوصول إلى حلول بدلاً من العنف والعنف المضاد وما سيسقط من ضحايا بين الأبرياء من الفلسطينيين واللبنانيين والإسرائيليين أنفسهم ولكن غريزة العدوان وطائلة هذه الحجة وحجج أخرى لتبرير عدوانها على الفلسطينيين واللبنانيين وتهديداتها ضد الشعب السوري وكأنها تستطيع الدخول في مواجهات الكتل الشعبية الجماهيرية التي تختلف عن تلك التي كانت في سنوات الحروب السابقة لما تمتلكه من وعي فكري جديد وسلاح في اليد وهنا يكمن الفرق الشاسع بين الفترات التي ذكرناها ، فإذا كانت الجيوش النظامية فقط مدربة على السلاح وتحمله لوحدها فإن أكثرية المواطنين مدربين ويحملون السلاح لا بل يصنعون الأخطر منه وباستطاعتهم مقارعة اكبر قوة نظامية مسلحة وبخاصة إذا كانت قضية الدفاع عن الوطن تتصدر هذه المعارك ، فإذا نجحت إسرائيل في قصف البنى التحتية المدنية في البلاد لحين فإنها ستدفع الثمن غالي لمجرد محاولاتها لتكرار أعمالها الاحتلالية العسكرية كما كانت في السابق وسترى أنها لعبت في الوقت الضائع ولم تحسب للأمور حسابها وإذا استمرت في القصف ضد المدنيين الأبرياء فهناك قضية أخرى في مقدمتها تحشيد الطاقات البشرية والمادية مهما كانت متواضعة لكنها ستبقى اكبر من الامكانات البشرية والمادية الإسرائيلية بعشرات المرات وقد تطول هذه الحرب بشكلها التقليدي ، والاقتصاد الإسرائيلي لا يحسد عليه فهو ليس على حافة هاوية الانهيار فحسب لكنه المنهار حقاً وحقيقة.
ان دولة إسرائيل وحكومتها ومندوبها في مجلس الأمن تدعي إنها تدافع عن نفسها من الإرهاب وتمنع الاعتداءات عن أراضيها وهي نكتة ضحلة لا تستحق الضحك لأنها تعتمد على الكذب المكشوف والدجل المعروف أما الرئيس الأمريكي دبليو بوش الذي هو رئيس أقوى دولة في العالم وعضو أساسي في مجلس الأمن ويتحمل أمام البشرية والأجيال القادمة مسؤولية تاريخية والذي كان من المفروض أن يطالب بوقف القصف الإسرائيلي وحل المشاكل عن طريق المفاوضات فيصرح "أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها" وفي المقابل فهو يغلق عينيه وأذنيه وفمه عن حق طبيعي للفلسطينيين أو اللبنانيين أو السوريين الدفاع عن أنفسهم، بينما تقف حكومات أكثرية الدول العربية موقف اللامبالاة أمام حرق وتدمير غزة ولبنان محتجين بشماعة " حزب الله وصواريخه والجنود الإسرائيليين" لكنها تدير رؤوسها عن الفانتوم والبوارج والصواريخ والدبابات الإسرائيلية ودعنا ونسألهم ونسأل كل أصحاب الضمائر ــ من هو الذي يحتل أراضي الغير بالقوة من مزارع شبعا اللبنانية وأراضي الجولان السورية إلى الضفة والقطاع بعد حرب 1967 ؟ من هو الذي يشن حرباً غير متكافئة ضد شعب اعزل يحارب بالحجارة فقط؟ من هو الذي يملأ سجونه بالسجناء والمحتجزين لا بل من هو الذي يحتجز شعباً بأكمله ويقسم أراضيه بواسطة جداره العنصري؟ ومن هو الذي تنصل ويتنصل عن تواقيعه على الاتفاقيات ومعاهدات السلام لمجرد تغيير الحكومة؟ وهل قصف المستشفيات والمدارس والطرق والجسور والمصانع والمعامل ومحطات الوقود والمباني والمطارات المدنية والمرافق الاقتصادية والمدنية وقتل الأطفال والنساء والشيوخ يقع ضمن خارطة الإرهاب أو محاربتة ؟ عن أي إرهاب تتحدث إسرائيل وهي دولة صغيرة لا تتعدى نفوسها الخمسة ملايين لكنها " تطز " على المجتمع الدولي وجميع قراراته وعلى العالم اجمعه مادامت ماما أمريكا خلفها تساندها ظالمة أو ظالمة وظالمة حتى النخاع؟ عن أي إرهاب تتكلم الفطائس! إرهابها كدولة تحتل أراضي الغير بالقوة وبالضد من المواثيق الدولية؟ أم عن الذين يدافعون عن حقهم في دولة وطنية مسالمة وعن أراضيهم ومزارعهم وأرواحهم؟
لقد سبق واشرنا عن المشروع السياسي المعد للبنان بعد اغتيال رفيق الحريري ومن سير الأحداث وبعد تعثره وعدم تحقيقه فهل تقوم إسرائيل الآن بنفخ الروح من أجل إنجاح ذلك المشروع السياسي البديل في لبنان ونجاحه في المنطقة عن طريق هذه العنجهية العسكرية المفتعلة؟ ولماذا لا إذا كان البعض موافقاً ضمناً وان لم يعلن عن موافقته علناً.
إننا في الوقت الذي ندين قتل الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وغيرهم ندين أيضاً عمليات القتل ضد المدنيين الإسرائيليين ومثلما نقف ضد الإرهاب في العراق نقف ضده في أي مكان آخر وتحت أية مسميات أو جهات تستهدف المدنيين وتخريب البنى التحتية ، إن كان الإرهاب من قبل منظمات أو دول تدعي الديمقراطية وتمارس الإرهاب تحت يافطاتها البراقة..
ان تدمير كل شيء يعتبر بربرية ووحشية يجب الوقوف ضدها والعمل على إيقافها واللجوء للمفاوضات لحل المشاكل والمسببات بالطرق السلمية على ان لا تغمط الحقوق المشروعة لأي طرف كان ! أما إدانة الضعفاء المدافعين عن أنفسهم لدفع الخطر من الأقوياء المعتدين ولو لحين فذلك مذلة ما بعدها من مذلة.