| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الجمعة 15/5/ 2009



داء الرشوة فساد إداري متواصل

مصطفى محمد غريب

الرشوة كما يقال دين المفسدين وموضوع الرشوة موضوع قديم وهو داء يحتاج إلى علاج جذري وحلول واقعية وليس إعلامية وتهريجية فحسب لأن هذا الداء يحمله طرفين الأول هو الضحية التي تراه حلاً لمشكلة أو قضية ما تخدم مصالحها لإنجاز معاملاتها وتخليصها من العراقيل بعدما تجد هذه الضحية أن العدالة غائبة والطريق المستقيم قد سد أمام قضيتها وتحتاج إلى مفتاح لفتح القفل، والثاني هو المفسد الأكثر ضرراً وطفيلية لأنه يخرق القانون ويكسب كسباً لا شرعياً مستغلاً وظيفته أو مسؤوليته أو موقعه في الدائرة أو الوزارة المعينة فيساوم على إنجاز معاملات المراجعين وله خطوط وأشخاص في الدائرة أو الوزارة أو خارجهما يسهلون مهمته ويقاسمونه المعلوم، هذا الداء القديم لم يكن مستفحلاً ومنتشراً بشكل واسع لا في العهد الملكي ولا العهود التي تلته بل والحقيقة تقال قد استفحل وأصبح ظاهرة مرئية أكثر من كونها سرية في السابق أبان الحكم الثاني لحزب البعث العراقي الذي جاء بانقلاب 17 تموز 1968 وبخاصة بعد أن تولى صدام حسين السلطة بإزاحة البكر من رئاسة الجمهورية وفي ظل الحصار الاقتصادي بعد احتلال الكويت بالذات وتصاعدت هذه الظاهرة لتعم كل جوانب الدولة ومرافقها من مراكز والشرطة إلى الجيش إلى السلطة القضائية والتربية والتعليم وأكثرية دوائر الدولة ويقال في تقيم الفساد إذا أصبح القاضي مرتشياً وهو المطبق للقانون والمعلم مثله وهو المسؤول عن تربية الأجيال فقل على تلك الدولة ألف سلام وهو ما حصل لهذين الموقعين المهمين في العهد البعثصدامي، هذه الظاهرة لم تنته بعد سقوط النظام البعثصدامي بالاحتلال الأجنبي بل استمرت وتفشت وتزايدت في الوزارات والدوائر المهمة مما شكل ظاهرة من ظواهر الفساد الإداري فليس بالامكان إنجاز معاملة بشكل طبيعي ووفق أصول زمنية بل هناك عراقيل جمة توضع أمام الإنجاز ولهذا نجد دفع الرشوة يكاد أن يكون الحل الوحيد أمام الكثير من مراجعي الدوائر الحكومية وبعض الدوائر وصلت نسبة حوالي 79%من مجموع المراجعين الذين دفعوا الرشوة لإنجاز معاملاتهم هذا ما ذكره استطلاع أجرته هيئة النزاهة العامة التي وزعته على وسائل الإعلام عن العديد من دوائر الدولة وأشارت الهيئة أنها أخذت عينات من المراجعين الذين راجعوا ( 10 ) دوائر حكومية فظهر حسب ما نقلته الهيئة أن(35.79%) منهم " دفعوا الرشوة لإنجاز معاملاتهم " وذكرت تلك الدوائر بالأسماء وبخاصة ( دوائر الجنسية ـ الجوازات ـ الضريبة ـ التقاعد ـ التسجيل العقاري في الكرخ والرصافة من بغداد كما قسمت النسب فيها حتى وصل في دائرة التسجيل العقاري في الرصافة / بغداد " إلى " 48.45% " كما بين الاستطلاع نسب الرشاوي في دائرة التقاعد العامة إلى " 25.58% "ولقد كان الاستطلاع الموما إليه عبارة عن تأكيد لما أشارت له القوى الخيرة من أحزاب وشخصيات وطنية ومثقفين ومئات الآلاف من المواطنين العراقيين الذين ذاقوا مرارة الغبن والتهميش في النظام السابق ليواجهوا مشكلة الضغط من خلال الروتين والبروقراطية والترهيب والمعاملة غير الإنسانية وسرقتهم علناً وجهاراً وهم لا يملكون إلا الرمق القليل لحمايتهم وحماية عوائلهم الفقيرة لكنهم يدفعون مضطرين للإسراع في إنجاز معاملة في التقاعد أو دوائر الجنسية والجوازات ودائرة التسجيل العقاري وحتى الذين كانوا مفصولين سياسياً أو مسجونين بتهم سياسية فقد كانوا ومازالوا يواجهون أما التبليغ بأنها فقدت وهو تبليغ كاذب لهددف خبيث أو عرقلت أضابيرهم ولم تجمع مدة احتساب الخدمة إلا بعدما دفعوا الرشوة لأصحاب الشأن من المسؤولين في تلك الدوائر فظهر المفقود وفتح الطريق أمام العراقيل أما في مجال النفط والشركات الوهمية فحدث بلا حرج، والحديث في هذا المجال طويل وبخاصة إذا تابعنا الفساد في العديد من أجهزة الدولة والوزارات وفي المحافظات فليس من المستغرب أن تشير الأصابع إلى العديد من الأسماء والشخصيات والمسؤولين الحكوميين في دوائر الدولة وفي مجالس المحافظات الذين يجلسون في قمة الفساد وحسبما تشير إليه المعلومات هناك اتهام لـ ( 93 من كبار المسؤولين الحكوميين بضمنهم 15 وزير) هذا المعلن لا يتضمن المستور المخفي الذي يتضخم كغول جشع يهدد الدولة برمتها ويدفعها أكثر للانزلاق مرة أخرى نحو هاوية التردي والخراب وتدمير الاقتصاد الوطني وهو ليس بالغريب وتحت طائلة مسؤولياتهم الوظيفية انتشار الرشوة والمحسوبية والمنسوبية وإذا ما القي القبض عليهم تفبرك قضيتهم وتتعالى أصوات من يحميهم بأنها تهم سياسية كيدية وباعتقادنا أنه صراع غير مبدئي بين البعض من الكتل أو البعض من الذين ينتمون إليها للحصول على اكبر قدر من المال العام بدون وجهة حق وبمخالفات قانونية تصبغ بقرارات شرعية فاسدة وهم يتسابقون من اجل النهب بدون أي رادع لضمير أو وجدان ولهذا يتطلب ردع هؤلاء وغيرهم من المفسدين بإجراءات قانونية صارمة لمنعهم من سرقة أموال الشعب وما هو مفرح حقاً إذا صحت المعلومات التي أدلى بها النائب في البرلمان العراقي سامي العسكري بان المالكي سيوقف بعض الحالات في المادة ( 136) من قانون المحاكمات الجزائية التي تمنع تسليم المتهمين والمفسدين من موظفي الدولة إلا بموافقة الوزير فإذا كان الوزير هو رئيس الحرامية فعلى الدنيا السلام وقال العسكري " إن الأيام المقبلة ستشهد تقديم عدد كبير من المسؤولين بمختلف الوزارات المتهمين بالضلوع في عمليات الفساد المالي والإداري للقضاء" وليس بالخطأ بل من العدالة ملاحقة المفسدين الذي يتقاضون الرشاوى ويسرقون المواطنين في حقهم بإنجاز معاملاتهم وتقديمه للقضاء أيضاً لأن بناء دولة القانون يحتاج إلى جهود حكيمة وصارمة بتطبيق القانون بحق أولاً المسؤول الكبير وبالتالي الموظف الأصغر هؤلاء الذين يستغلون مناصبهم ومسؤولياتهم الحكومية ويعيثون فساداً في مرافق الدولة، أنه لمن المخجل والعار وأنت ترى هذا الكم الهائل من المرتشين في دوائر الدولة بشكل عام على الرغم من تحسين رواتبهم التي كانت في زمن النظام السابق شروى نفير، إنه التردي المزمن في أخلاقهم ولهذا قيل أن الرشوة عقيدة المفسدين في الحياة.
 


 

free web counter