| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأحد 15/3/ 2009



مع مَنْ ستكون المصالحة الوطنية وكيف؟

مصطفى محمد غريب

منذ سنين وبخاصة بعد السقوط والاحتلال أصبح الحديث عن المصالحة الوطنية شاغل سياسي يشغل العديد من القوى إن كان في قيادة الدولة والعملية السياسية أو من خارجهما وكل فريق يدلوا بدلوه مطالباً بها لكن الأمر بقى عصياً على فهم الكثيرين بعدما عاشوا العديد من المؤتمرات والاجتماعات والدعوات التي اهتمت بالمصالحة بدون نتائج ملموسة على أرض الواقع أو تحقيق بعض التقدم إلا اللهم تلك التصريحات عن لقاءات تحدث بدون تحديد القوى المجتمعة ولهذا أولاً لنبدأ من الطريق الصحيح حول المصالحة الوطنية مثلما أشرنا التي أصبحت في كل مناسبة على لسان رئيس الوزراء وكبار المسؤولين والبعض من ممثلي التنظيمات في الخارج وكأنها زادهم اليومي والسؤال الذي نطرحه وننتظر منهم الإجابة ـــ مع مَنْ ستكون المصالحة الوطنية وكيف وعلى أي أساس ؟ هذا الاستفسار ليس للإحراج بقدر ما هو معرفة ماذا يراد من المصالحة الوطنية ومع مَنْ ! يجب أن تكون وأي طريق لها مع العلم كلنا تابعنا العديد من المؤتمرات والتجمعات التي عقدت للمصالحة لكن لحد هذه اللحظة لم نعرف المعنيين وحتى الحاضرين ما عدا ممثلين عن السلطة وإلى الآن لم نحصل على توضيحات كافية عن الحضور أو نوع الاتفاقيات وظلت في إطار التصريحات والإعلام، إنه استفسار موجه إلى السيد المالكي أولاً وثانياً إلى الذين يطالبون أو كل من يكتب ويطالب بالمصالحة بدون تحديد الإطراف التي يجب أن تتصالح معها الأحزاب الرئيسية الحاكمة في العراق، أو أن المصالحة بالمعنى العام أي للاستهلاك التكتيكي ولا يهم في نظر البعض أن كانت هذه الجهات تتحمل جزء أو كامل المسؤولية التاريخية لما حدث في العراق على الأقل منذ أن تولى حزب البعث العراقي السلطة بانقلاب غريب في 17 تموز 1968 والحقبة التي تلت الاحتلال حتى الوقت الراهن وبالمعنى الأكثر وضوح هل يعني غض النظر عن الجرائم التي ارتكبت والخراب الشامل الاقتصادي والبشري والمسؤولين عنه؟ أما إذا كان التوجه مثلما أكد عباس البياتي أو النائب رضا جواد تقي من الائتلاف العراقي الموحد بان رئيس الوزراء لم يذكر المصالحة مع حزب البعث الصدامي لأن هذا الحزب محظور دستورياً وعلى ما يبدو أن الذي عناهم السيد المالكي البعثيين كأفراد منفردين وكمواطنين عراقيين ومنحهم فرصة لمزاولة نشاطهم الإداري والوظيفي فكيف نستطيع فهم اللاتطابق مع تصريح وزير الحوار الوطني أكرم الحكيم الذي قال فيه " العمل على المصالحة مع البعثيين السابقين كان مخططاً له مسبقاً مع رئيس الوزراء " إلا أن التوجه على ما يبدو لحزب البعث قيادة قطر العراق الذي اتخذ سوريا مقراً له وكان من القوى المعارضة لصدام حسين والنظام السابق وكان ضمن العديد من التحالفات والاتفاقات مع قوى المعارضة العراقية المختلفة، قومية وشيوعية وإسلامية وفي مقدمتها لجنة العمل المشترك ، هذا التوجه لم يكن سراً فقد أعلن عنه من قبل العديد من المسؤولين في الائتلاف العراقي على شرط عدم نسيان ضحايا النظام السابق ولا نعرف إلى حد هذه اللحظة منهم ضحايا النظام السابق لأننا نعتبر أكثرية الشعب العراقي هم الضحايا وليس طرفاً أو طرفين أو حتى ثلاثة أطراف مثلما حصل في محاكمات أقطاب النظام السابق كل طرف أرد الانتقام لنفسه ولترضية أعضائه ومؤازريه مع العلم كان من الضروري عقد محكمة شاملة في البداية لما أصاب أكثرية الشعب العراقي من أضرار وفواجع ومآسي وإرهاب الدولة وسياستها التدميرية والحروب الداخلية والخارجية حتى لو كانت محكمة سياسية وجنائية في الوقت نفسه! إذن وحسب رؤيتنا هناك مفهومان مطروحان للمصالحة على الساحة السياسية، الأول ــ مصالحة مع القوى المعارضة للاحتلال وللعملية السياسية وهي معارضة سلمية وربما هناك من له قوى مسلحة ضد الأمريكان ولم تتلطخ يديه بدماء العراقيين وحسب تأكيد رضا تقي " انضمام عدداً من الذين لا يؤيدون ولا يؤمنون بالعملية السياسية الجديدة إليها " أي المصالحة الوطنية، أما المفهوم الثاني ــ الذي تتبناه بعض الأطراف المشاركة في العملية السياسية وبخاصة البعض من جبهة التوافق وقوى خارجها ومن العديد من الاتجاهات والانتماءات فهو يسعى لتأهيل حزب البعث الصدامي وإعادته إلى الحياة السياسية ووفق شروط طرحها التنظيمان (تنظيم عزت الدوري الذي نعاه تنظيمه قبل فترة وعاد فأحياه والقائل مؤخراً " لا مصالحة مع الجواسيس مخربي العراق ومبيدي شعبه ( هزلت حتى النخاع وكأنهم يحادثون أناس في المريخ) ( وتنظيم يونس الأحمد ) وهو أمر معقد بسبب مواقف هذين التنظيمين وصراعهما للاستحواذ على ما تبقى من الكعكة وتلطخ أيديهما بدماء العراقيين وتعاونهما مع القاعدة والمنظمات التكفيرية وبعض المليشيات المسلحة، فضلاً عن وجود هدف آخر وهو فصل تنظيمات الداخل لهذين التنظيمين عن الخارج بسبب المسعى الجاد للبعض لتفعيل عملية المصالحة الوطنية وهو ما يشار له ـــ أن لا مصالحة مع الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين، أذن ومن خلال هذا السائد يبقى مفهوم المصالحة الوطنية طافياً على السطح بدون مضامين حقيقية ويخضع بالتالي أما للمصالح التي تسعى بعض الأطراف لها أو أنها غير واضحة الرؤيا ويراد من خلفها هدفاً آخر ففي الأول ــ نجدها مسعى لكسب الوقت وإخضاع ملابسات تعقيد الأوضاع السياسية والأمنية للتخدير والحصول على مكاسب جديدة، أما الثاني ــ فهو لا يحدد ما معنى المصالحة وقد يبدو صادقاً لكنه بدون رؤيا واقعية ولا تحديد الأطر الصحيحة الواضحة والسير بها قدماً بدون تخوف أو خجل أو على الأقل توضيح المقصودين بالمصالحة ، للإجابة على السؤال الذي طرحناه في المقدمة يتوجب الجواب عنه قبل كل شيء بتحديد القوى الفاعلة المعنية المدعوة بأسماء التنظيمات والأشخاص بعيداً عن التعميمات التي تجعل الآخرين يضربون كفاً بكف ويخمنون والبعض يضيفون ما يرونه مناسباً لتحليلاتهم ويستنتجون ويخلطون الأوراق، وتبقى الأمور عالقة ما بين النية الصادقة لمصالحة وطنية شاملة تهدف إلى تعبئة جميع المخلصين الوطنيين الذين يسعون لانقاد البلاد وليس القتلة المحترفين في القتل على أسس تفعيل المشاركة الحقيقية في تكافؤ الفرص في جميع المجالات دون تهميش وإقصاء على أساس الدين والقومية والعرقية وعزل القوى والمنظمات التكفيرية الإرهابية والمليشيات والمجموعات الخاصة المسيّرة من الخارج التي تهدف لقتل العراقيين فقط بحجة الاحتلال والخلاص من المحاصصة الطائفية وتثبيت أسس الديمقراطية في بناء الدولة ومؤسساتها على معايير القانون ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وضمان الحريات الشخصية والعامة وتداول السلطة سلمياً وما بين الحديث المجرد وعدم اكتمال الرؤيا عن المصالحة الوطنية واتخاذها كشعارات تخدع وعي المواطنين وتدفعهم بعد ذلك إلى عدم الثقة والتراجع كما حدث في الانتخابات لمجالس المحافظات حيث لم يشارك في التصويت حوالي نصف القادرين على الانتخابات من المجموع العام بسبب الشعارات والوعود غير الصادقة وهي دلالة وتجربة حيّة يجب أن يؤخذ بها وتستفيد منها القوى الدينية السياسية التي كانت تراهن على المحاصصة الطائفية في الانتخابات السابقة ثم عادت لتراهن على الوطنية والمواطنة على الرغم من استمرار تحالفاتها الطائفية وهم اليوم المنادون بالمصالحة الوطنية لكنهم لم يبينوا الخطوط الواضحة والمقدمات الواقعية للانتقال إلى التطبيق الفعلي لكي يتم تفويت الفرصة على الذين يرفعون عقيرتهم بالتصدي واتهامهم بالتهريج واستغلال الوقت والشعارات لكن دون التطبيق وهو تكتيك مرحلي وليس بالاستراتيجي.



 


 

free web counter