| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 15/3/ 2011

 

لائحة حقوق الإنسان والاعتقال والتعذيب في العراق

مصطفى محمد غريب

الحديث عن الاعتقال والتعذيب في سبيل الحصول على اعتراف قسري طريقة اتبعت منذ سنين طويلة وتطورت وأصبحت أكثر عصرية منذ بدايات القرن العشرين لتصبح نهجاً ثابتاً للحكومات التي تهيمن على السلطة وتظهر العداء السافر للمعارضة حتى لو كانت سلمية وهذا النهج الذي أصبح شائعاً في التعامل الحكومي والأجهزة البوليسية القمعية لم تسلم منه أية دولة ولهذا بدأت موجة من المواقف المضادة واعتبرت الاستمرار في هذا النهج جريمة لا يمكن السكوت عليها بيد أن التطور الحاصل على المجتمع الدولي والمطالبة الواسعة بعد الإطلاع عن كثب على ما قامت به النازية في المانيا فقد جرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 وبعد استكماله مع وثيقة الحقوق المدنية والسياسية ووثيقة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966 فقد شكلت الوثائق الثلاثة " لائحة الحقوق الدولية " وحددت المعاني الدولية فيما يخص هذه الحقوق وجرى التأكيد على العديد من البنود التي تؤكد على حرية الإنسان باعتباره خلق حراً وله الحقوق الكاملة المتساوية وبدون تمييز وأشارت الوثيقة الدولية على حق الحياة والأمن الشخصي والتساوي أمام القانون بما فيها الحصول على محاكمات عادلة بدون فرض عقوبات بسبب الدين والجنس والقومية والعرق والفكر وحتى ظروف عمل إنسانية عادلة " ومنعت العبودية والاستعباد والتعذيب" وأشارت الوثيقة بكل وضوح إلى منع الاعتقال التعسفي والعقاب الجسدي والنفسي واعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أهم الوثائق الخاصة بحق وحرية الإنسان ولهذا تبنته الأمم المتحدة وأصبح لهذه الوثيقة حيز مهم في القانون الدولي ووقعت عليها الكثير من الدول ومن المفارقات أن العراق وقع عليها باعتباره من الدول المؤسسة للأمم المتحدة وعلى هذا الأساس فهو ملزم بهذه الوثيقة الدولية ومن الواجب عدم خرقها في التعامل مع المواطنين العراقيين لكن ذلك لم يشفع لهم حيث مارست الدولة دائماً سلطتها القمعية ونهجها التعسفي قبل وبعد التوقيع ولم تلتزم ببنود هذا الإعلان ولا بمواده أل " 30 " وعلى امتداد الحكومات المتعاقبة تبين ذلك بشكل لا يقبل النفاق السياسي أنها لم تكترث بلائحة حقوق الإنسان وازداد الخرق والتجاوز والاضطهاد وحجب الحريات والاعتقال الكيفي بدون سند قانوني بعد استلام السلطة من قبل البعث العراقي في ( 8 شباط 1963 ثم بعد 17 تموز 1968 ) حيث مورس الاعتقال التعسفي واستخدام التعذيب الجسدي حتى الموت أحياناً والتعذيب النفسي الذي يدفع للجنون وللأمراض النفسية الحادة وتنفيذ الإعدامات بدون محكمات عادلة وحتى أحياناً محاكمات حزبية من قبل قيادة حزب البعث العراقي.

بعد احتلال العراق وسقوط النظام اتبعت معايير غريبة ولا إنسانية ولم تحترم إدارة الاحتلال والقوات المحتلة بما جاء في هذا الإعلان وتبعتها الحكومات العراقية المتعاقبة خارقة هذه الوثيقة التي أخذت قوة القانون الدولي وكلنا يتذكر أعمال التعذيب غير الإنسانية التي جرت في سجن أبو غريب والضجة التي عمت الأوساط العالمية وإدانتها من قبل العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان وكشفت تلك العمليات القذرة التي مارسها الجنود الأمريكان مدى الاستهتار بالقوانين الدولية وحتى القوانين الأمريكية التي تمنع تعذيب المعتقلين والضغط عليهم مما اضطرت إدارة الجيش الأمريكي والإدارة الأمريكية إلى تقديم من ثبت بحقهم ممارسة التعذيب إلى المحاكم ونال البعض منهم العقوبات اللازمة وطوت القضايا الأخرى التي كان المفروض بها إدانة ليس الجنود المنفذين لعمليات التعذيب وتقديمهم للمحاكمة فحسب بل أولئك الكبار من الضباط والمحققين الذين اختفوا خلفهم، ولم تنته عمليات التعذيب بعد قيام الحكومات العراقية أنما بقى نهج تعذيب المعتقلين وبشكل عشوائي ديدن المحققين والذين يمارسون التعذيب لنزع الاعترافات وتنوعت الاعتقالات على أساس طائفي وما بين وجود السجون العلنية وأخرى سرية كشفت عنها منظمات عديدة وفي مقدمتها منظمة العفو الدولية وأعلنت عن وجود سجون سرية إضافة للعلنية يتعرض فيها المعتقلين لأنواع التعذيب والمعاملة السيئة بصورة منهجية للحصول على اعترافات قد تكون أكثريتها مفبركة لكي تستخدم لإدانتهم وذكرت أرقاماً مهولة كشفتها المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان بما فيها منظمة العفو الدولية وإن غالبية السجون السرية تديرها وزارتي الداخلية والدفاع ويخضع نزلائها إلى المعاملة اللاإنسانية من قبل الحراس والمحققين وعلى الخصوص تلك السجون الطائفية لتأخذ منهم الاعترافات القسرية ثم يأتي دور المحكمة الجنائية المركزية وتدين على الأغلب المتهمين الذين انتزعت منهم اعترافاتهم بالتعذيب المختلف، وتؤكد منظمة العفو الدولية أن هذه الإجراءات لم تبق في حدود الرجال فحسب بل هناك انتهاكات ضد الأطفال والشيوخ والنساء فضلاً عن وجود تقاعس في إطلاق سراح من لم تثبت إدانتهم أو انتهاء محكومياتهم وأكد ذلك وزير العدل العراقي مؤخراً حيث أشار إلى إطلاق سراح ( 1217 ) سجين كانوا يتعرضون إلى الابتزاز من قبل " ضعاف النفوس " على الرغم من " أكمال التحقيقات أو محكومياتهم " وهو نوع من التعذيب النفسي الذي يمارس ضد حتى من لم تثبت إدانتهم وحسب جواب وزير العدل عن عدد الموقوفين فأكد يتراوح ما بي ( 24 إلى 25 ) ألفاً إلا إننا نشك في الأرقام المذكورة بسبب عدم معرفتنا عدد السجون والمعتقلات السرية وأعداد المعتقلين فيها فمنظمة العفو الدولية أعلنت عن وجود ما لا يقل عن ( 30 ) ألف معتقل " لم تصدر بحقهم أحكام قضائية " ما عدا دائرة الإصلاح العراقية التابعة لوزارة العدل التي تمتلك ( 32) سجناً في مختلف المحافظات و ( 3) سجون مخصصة للنساء في بغداد ومحافظة ذي قار ومحافظة المثنى حيث أعلنت هذه الدائرة مؤخراً عن إغلاق سجن الشرف في منطقة الخضراء وحسب تأكيد الدائرة " بسبب مخالفة معايير حقوق الإنسان الدولية " وتزداد الخشية على أرواح المعتقلين والموقوفين يوما بعد يوم فقد أشير على العديد من الحالات التي أدت إلى موت البعض منهم وهو ما يجب فضحه والوقوف بالضد منه.

لقد أعربت مؤخراً منظمة العفو الدولية في 10 / آذار / 2011 عن خشيتها على تعرض المعتقلين المناهضين والمتظاهرين خلال الاعتقالات الأخيرة في ساحة التحرير أو أماكن أخرى في العراق وأفادت تقارير منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان أن " مجموعة من المتظاهرين ما تزال مفقودة اثر اعتقال أفرادها الأسبوع الحالي في بغداد " وأبدت المنظمة تخوفها من تعرضهم للتعذيب وفعلاً قد جرت ممارسات التعذيب على البعض وهو ما جاء على لسان النائبة الدوري أثناء استجواب رئيس الوزراء في البرلمان التي أكدت على تعذيب البعض من الصحفيين المعتقلين وإجبارهم على توقيع تعهد بعدم المشاركة في المظاهرات كما لم تستثن النساء من الضرب العلني بالهراوات والشتائم البذيئة ولم يختصر الاعتقال في أماكن تواجد المتظاهرين والمحتجين بل أن هناك أشخاصاً تم اعتقالهم أثناء عودتهم إلى بيوتهم والبعض من الصحافيين اعتقلوا أثناء تناولهم الطعام في مطعم في الكرادة وينقل المعتقلين إلى أماكن غير معروفة والبعض منهم يتعرض للإهانات والضرب من قبل رجال الجيش ( ممكن رؤية الرابط أدناه الذي نشره موقع الحوار المتمدن ومواقع أخرى
http://ahewar.org/rate/sy.asp?yid=3899 ) مما يزيد المخاوف لإخفائهم مدد طويلة أو اختفائهم إلى الأبد وقد أدلى البعض من المعتقلين بتصريحات فور إطلاق سراحهم تؤكد تعرضهم للتعذيب بما فيها تلقيهم صدمات كهربائية والاعتداء عليهم بالضرب والتهديد بالاغتصاب والإهانات بسوقية لا تدل على ما يقال من قبل المسؤولين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بعدم ممارسة التعذيب والعنف ضد المعتقلين، وإذا ما تأملنا في الأسباب المؤدية للاعتقال نجدها بسبب التظاهرات والاحتجاجات السلمية غير العنفية التي لا تطالب بإسقاط الدولة وإسقاط رئيس الوزراء بل بالاستقرار الأمني ومعالجة تدهوره ونتائجه وبمحاربة آفات الفساد والمفسدين والرشاوى ومعاناة المواطنين من الفقر والبطالة وغياب الديمقراطية الحقيقية التي بقت مجرد شعار يتغنى به المسؤولين الحكوميين وغياب الخدمات وعدم إيجاد فرص عمل والإعلان عن ندمهم المشاركة في الانتخابات وعلى وجه الخصوص لمن انتخبوهم الذين لم يبرروا ثقة ناخبيهم ولم يبالوا لحقوق المواطنين في مجلس النواب أو الحكومة الحالية.

إن الخرق الفاضح لحقوق الإنسان المخالف للإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعد جرائم أمام القانون والرأي الداخلي والعالمي وان المعيار الحقيقي لأية دولة تدعي الديمقراطية والتعددية والفيدرالية الالتزام ببنود الإعلان وتطبيقه على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقضائية والقانونية بشكل صحيح وإلا سيبقى الكلام عن حقوق الإنسان والديمقراطية مجرد حبر على الورق


الرابط يخص تعامل البعض من أفراد الجيش تجاه المعتقلين وضربهم بالأيدي وبالأقدام حتى قبل التحقيق
http://ahewar.org/rate/sy.asp?yid=3899








 

free web counter